دراسة نقدية للتفسير الكاشف القسم الثاني موقف الشيخ مغنية من الاعجاز العلمي في القران


رحيم فرحان صدام
2023 / 12 / 27 - 11:18     

ان موقف الشيخ مغنية من (الاعجاز العلمي في القران) يمتاز بالتناقض الشديد فهو ينفي الشيء نظريا ثم يثبته عمليا وكمثال على ما نقول انه يؤكد أن القرآن لا يلتمس فيه العلوم الطبيعية والرياضية ثم يدعى وجود اعجاز علمي في بعض الآيات ؟!!! اذ يقول ما نصه :" أجل ، ان فهم معاني القرآن الكريم يمكن تطبيقه على العلم الحديث ، وبصورة خاصة على النظرية النسبية " وهو تناقض غير مبرر ، وقد حاول تبرير ادعاؤه بقوله :" وان قال قائل : ان هذا الاختلاف لا يختص بالفهم لتلاوة القرآن وحده ، لأن النظرية النسبية عامة لا تقبل التخصيص.
قلنا في جوابه : هذا صحيح ، ولكن لمعاني القرآن استعدادا لذلك لا يوجد في غيرها .. وهذا يعزز ملاحظتنا بأن من يقف عند قول المفسرين ، لا يتعداه ولو في تفسير آية واحدة فهو قاصر يملك عقلا قارئا ، لا عقلا واعيا .. والله سبحانه المسئول أن يجعل فهمنا لآياته فهم وعي ودراية ، لا فهم نقل ورواية" .
من خلال ما تقدم يتضح ان الشيخ لا يعي ما يقول فهو ينفي الاعجاز العلمي ثم يثبته مدعيا ان النظرية النسبية لألبرت اينشتاين موجودة في القران الكريم مبررا فهمه للآيات الكونية بأن المفسر لا بد ان يتعدى فهم المفسرين السابقين له ، والحقيقة ان الشيخ غير مطلع على تفاصيل النظرية النسبية والا لما تجرأ وادعى انها تتفق مع الآيات الكونية في القران ، وفي تفسير قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) [الأنبياء: 30]. يكرر التناقض نفسه اذ يقول ما نصه :
" في أول سورة البقرة ج 1 ص 38 عقدنا فصلا مطولا بعنوان «القرآن والعلم الحديث» وقلنا : ان القرآن كتاب دين يهدي الإنسان الى سعادته في دنياه وآخرته ، وليس كتاب نظريات في الفلسفة والعلم والفلك وغيره ، وان كل آية من آيات القرآن الكونية أو التاريخية كقصص الأنبياء فان الغرض منها أن نتعظ ونعتبر ، أو نسترشد بها الى وجود الله ، فنؤمن به وبعظمته ، ومن الآيات الكونية هذه الآية التي نحن بصددها ، وقد ذكر فيها سبحانه شيئين :
الأول ان المجموعة الشمسية ، وهي الشمس والأرض والمريخ والمشتري وزحل وعطارد وغيرها كلها كانت متلاصقة متلاحمة كالشيء الواحد ، ثم فصل الله بعضها عن بعض ، وجعل كلا منها كوكبا مستقلا .. وأقر العلماء الجدد نظرية انفصال الأرض عن الشمس ، ولكنهم اختلفوا في التفاصيل ، وسكت القرآن عن كيفية الفتق والانفصال ، ونحن نسكت عما سكت الله عنه.
(وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ). هذا هو الشيء الثاني الذي تضمنته الآية ، وبيانه ان الماء مصدر الحياة لكل نام ، إنسانا كان أو حيوانا أو نباتا ، وجاء في الآية 7 من سورة هود : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) ".
ونقول للشيخ اذا كان القرآن كتاب دين وليس كتاب نظريات في الفلسفة والعلم والفلك وغيره ، وان كل آية من آيات القرآن الكونية الغرض منها أن نتعظ ونعتبر فكيف تدعي ان قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) يتضمن نظرية الانفجار الكوني ؟!!! ، وهل هذه الآية التي نحن بصددها ، ذكرت المجموعة الشمسية والمريخ والمشتري وزحل وعطارد ، أصلا ام السموات ؟!!!
ومن هم العلماء الجدد الذين أقروا نظرية انفصال الأرض عن الشمس ؟!!!، واذا كان القرآن سكت عن كيفية الفتق والانفصال ، وانت تسكت عما سكت الله عنه –حسب قولك - فكيف تدعي ان الآية تتضمن نظرية الانفجار الكوني؟! .
مفهوم السماء في علم الكون الحديث :
يبدو ان الاعتقاد بوجود السماء كمادة او بناء كان من مفاهيم العصور القديمة والوسيطة والذي عاشه الانسان طيلة الاف السنين، بسبب المعتقدات والاساطير الدينية ، اما وجود السماء او السماوات السبع وعوالمها قد بدده العلم حين اكتشف ان الكون لا يحتوي على سماء او سماوات بل هو فضاء مفتوح لا حدود فيه يتمدد الى الخارج بمرور الزمن .
والسؤال الذي يفرض نفسه من اين جاءت السماء ؟
الجواب يسير فهذا اللون الأزرق الذي نشاهده فوقنا هو ضوء منعكس او مبعثر من ضوء الشمس على ذرات الغبار القريبة من الأرض . فهو ليس بسقف او مادة او سبع طبقات .
ينظر:
محمد جواد مغنية ، التفسير الكاشف ، دار العلم للملايين، الطبعة الثالثة ، ( بيروت-1981). ج ١ ص ٣٨.
الدكتور ماجد الخزعلي : سلسلة تاريخ الحضارات ، تاريخ الخليقة ، منشورات تكوين ،ط4 ،2021. ص131 .