تساؤلات بقراءة الآية 3 سورة آل عمران


يوسف يوسف
2024 / 1 / 10 - 20:11     

في هذا السياق / ورد العديد من الآيات التي ضم نصها مفردة " الكتاب " وبصيغ مختلفة ، وقد أخترت الآية التالية ( نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيل / 3 سورة آل عمران ) ، وذلك حتى تكون محور بحثنا .
الموضوع : أولا لنفسر الآية - فقد جاء في تفسير الطبري ، التالي ( القول في تأويل قوله : نَـزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ . قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه : يا محمد ، إنّ ربك وربَّ عيسى وربَّ كل شيء ، هو الرّبّ الذي أنـزل عليك الكتاب يعني بـ" الكتاب " ، القرآن " بالحق " يعني : بالصّدق فيما اختلف فيه أهل التوراة والإنجيل ، وفيما خالفك فيه محاجُّوك من نصارى أهل نجران وسائر أهل الشرك غيرهم " مُصَدّقًا لما بين يديه "، يعني بذلك القرآن ، أنه مصدّق لما كان قبله من كتب الله التي أنـزلها على أنبيائه ورسله ، ومحقق ما جاءت به رُسل الله من عنده. لأن منـزل جميع ذلك واحد ، فلا يكون فيه اختلاف ، ولو كان من عند غيره كان فيه اختلاف كثير . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: " مصدقًا لما بين يديه ". قال : لما قبله من كتاب أو رسول . حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: " مصدقًا لما بين يديه "، لما قبله من كتاب أو رسول . / نقل من موقع القرآن وبأختصار ) .
القراءة :
أولا - الذي يهمني من الآية ، هو المقطع الأول " نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ " ، الذي ذهب المفسرون / كعادتهم ، بعيدا بمخيالهم الفقهي بتفسيرهم - بأن الذي أنزل عليك " الكتاب " ، هو ربك ورب عيسى ! ، غافلين ذكر باقي الأنبياء ! .. ولكن كل ذلك يمكن أن نعلله ، بأن الأمر مفهوم من سياقه . المهم ما هو الكتاب الذي أنزله الله / عن طريق الوحي ، الى محمد ! . هذا الأمر وضعنا في حالة من اللبس ، لأن الذي نزل على محمد ، كان آياتا ، وليس كتابا ! ، حتى وأن فسر الفقهاء / ترقيعا ، أن المقصود بالكتاب هو القرآن ، ولكن حتى أن هذا الأمر لا يستقيم ، لأن القرآن لم ينزل على محمد ، وأنما نزلت على محمد آيات ، جمعت وصنفت بعد عقود لتصبح مصحفا ! / وهذا الأمر به الكثير من اللغط والشكوك ! .

ثانيا - وفق المفسرون ، أن الوحي ، كان يحمل بيديه كتابا ، فقد جاء في موقع / الأسلام سؤال وجواب ، التالي (( وَقع عِنْد ابن إِسْحَاقَ فِي مُرْسَلِ عُبَيْدِ بِنِ عُمَيْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ : ( أَتَانِي جِبْرِيلُ بِنَمَطٍ مِنْ دِيبَاجٍ فِيهِ كِتَابٌ قَالَ اقْرَأْ . قُلْتُ : مَا أَنَا بِقَارِئٍ) ، قَالَ السُّهَيْلِيُّ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ : إِنَّ قَوْلَهُ ( ألم ذَلِكَ الْكتاب لَا ريب فِيهِ ) إِشَارَةٌ إِلَى الْكِتَابِ الَّذِي جَاءَ بِهِ جِبْرِيلُ حَيْثُ قَالَ لَهُ ( اقْرَأْ ) " انتهى من " فتح الباري " (8/ 718) .)) . كل ما سبق هو تفسير المفسرين .. والتساؤل (1) هل أن وحيا من الله ، الله العالم بكل شئ ، يحمل كتابا بيده ، ويقول للرسول أقرأ ، ومحمد وفق المعتقد الأسلامي كان أميا ! . فهل الله لا يعرف من سيبعثه نبيا أنه لا يقرأ ، (2) وهل الوحي بكل نزول يأتي محمدا بآية مكتوبة بكتاب ! ، (3) وهل الوحي يتكلم العربية ! وأذا كان الأمر كذلك ، هل من ومخطوطة أو سردية أو أثبات أو أدلة ، على أن الوحي يتكلم العربية ..

ثالثا - على سبيل الجدل / ولو سلمنا بالآية أعلاه على نصها ، بأن الذي نزل على محمد " كتاب " ، وهنا سيصبح المسلمون من أهل الكتاب أيضا ! . وهذا الوضع سيجعل الأمر معقدا ، لأنه سيقودنا الى تفسير حداثوي ، للآية التالية ، التي وردت في ذات السورة : " يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ / آل عمران : 71 " ، بمعنى أخر كيف سنفرق ونعرف من الذين ( يلبسون الحق بالباطل .. ) ، هل هم اليهود أم المسيحيون أم المسلمون / الذين أصبحوا أهل كتاب ، هذا مجرد تساؤل ! .
رابعا - أما المقطع الثاني من الآية " مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيل " أي أن محمدا جاء مصدقا " بصحة " لما بين يديه من التوراة والأنجيل ، ولكن هذا النص يخالف نصوص أخرى كثيرة ، تقول أن التوراة والأنجيل هما محرفين ، فقد جاء في موقع أسلام ويب ، التالي (( فإن تحريف أهل الكتاب اليهود والنصارى للتوراة والإنجيل ثابت بالأدلة القطعية من الآيات القرآنية والأحاديث الصريحة ، أما الدليل من القرآن فهو قوله " من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه / سورة المائدة المائدة: 13 " . وقوله " ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم أخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه سورة المائدة : 41 " )) . والقارئ هنا يقف متسائلا وحائرا ، أي الآيات يصدق ! .

خاتمة :
هكذا هو منطق النص القرآني ، تناقض في الآيات ، وتقاطع في الدلالات ، يحتمل الكثير من التأويلات .. وكما قال الأمام علي أبن أبي طالب / في سياق أخر - حين وجه أبن عباس لمحاجة الخوارج " لا تجادلهم بالقرآن‏ فإنه حمال أوجه " .