موقف المربي الفاضل يحيى ( ق ) من البراءة !


أمير أمين
2023 / 12 / 6 - 14:27     

عمل حزب البعث على انتزاع البراءات من الشيوعيين العراقيين وخاصة من الاشداء المتمسكين بحزبهم ومبادئه بإستعمال شتى وسائل التعذيب او الاغراءات والتي لم تجدي نفعاً مع الغالبية منهم وظلوا يعانون الآلام وصمدوا في السجون والمعتقلات دون ان يفرطوا بشرف العضوية وحتى بعض الاصدقاء المحسوبين على الحزب الشيوعي صانوا شرف الامانة وإستمروا بحبهم للحزب والتصاقهم به ..وتشير حوادث التاريخ الى ان زمرة الحرس القومي قامت بإعتقال المربي الفاضل الاستاذ يحيى (ق) بعد نجاح انقلابهم في 8 شباط علم 1963 مع أنه لم يكن منتمياً للحزب الشيوعي ثم طلبوا من إبنه سعد بإطلاق سراح والده اذا هو قدم البراءة لهم من الحزب الشيوعي العراقي وعندما وصل الخبر الى والده الاستاذ يحيى الشيخ عبد الواحد , كتب اليه رسالة قصيرة ولكنها معبرة عن حبه للحزب الشيوعي العراقي وعدم الرضوخ للزمر المجرمة من قطعان الحرس القومي ..يقول في الرسالة ..إبني أحبك كثيراً ولكن على الرغم من حبي لك فإذا خضعت للبعثيين وتبرأت من الحزب ( الشيوعي ) , فأنا سأتبرأ منك الى الابد ..! وظل الاستاذ الفاضل يحيى ( ق ) الى يوم وفاته في نيسان عام 1966 في السجن ومات وهو بعمر ال 72 عاماً ولم يفعلها ولده وظل متمسكاً بوصية والده بعدم تقديم البراءة من الحزب والرضوخ للبعثيين تحت اية ظروف ..! والاستاذ الفاضل يحيى كان مربياً معروفاً في الموصل وقد كان من أشد المدافعين عن ثورة14 تموز عام 1958 وكان مديراً للمدرسة القحطانية في الموصل وله مواقف مشهودة أيضاً في حقبة النظام الملكي مما نال من التعسف والاعتقال وكان اهالي الموصل يلقبونه بالمعلم الاول وهو أيضاً عمل كصحفي وكاتباً في مجلة الغري الصادرة بالنجف وحينما كان بعض أصدقاءه يحذرونه من أن صراحته وشجاعته ستذهب به للسجون فكان يرد عليهم بإبتسامة ويقول ..يحيى ق يقول الحق ولا يخاف ..! وعندما انعقد مؤتمر نقابة المعلمين الاول في بغداد في شباط عام 1959 أراد ان يلتقي بالزعيم عبد الكريم قاسم لتحذيره مما يخطط له من دسائس وحصل اللقاء معه ومع عدد من زملاءه المعلمين لكن الزعيم لم يهتم لملاحظاته و التي شرح فيها له ابعاد الاخطار على الثورة والزعيم شخصياً , وجرت الاحداث والتي استهدفته من مؤامرة الشواف في 9 آذار عام 1959 وكان لقاء الاستاذ يحيى وزملاءه يالزعيم قبيل حركة الشواف بسبعة أيام ..! وبعد 8 شباط عام 1963 سيق الى سجن نقرة السلمان وبعد ذلك نقل الى سجن الحلة وفي مساء أحد الايام سقط مغشياً عليه فتم نقله من قبل عدد من السجناء الى إدارة السجن التي ذهبت به الى المستشفى لكنه توفى بالسكتة الدماغية ..المجد للاستاذ الفاضل يحيى ( ق ) ابو سعد , إنه أحد أبناء العراق الشرفاء المخلصين لشعبهم العراقي ..
لقد قاوم الكثير من الشيوعيين والمحسوبين على الحزب الاكراه في تقديم البراءة من حزبهم حتى أنها صارت عاراً على من يقدمها للبعثيين مهما كانت الوسائل المستعملة ضد الشخص وقد كتب عنها الكتّاب والشعراء وتناولها الشاعر العراقي الراحل مظفر النواب على لسان أم أحد الشيوعيين تحت عنوان ..براءة الام .. يقول فيه ..يا بني إبن الچلب يرضع من حليبي ..ولا إبن يشمر لي خبزة من البراءة
يا بني ياكلني الچلب عظم ولحم ....وتموت عيني ولا دناءة
ثم تقول له ....................تدري يا بني بكل براءة ..كل شهيد من الشعب ينعاد دفنة ..!
وفي عام 1979 إشتدت حملة نظام حزب البعث ضد الشيوعيين وإستخدمت معهم وسائل تعذيب لا تخطر على البال وتم انتزاع البراءات من قبل الكثيرين بينما صمد آخرون لحد الاستشهاد في أقبية سجون النظام المنتشرة في بغداد وعموم محافظات العراق وإستطاع الآلاف من الهرب خارج أسوار الوطن المبتلى بالمجرمين , كنت مع عدد من الشيوعيين نتدرب على السلاح في كتائب الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في لبنان إستعداداً للمشاركة ضمن قوات الحزب الشيوعي العراقي في كردستان وكانت تصلنا أصداء تقديم البراءات من عدد من الشيوعيين والوسائل القذرة التي تم استخدامها في انتزاع تلك البراءات منهم فكنا نحيي حفلات صغيرة في بعض الامسيات فيقوم عدد من الرفاق بالغناء وتصدح حناجرهم بالاغاني الثورية والاناشيد وبقوة ( ..على يا مال تردونا نوقع على البراءة ..حزبنا الأبي ما نعوفة ولا نقبل دناءة .. ) حتى أن عدد من الاخوة الفلسطينيين أحبوها وكانوا يرددونها معنا بعد أن عرفوا المحتوى منها وأساليب البعث في انتزاعها من الشيوعيين المعتقلين لديهم وبوسائل وضيعة جداً ..المجد للشيوعيين البواسل والمجد للشهداء الميامين ..