وضع متجمد، وآفاق ضبابية وتساؤلات الممكن والمستحيل.


حسين محمود التلاوي
2023 / 12 / 7 - 02:47     

من الواضح أن الوضع في غزة تجمد. الاحتلال يواصل التوغل في القطاع والقصف، والمقاومة تواصل استهدافه؛ مما يؤدي إلى إبطاء تقدم قوات الاحتلال. ما الجديد المنتظر؟! كان التعويل في السابق على تفاقم الأزمة الإنسانية؛ بما يوقظ ما يسمى "الضمير العالمي"، ولكن الأمور وصلت إلى مستويات "هي الأحلك" في تاريخ الإنسانية وفق تعبير منظمة الصحة العالمية؛ من ثم لا تعويل على "الضمير العالمي".
الجديد قد يحدث نتيجة من قدرة المقاومة على إلحاق خسائر فادحة بالاحتلال، تؤدي إلى نشوء تيار قوي داخل الكيان يرفض الاستمرار في الحرب بسبب النزيف البشري؛ مما يجبر قيادات الكيان على انتهاز أية فرصة للدخول في مفاوضات.
يمكن وضع هذا الاحتمال في الاعتبار، على الرغم من أنه كان بعيدًا في بادئ الأمر. فماذا تغير إذن حتى يتغير التقييم؟ تغيير التقييم؛ لأن المعارك الآن تدور في جنوب القطاع؛ حيث المعقل الرئيسي لحركة حماس، والتضاريس الأكثر صعوبة، ومخازن الأسلحة الأكثر حداثة، والمقاتلون المتراجعون من شمال القطاع لإعادة التمركز جنوبًا، ورمزية انحدار قائد حماس في غزة يحيى السنوار والقائد العام للقسام محمد الضيف من خانيونس كبرى مدن الجنوب، وعوامل عديدة أخرى تجعل مواجهات الجنوب مرشحة لأن تكون أشد وطأة من مواجهات الشمال التي اقتصرت على إبطاء التقدم لإتاحة الفرصة أمام عناصر المقاومة لتنظيم الصفوف والتراجع جنوبًا دون خسائر كبيرة.
إذا لم يتحقق هذا الاحتمال، فالأمر المتوقع تقدم بطيء للاحتلال مع مقاومة تضعف شيئًا فشيئًا؛ وهي عملية قد تستمر لعام أو أكثر. يحاول الاحتلال أن يروج الآن إلى أن هذا السيناريو يتحقق بالفعل، من خلال القول إن قواته "في قلب خانيونس"، وتحاصر منزل السنوار، لكن الأمور على الأرض – وفق خبراء مؤيدين للكيان – تقول إن الكيان لم يحقق إلى الآن سوى 40% فقط من أهدافه؛ فعلى سبيل المثال، لم يحقق السيطرة الكاملة على شمال قطاع غزة، ولا يزال يواجه مقاومة عنيفة في مدينة غزة.
هل يتحقق المستحيل، ويرضى الكيان بـ"نصف نصر" مانحًا بيده حماس "النصف الآخر"؟! سؤال كبير مذاق إجابته المحتملة مر في حلق الاحتلال؛ لأن "نصف نصر" تعني في لغة الكيان "هزيمة"، وفي لغة حماس "انتصار كامل". فما الإجابة الأكيدة؟! لا إجابة أكيدة الآن، ولننتظر مجيئها في ثنايا الأيام.
في الإجمال، هي معركة وجودية الآن. ليس وجود المقاومة فحسب، بل وجود القضية الفلسطينية برمتها.