القراءة السياسية في العدوان الغاشم على قطاع غزة نحو دولة فلسطينية


سمير دويكات
2023 / 12 / 28 - 13:11     

يسعى الفلسطينيون منذ اكثر من مائة عام الى قيام دولة فلسطينية مستقلة ولان فلسطين تتمركز في وسط ومركز الكرة الارضية كان لها نصيب في الاحتلال اكثر من مرة واخرى، نتيجة الاطماع الاستعمارية ورغبة في تمزيق العالم الاسلامي واضعافه، وتكرر الامر ويتدخل هنا جميع العالم لمنع هذا الانجاز التاريخي، بالمقابل لم يترك الفلسطينيون فرصة الا وعملوا من اجلها واستمرت المقاومة على مدار السنين من اجل الهدف نحو اقامة دولة فلسطينية وهي مسعى كل شعوب العالم، حيث في الدولة تجد ارضك المحررة وشعبك بعيشه الكريم وقيادة سياسية منتخبة قائمة على مبادئ العدل والمساواة.
قاوم الفلسطينيون الاحتلال الانجليزي لأرضهم واوقعوا فيه خسائر كبيرة حتى اجبروه على الرحيل ولكن هذا الاحتلال كان خبيث وفي ظل المعطيات الدولية انذاك زرعوا عصابات اليهود ومدوهم بالسلاح والعتاد حتى احتلوا الجزء المهم من فلسطين واصدروا القرارات له في الامم المتحدة حديثة النشأة آنذاك من اجل قيام دولة للكيان المزعوم والتي انتفض الفلسطينيون ضدهم وهب العرب الى فلسطين للقضاء على هذا الكيان ولكن انهزام الدولة العثمانية واحتلال بلدان العالم العربي والتي كان بعضها لا يزال محتل الى الى وقوع الهزيمة وسيطرة الاحتلال الصهيوني على جزء مهم من فلسطين وانفصلت الضفة عن غزة والقدس وبدات الدبلوماسية الخائنة تبيع وتشتري بفلسطين حتى نشأت القوى المقاتلة والتي حاربت الاحتلال طوال كل الاعوام، وقد جاءت الخيانة من بعض العرب نتيجة عدم رغبتهم بدولة فلسطينية وكانت جزء من دول العالم العربي المحيطة منحة من الاحتلال الصهيوني لذلك باعت فلسطين ولم تكترث، وبعد عشرين عاما تقريبا احتلت اسرائيل الكيان المزعوم باقي الاراضي الفلسطينية واستمرت المقاومة من كل اطياف الشعب الفلسطيني.
وبعد عشرين عام انتفض الفلسطينيون في الارض المحتل وفق ما يعرف بالانتفاضة الاولى انتفاضة الحجارة وشكلت ضغطا دوليا كبيرا ضد الكيان المحتل، ونتيجة هذا الضغط تم التوصل الى تفاهمات مشؤومة وهزيلة في اوسلوا والتي لا يزال اثرها حتى اليوم ممثلة في السلطة التي لا حول لها ولا قوة والتي يديرها الاتباع اليوم حسب مصالحهم ومناصبهم ورواتبهم، وبقيت المقاومة مستمرة وطردت الكيان من غزة عام الفان وخمسة واستمرت المقاومة في الضغط نحو الدولة الفلسطينية وعلى اثرها وقع الانقسام السياسي الفلسطيني والامني البغيض.
بقيت سلطة اوسلو في الضفة تكافح سياسيا وخان اليهود كل الاتفاقات وبدات معركة نارية قوية في بداية سنة الالفان وسميت بالانتفاضة الثانية واستشهد فيها ياسر عرفات وخاض الفلسطينيون على الفور بسنوات معركتان انتخابيان سجلتا في التاريخ على انهما منحا ديمقراطيا كبيرا بمشاركة كافة القوى في التشريعي عدا الجهاد وانتخب الشعب الحركة الوطنية الاسلامية بأغلبية وبدا الانقسام السياسي والامني واريقت فيه كل الحريات وتراجع العمل القانوني والسياسي وغيره في فلسطين.
