ماهية السياسة!.


ماجد الشمري
2024 / 1 / 7 - 12:24     

(ماهية السياسة)...كيف نحددها،ونفهمها،ونقرر صوابية معناها او تفسيرها،وهل تتأثر بالاخلاق او العكس هي التي تؤثر بالاخلاق؟..كل هذه الاسئلة تبقى شائكة في اشكاليتها،وليس من السهل اعطاء جواب مباشر وقطعي لماهية السياسة وابعادها. فلم يحصل اتفاق او توافق بين المفكرين والفلاسفة ورجال السياسة على تعريف مقارب يعطي لحيز السياسة ومكانتها بالنسبة للانسان_الحيوان السياسي-ومدى علاقة السياسة بالاخلاق،ومن يحدد من؟..الاخلاق تحددالسياسة؟.ام السياسة تحدد الاخلاق؟.او لاهذا ولاذاك؟ او ليس هناك من صلة ،اوعلاقة لاحدهم بالآخر؟..سؤال-كما قلنا- اشكالي متناسل وتفرعي عويص شغل مفكرين وفلاسفة وسياسيون وادباء.فأفلاطون مثلا، احد الذين قالوا:"الاخلاق هي التي تحدد السياسة".اما مكيافيلي فقد قال:"السياسة لاعلاقة لها بالاخلاق".اما شارل موراس السياسي الفرنسي، فيقول:"السياسة هي التي تحدد الاخلاق".وهنا كما هو واضح نجد ثلاثة آراء من عشرات تتنافر وتختلف في تقريرها عن السياسة،وايضا هناك طيف واسع من المواقف والاراء والتصورات المتدرجة في التحديدات او الصلات او العلاقات التي تجمع او لاتجمع،او تسيد احدها على الآخر،وتدعي هيمنة احد المفهومين على الآخر-السياسة والاخلاق-وفي الوقت الذي نجد فيه افلاطون وكنتيجة لمثاليته الفلسفية،ومزجه للسياسة بالحكمة والفضيلة يضع الاخلاق قائداومعيارا للسياسة الفاضلة.اما مكيافيلي الذي جعل من الغاية هي المشرعن،و المحك المبرر المفتوح لكل الوسائل مشروعة وغير مشروعة مباحة ومقبولة للوصول للغاية السياسية المرامة!.لذلك كانت السياسة ايقونة متعالية و مقدسة لاتمت بصلة لمايسمى بالاخلاق او الفضائل الا حين تكون مطية او جسر للعبور اي(وسيلة) لاأكثر!.اما موراس وفلسفته السياسية المضادة للثورة والمعادية للديمقراطية،ورفعه لشأن السياسة كقيمة عليا،فلم تكن الاخلاق تعني له شيئا بكل الاحوال فلا فضيلة هناك تعلو على السياسة!.هذا في الغرب بتلاوينه وطروحاته بين المثالية والمادية،وبين الفلسفة السياسية،وبين القيم الاخلاقية،ومن يحكم من؟و من يقود من؟ومن له السيطرة او السيادة:الاخلاق او السياسة؟.اما في بلداننا السعيدة ودولنا التقية واوطاننا المجيدة ،فالسياسة عندنا!-ومن نحن حتى يكون لنا(عند)!كما رأى ابن دقيق العيد- لاتحدد الاخلاق فقط،بل هي الذروة السيدة، على كل القيم والاعراف والايديولوجيات،وحتى الدين!. فهي المعيار،والمقياس الأب،وكل شيء في خدمتها ومن اجلها،وبها وحدها تبرر الاسباب والوسائل والويل لمن يقف في وجهها او ينافسها-وخصوصا عندما تتربع على السلطة-،فليس له سوى السحق والتصفية والالغاء....ولن نخرج من دائرة السياسة الا الى السجون او القبور!.
.........................................................................................................................................................

وعلى الاخاء نلتقي...