التضامن بالأفعال لا بالأقوال


رشيد غويلب
2023 / 11 / 30 - 00:49     

لحزب العمل البلجيكي موقف تضامني متميز مع الشعب الفلسطيني وقوى التحرر في بلدان الجنوب.

في ما يأتي اهم الموضوعات الواردة في حوار اجراه في بروكسل الصحفي اليساري الألماني المعروف نك براونز مع السكرتير العام لحزب العمل البلجيكي بيتر مارتينز. ونشر في جريدة اليونغه فيلت الألمانية أخيرا.

تضامن مع الشعب الفلسطيني
يشارك حزب العمل في تنظيم التظاهرات الرافضة للحرب على غزة. ان ما يجري حاليا هو عملية تطهير عرقي ضد الشعب الفلسطيني في غزة. ويصاحب ذلك خسائر كبيرة في صفوف السكان المدنيين، وبين الأطفال، وتدمير واسع للبنية التحتية المدنية مثل المستشفيات. إنها حرب دمار تبث مباشرة على شاشة التلفزيون. وهي ليست حرباً ضد الفلسطينيين فقط، بل هي حرب ضد القانون الدولي ايضا، لأن دولاً مثل إسرائيل تعتقد بوضوح أنها فوق القانون.
صدر 104 قرارات للأمم المتحدة تدين دولة الفصل العنصري والاحتلال وسياسات الاستيطان والحرب غير القانونية ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية. لكن لا شيء يتحقق على أساسها. وفي المقابل، وبعد مرور شهر واحد فقط على الغزو الروسي لأوكرانيا، صدرت مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية ضد بوتين بتهمة طرد 6 آلاف طفل، والتي تتم محاكمتها باعتبارها جريمة حرب. لقد قتلت إسرائيل حتى الآن 5 آلاف طفل في غزة ولم يتم حتى إجراء تحقيق حقيقي في الأمر. زار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان مدينة رفح على حدود غزة نهاية تشرين الأول، لكن أين مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وقيادة الجيش الإسرائيلي؟ وبينما تم فرض حظر على الأسلحة على الفور على روسيا، لا يوجد مثل هذا الحظر من قبل الاتحاد الأوروبي ضد إسرائيل. ويناقش الاتحاد الأوروبي حاليا الحزمة الحادية عشرة من العقوبات ضد روسيا، لكن لا توجد مثل هذه العقوبات ضد إسرائيل. إن سياسة المعايير المزدوجة هذه مثيرة للاشمئزاز.
لقد حان الوقت لوضع حد لإفلات إسرائيل من العقاب. لحزب العمل أربعة مطالب فورية من الحكومة البلجيكية: أن ترفع بلجيكا دعوى قضائية ضد نتنياهو في محكمة العدل الدولية، لأن الحكومة فقط هي التي يمكنها القيام بذلك. ويجب تعليق اتفاقية الشراكة التفضيلية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل. واستدعاء السفير البلجيكي في إسرائيل. ونحن نطالب بفرض حظر كامل على الأسلحة لإسرائيل ولفرض وقف إطلاق النار، يجب على بلادنا أن تمنع عبور المعدات العسكرية إلى إسرائيل. وقررت النقابات في بلجيكا بالفعل عدم تحميل أو تفريغ أي سفن أو طائرات تحمل أسلحة لإسرائيل. لأنه من المهم إظهار التضامن مع فلسطين، ليس بالقول، بل بالأفعال.
الموقف من الصراع في الشرق الأوسط
الحكومة البلجيكية منقسمة حاليًا بشأن هذه القضية. هناك قوى داخلها تطالب بوقف فوري لإطلاق النار. وأخيرا قررت الحكومة منح خمسة ملايين يورو للمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم الحرب، وهو أمر جيد. لكن الحزب الليبرالي في المناطق الناطقة بالفرنسية، ثاني أكبر حزب في الحكومة، يتخذ موقفا مؤيدا للغاية لإسرائيل. كما أن أكبر حزب فلمنكي يؤيد بشكل علني وواضح إسرائيل داخل المعارضة.