واستمرت استباحة الارض والانسان طوال السنوات وشنت اسرائيل عدة حروب ضد قطاع غزة واشهرها كان سنة الفان وثمانية والفان واربعة عشر وبدات المقاومة تطور اسلحتها على الرغم من الحصار الكبير والمستمر لاكثر من سبعة عشر عام بشكل مستمر ومطبق حتى من الدول العربية.
في اكتوبر الماضي شنت المقاومة هجوم على مواقع العدو والمستوطنات وعلى اثرها تم اسر عشرات الجنود الصهاينة واطلاق الاف الصواريخ وعلى اثرها شن الصهاينة عدوان همجي على غزة والضفة والقدس بشكل مستمر وتم استهداف كل المباني في غزة واستهداف المستشفيات والمراكز المدنية والجامعات ومراكز الايواء وقتلت الاطفال والنساء والشيوخ وقد وصلت الاعداد حتى اليوم الى اكثر من مائة الف بين شهيد وجريح ونزوح الملايين وهي حرب ابادة وفناء وجرائم حرب لم يسبق لها في التاريخ مثيل وما يزال هناك المقاومون يدافعون عن غزة بطرق العصابات الثورية واستهداف لكل من دخل غزة وايقاع اصابات وقتلى بعدد كبير وتدمير الاليات حتى شعر بها كل العالم.
اليوم كل العالم يتحرك نحو القضية ومنهم الشعوب بالتضامن الكامل مع قطاع غزة ضد العدوان الصهيوني وهناك الحكومات الرسمية التي وقفت مع اسرائيل واصبحت شريكة بالكامل ومدت اسرائيل بالعتاد والتجهيزات ومنها دول عربية واكبر شريك هو امريكا التي مدت الكيان بالقنابل والعتاد والطائرات والاموال بشكل لم يسبق له مثيل ولولا ذلك لسقط الكيان فورا ونتيجة الحرب اصبحت الكيان عاجز عن القيام بوظائفه بما يعادل النصف وهنا تبرز الحاجة لاستثمار الضغط العسكري على الكيان من اجل تكبيده الخسائر العسكرية والسياسية مقابل زيادة تكاليفه ورحيله عن الارض الفلسطينية نحو اقامة دولة فلسطينية.
في السلطة لا حول لهم ولا قوة وليس لهم هم سوى حسب ما صدر عنهم هو الحفاظ على تمثيل منظمة التحرير التي لم تجري فيها الانتخابات منذ اكثر من ثلاثين عام ورواتبهم التي يحصلون عليها في معظمها من اموال الضرائب التي تجمعها اسرائيل من الحدود مقابل رسوم. بل هم منفصلون عن الواقع ومتشبثون بسياسات بالية لم يقبل بها الصهاينة والامريكان حتى والشعب وفق اخر استطلاعات الراي وهي ارادتها ليست حرة نتيجة قيام مؤسساتها تحت الاحتلال وضغطه المتواصل عليها.
وفي المقابل ايضا فان القوى المقاومة في غزة وان كانت تقدم مقاومة جيدة الا انها ليس لديها خطة سياسية يمكن لها ان تفرضها على الكيان والدول الشريكة ومنها امريكا، وهو امر ننوه له مرارا وتكرارا من اجل استثمار الدم النازف والدمار الكبير لفرض رؤية سياسية لخدمة الفلسطينيين نحو دولة فلسطينية.
لذلك وفي خضم المعركة يلزم الفلسطينيون ان يتفقوا على رؤية سياسة يقدموها للعالم للاستفادة من الدم النازف والتقدم العسكري للمقاومة، وهو امر يحتاج الى قيادة وطنية موحدة بعيدا عن الوزراء والسياسيين المنتفعين والذين لا هم لهم سوى مناصبهم ورواتبهم، فالدمار والقتل الكبير لن يكون ثماره الا دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس.