تاريخ مصر في -أمام العرش- نجيب محفوظ


رائد الحواري
2024 / 1 / 15 - 00:50     

اللافت في هذا الكتاب طريقة تقديمه، فقد استخدم السارد مقاطع قصيرة لا تتجاوز ثمان صفحات على أقصى حد، جاءت على شكل محاكمات/جلسات يتم الحديث فيها عن الشخصيات المصرية، بحيث تتحدث الشخصية عن نفسها، ثم يتم توجيه الأسئلة/الاستفسارات/الاتهامات لها، تبدأ من مينا أول من وحد مصر إلى أنور السادات، والسارد يستخدم الحيادية في عرضه لهذه الشخصيات، بحيث يتيح لها حرية التحدث بصورتها والدفاع عن نفسها، ونلاحظ أن هناك شبه تقديس (للمصرية) التي يعتبرها السارد أهم معيار لرفع شأن الشخصية، حتى أنه يعتبر أن خروج عبد الناصر إلى القومية العربية وحركة عدم الانحياز يمثل ضعف في شخصيته ويحسب عليه: "ولكن اهتمامك بالوحدة العربية فاق اهتمامك بالوحدة المصرية" ص193، فالكتاب يقدس المصرية وكل تجاوز لها يحسب على الشخصية، من هنا يمكننا القول إننا أمام كتاب مصري بامتياز، يقدم التاريخ المصري من خلال شخصيات فاعلة ومؤثرة، بحيث يمكن للقارئ أن يتعرف على مسار التاريخ المصري من خلال هذه الشخصيات.
وإذا علمنا السارد اعتمد الاختزال والتكثيف في تناوله للشخصيات، وأنه قدم بطريقة سهلة وسلسة بحيث يستمع بقراءته، إن كانت في جلسة أو في عدة جلسات، نصل إلى نتيجة أن الكاتب كان سابق عصره، فقد قدم مادة تاريخية بشكل/بطريقة جديدة غير معهودة، تتجاوز طريقة تقديم التاريخ، بحيث جمع بين الشكل الأدبي وبين التاريخ في قالب جديد.
الكتاب من منشورات مكتبة مصر، القاهرة.