بلدان الجنوب والتضامن مع الفلسطينيين
شهد العالم حالياً تحولا جديدا في الطريقة التي ينظر بها العالم إلى أوروبا والولايات المتحدة. وعندما نتجاوز وجهة النظر “المركزية الأوروبية، نرى الجنوب العالمي يتحدث بصوت موحد دعما لفلسطين. كما تتحد آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية ومنطقة البحر الكاريبي في إدانة نفاق أوروبا، التي تلقي المحاضرات على الجميع وتحاول أن تخبرهم كيف يصوتون على الحرب الروسية الأوكرانية، لكنها تسمح لإسرائيل بالإفلات من كل شيء. ولا يتعلق الأمر بإسرائيل وفلسطين فحسب، بل يتعلق أيضًا بالقانون الدولي وموقع أوروبا والولايات المتحدة في هذا النظام العالمي الذي يقترب من نهايته. ولهذا السبب فعلى كل قوة تقدمية في أوروبا أن تقف إلى جانب بلدان الجنوب في الدفاع عن سيادتها وحقها في مقاومة الإمبريالية. وهذا أمر مهم أيضاً بالنسبة للشعوب الأوروبية ذاتها. لأنه لن تكون هناك حرية للطبقة العاملة في أوروبا، وفي بلجيكا، ما دام الاتحاد الأوروبي مستمراً في الترويج للاستعمار وتصدير الأسلحة. ولهذا السبب جاءت الدعوة من الطبقة العاملة البلجيكية، من النقابات العمالية، قائلة لا نريد أن نتورط في الإبادة الجماعية.
حظر التضامن مع الفلسطينيين
لا تشهد ببلجيكا حظرا على التضامن مع الشعب الفلسطيني، مماثلا لذلك الموجود في المانيا وفرنسا وبلدان اوربية أخرى. بلجيكا دولة صغيرة بين فرنسا وألمانيا، واليمين البلجيكي يود أن يتبنى سياسات هذه الدول إزاء هذه القضية. لكن دون نجاح. ولأن الضغوط لإنهاء حرب الإبادة الجماعية كبيرة للغاية، فإن الاحتجاجات متصاعدة. ان جرائم الحرب اليومية في غزة أصبحت الآن موثقة ولم يعد من الممكن تبريرها. والصحافة تنشر تقارير عن جرائم الحرب، فتثير غضب السفارة الإسرائيلية. أرادت السفارة عرض فيلم عن هجمات حماس في 7 تشرين الأول في البرلمان، وتم رفض ذلك، لأن البرلمان بلجيكي وليس إسرائيلي أو امريكي. هناك بالطبع ضغوط كبيرة من السفارتين الإسرائيلية والأمريكية. ولكن إذا كانت السيادة ككلمة لا يزال لها أي معنى، فمن الضروري أن تكون ذات سيادة في مواجهة سلوك الولايات المتحدة وإسرائيل.

بين كوبا وفلسطين
وفي التصويت الأخير للجمعية العامة للأمم المتحدة في الثاني من تشرين الثاني، صوتت 187 دولة لصالح رفع الحصار الإجرامي وغير الشرعي المفروض على كوبا. من بين جميع دول العالم، لم تجد الولايات المتحدة سوى دولة واحدة، وهي إسرائيل، تدعمها ضد كوبا. وهي الدولة الوحيدة بين دول الفصل العنصري، التي تفرض، منذ سنوات، حصاراً غير قانوني على قطاع. إن دعاة الحرب مثل الولايات المتحدة وإسرائيل أصبحوا معزولين على نحو متزايد ويواجهون ضغطا متصاعدا يطالب بالامتثال للقانون الدولي ووضع حد للسياسة المنافقة المتمثلة في المعايير المزدوجة.