رقم وجرس وأنا


روني علي
2024 / 1 / 15 - 00:49     

دعك من ذاك الجرس اللعين
أيها الشقي المدفون في كفي
كن هنا ..
تحت ترهلات أجفاني
كن هنا ..
في فراغات أسناني
كن هنا ..
بين تجاعيد وجهي الهارب مني
ولا تضغط حين الغروب
زر الاستيقاظ
دعك منه
هو العمر المعلق بين عقارب الساعة
هو آخر رشفة من فنجاني النازح بين الضباب
هو آخر شطر من قصيدة
في رثاء الجمال
هو آخر جرعة في كأسي المكلوم
دعك منه
ولا توقظ فيه نبض الانتقام

دعك من قلب صفحات الوجع
في قطار مر من هنا
وأطلق صافرته الأخيرة
والنازح لم يكتب بعد
سيرته الذاتية
قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة
من أوتاد خيمته
ماذا لو كتب رحتله ..؟!
ماذا لو أكمل سيرته ..؟!
ماذا لو شهق في محنة الزفير ..!!
ماذا ...
ماذا ...
أظن أنه كان في آخر عربة من القطار
حين اصطكت اسنانه بعكازته
وهو يلوح بنظارته
للريش المتطايرة فوق سماء بلده

دعك من التلقين بين الجموع
فالساعات الأخيرة من النبض .. مخصية
ولا ساعات توقظ المقابر من غفتلها
دعك منه
إلي حين الوداع بنايٍ
إلى حين التلويحة الأخيرة بأغنية
إلي حين تسدل أجفاني بحفنة تراب
سأرحل حينها
وفي المدى ..
صهيل الجياد
شدو الرعاة
زقزقة القبرات
آهات عيشانا علي
وعبق التوت من دشتا سروجه
إلي بها ..
قيثارة تعزف من رئتي
صوت كوباني
صمت كوباني
أهازيج كوباني
ونحيب كوباني
قبل القيامة بيومين
وبعد القيامة بطول طوابير النازحين

دعك من تلك الجثة المرمية فوق فوهة المدفع
دعك من تلك المغروزة في شقوق الأرض
دعك من تلك الغارقة في عرض البحر
دعك من تلك المرتجفة تحت معطفي
دعك منها
هي ليست جثي
جثتي لم تزل هناك وحيدة
ممدة تحت شجرة توت تتوسط دارنا المنسية في كوباني
تتأمل في السماء
وتعد النجوم نجمة نجمة
تنتظر حفار قبور
ضاعت عدته في ليلة القيامة
ولم يزل يحصي القبور .. قبرا قبرا
ويفتش بين الاسماء عن اسمي
دعك منها
وازرع في مقبرة الشهداء شاهدة .. برقم
يحمل كل الاسماء واسمي
يحمل كل الجثث وجثتي

١/٩/٢٠٢٣