السلطات المتعددة للموبايل ( البنية السطحية والبنية العميقة )(1)


ياسر جابر الجمَّال
2024 / 1 / 20 - 16:13     

لم يكن لأحدٍ أن يتوقع أن تصبح التقنيات الحديثة لها تلك السلطات المتعددة في الوقت الحالي، ومن الصعب أن نتخيل ما ستؤول إليه في المستقبل؛ فهي تسيطر على معظم سلوكيات الحياة وتؤثر على كافة المجالات. ونجد في مقدمة تلك التقنيات المؤثرة ( الهاتف النقّال أو الموبايل) بكافة فئاته.
لقد أصبح ( الهاتف النقّال ) البديل الأمثل في مختلف المجالات، فنجده يُستخدم كوسيلة للتسلية ولقضاء أوقات فراغ ممتعة، بل تعدى الأمر ذلك حتى أصبح عصَبُ الحياة التي نعيشها، فبه نتواصل مع الآخرين، ومن خلاله نتعرف على الأخبار المتنوعة، سواء أكانت أخبارا رياضية أو اقتصادية أو سياسية..إلخ، وسواء أكانت تلك الأخبار مرئية أو مقروءة أو مسموعة، وبه نتعلم وننهل من المعرفة، وبه نُسجّل أهم لحظات حياتنا سعيدة كانت أم تعيسة.
ليس هذا فحسب فالموبايل أصبح ضمن شركات العمل والتوظيف ومن خلاله يمكن أن يجني المرء الأموال، ويصبح من الأثرياء.
إذا ظللنا نُعَدّد استخدمات الموبايل فإنها لاحصر لها، فقد استطاع هذا الجهاز البسيط أن يدمج عشرات الاختراعات الأخرى بداخله، مما أدى إلى إمكانية استبدال العديد من الأجهزة بهذا الجهاز الصغير؛ لأنه ببساطة يوفر لنا خدمات تلك الأجهزة بصورة أيسر وأسرع.
فمثلا يمكننا استبدال كل من التلفزيون، ورسائل البريد، والكاميرات التقليدية، والتليفون التقليدي – الأرضي-، والكاسيت، وكاميرات تصوير الأفلام والمسلسلات والأعمال الدرامية، والمونتاج ، والكتابة، و التفريغ الصوتي وغيرهم؛ بالهاتف المحمول.
ولا زالت شركات الـ ( اندرويد ) و الـ ( أيفون ) يعملان على تطوير برامجهم لإخراج نسخ من الهواتف النقالة أكثر تحديثًا فتمارس بدورها سلطات أكثر على حياة الإنسان.
هذا الذي ذكرته تقديم بسيط عن عالم الخيال، عالم الهواتف النقّالة التي لا نعرف عنها إلا البنية السطحية، التي تكلمت عنها في السطور السابقة، أي الاستعمال السطحي للموبايلات أو استعمال غير المتخصصين في مجال التكنولوجيا والتقنية، هؤلاء هم العوام في عالم التكنولوجيا كما يُسمي الفقهاء غير المتخصصين في علوم الشرعية بالعوام بالنسبة لهم .
أما إذا انتقلنا إلى البنية العميقة، فهي التي نقصد بها عمل أهل التخصص في البرمجيات والتقنية، وهؤلاء أقسام.. فمنهم من اخترع الجهاز بصورته البدائية ومنهم من قام بتطوير هذه الأجهزة، ومنهم الذين يدرسون هذه التقنية من الخارج فقط وليس لهم سلطة في تغيير مسارها إلا باختراقها أو محاولة محاكاتها، ومنهم الذي يستخدم هذه الأجهزة في أعمال كبرى عميقة كالبرمجيات، والصناعات الكبرى .
هذا عرض موجز للبنية السطحية والبنية العميقة للموبايل، والتي من خلالها أصبحت التقنية تمارس سلطاتها المتعددة التي أصبح الإنسان على إثرها تابعًا وليس متبوعا.