كفاح الشعب الفلسطيني وقواه التحررية الوطنية ضد دولة إسرائيل المحتلة ‏مبرر ومشروع ‏‎!‎‏ *الحزب الشيوعي التركي/الماركسي اللينيني


حزب الكادحين
2023 / 11 / 25 - 01:59     

‏ يجب أن نعلم أنّ أيّ فكر أو موقف يحاول إلقاء ظلاله على المقاومة ضد الاحتلال من ‏خلال تشويه هذا الواقع لأسباب مختلفة هو دعم للاحتلال. إسرائيل الصهيونية هي دولة ‏تتغذّى من دعم سياسي وعسكري كبير من أقوى ممثلي النظام الإمبريالي همجية، ‏وتحظى بدعم أهم مجموعات رأس المال الاحتكارية. إن استبعاد المقاومة التي تظهر من ‏خلال تحدّي هذه الرجعية من نطاق التحرير الوطني الفلسطيني يعني الوقوف إلى جانب ‏الإمبريالية والصهيونية‎.‎
‏ إنّ "طوفان الأقصى" الذي بدأته المقاومة الفلسطينية والقوى المناهضة للاحتلال، هو ‏المعارضة الأساسية والمشروعة لشعب مظلوم ضد تجاهل هويته وحقوقه الوطنية، ‏واحتلال أراضيه. إنه نضال يجب أن تدعمه بلا تحفظات البروليتاريا العالمية والشعوب ‏المضطهَدة.‏
‏ التناقض الأساسي والرئيسي هنا هو الاحتلال غير الشرعي ومناهضته مشروعة، ‏وإنّ الجانب الرئيسي الذي يخلق هذا التناقض الأساسي والرئيسي والذي يجب محاربته ‏هو دولة إسرائيل الرجعية، التي شكلتها الرجعية الصهيونية على أنّها جزء مهم من ‏تشكيل شعوب المنطقة، وخاصة الشعب الفلسطيني، وأجزاء أخرى من العالم، في إطار ‏علاقات القمع والتبعية الإمبريالية، والحفاظ على هذا النظام الرجعي حيًّا. إنّ دولة ‏إسرائيل هي أحد البؤر المركزية للرجعية الإمبريالية والعداء تجاه الشعب. والحقيقة ‏الساخرة الأخرى لدولة إسرائيل هي أن هؤلاء الذين عانوا من واحدة من أكبر عمليات ‏الإبادة الجماعية التي شهدها العالم على الإطلاق، تهاجم الفلسطينيين بوحشية مماثلة‎.‎
‏ إنّ غزّة هي أكبر سجن عسكري مفتوح في العالم، فمليونَا فلسطيني يعيشون هنا ‏محاصرين من قبل قوّات الاحتلال، التي هي حرفيا آلات حرب، فهو يفتقر إلى كافة ‏الاحتياجات الإنسانية الأساسية. لقد تمّ عزل غزة عن العالم من خلال بناء الأسوار، ‏وحتى المساعدات الواردة تقتصر على ما تسمح به الصهيونية الإسرائيلية. وتخضع غزة ‏للمراقبة المستمرة من الجو والبر والبحر والفضاء بأعلى الأجهزة التكنولوجية. إن ‏‏"طوفان الأقصى" الذي انطلق من غزة في 7 أكتوبر 2023 بإرادة مشتركة لـ 14 ‏منظمة مقاومة فلسطينية، هو التدخل المشروع ضدّ هذا الاحتلال الأحقر في التاريخ، أي ‏نحو حل هذا التناقض‎.‎
‏ إنّ حقّ الأمم في تقرير المصير هو حق يجب الاعتراف به ودعمه بغض النظر عن ‏قيادة القوى المحتلة والتي تحارب هذا الاحتلال. يحمل النضال الوطني الفلسطيني ‏التحرري ومناهضة الاحتلال الألوان الأيديولوجية والسياسية لمختلف الطبقات ‏والشرائح. إنّ المقاومة والنضال ضد الاحتلال، الذي تقوم به كل طبقة مع خط قيادتها ‏الخاص، يهدف إلى إنشاء فلسطين بما يتماشى مع وجهات النظر العالمية الأيديولوجية ‏الخاصة بالحركات التحررية. ومرّة أخرى، يقيمون علاقات ويدخلون في تحالفات مع ‏القوى الداخلية والخارجية وفقًا لهذه الخصائص الطبقية. إنّ الجهود المبذولة لتفسير ‏الحرب ضد الاحتلال التي تشنها 14 منظمة فلسطينية من خلال حصرها في حماس ‏وخطّها الأيديولوجي السياسي ليست بريئة، إنّه موقف رجعي يضفي الشرعية على ‏الاحتلال الإسرائيلي، ويدين مقاومة الاحتلال، ويدعو إلى الخضوع للإمبرياليين وقوّات ‏الاحتلال‎.‎
‏ إن الجدل حول «الرجعية» و«التأييد» الذي يجري عبر الخط الأيديولوجي السياسي ‏لحماس يؤدي إلى نقاشات خاطئة وخطيرة حول جوهر المسألة الوطنية وطبيعة ‏الحركات الوطنية. إن البروليتاريا العالمية تقف إلى جانب النضال التحرّري للأمم ‏والشعوب المضطهَدة تحت سيطرة رأس المال المالي الإمبريالي. وهذا الموقف هو خط ‏تشكيل شعبها بروح وتوجه أممي حقيقي وخطّ ثابت ضد الإمبريالية. وعندما يقوم نهجنا ‏على هذا الأساس، سيتبين أن التضامن مع الطبيعة العادلة والمشروعة لنضال التحرير ‏الوطني الفلسطيني هو مسؤولية ثورية، إنّ مسألة نوعية الحركات الوطنية أمر نسبي ‏تماما. في هذه المرحلة، نهج الرفيق ستالين هو أساسنا الرئيسي: "إن الطابع الثوري ‏الذي لا شك فيه للأغلبية العظمى من الحركات الوطنية هو طابع نسبي وخاص، تمامًا ‏كما أن الطابع الرجعي المحتمل لبعض الحركات الوطنية الفردية هو طابع نسبي ‏وخاص. إن الطابع الثوري للحركات الوطنية في ظل ظروف الاضطهاد الإمبريالي ‏يعني أنه يجب أن تكون هناك عناصر بروليتارية في الحركة؛ ولا يفترض مسبقًا أن ‏الحركة يجب أن يكون لها برنامج ثوري أو جمهوري، أو أساس ديمقراطي". (ستالين ‏المجلد 6 ص. 139). إنّ نضال التحرر الوطني الذي تقوم به حركات التحرر الوطني ‏الفلسطيني، وإن كان بشكل غير متسق، له هيكل يقوّض الصهيونية والنظام الإمبريالي ‏المهيمن. إن حقيقة أن حماس ليس لديها خط ثابت مناهض للإمبريالية ولديها ميل ‏للاعتماد على قوة إمبريالية ضد أخرى يعبّر عن جانب واحد من الحقيقة، ويجب أن ‏يُنظر إلى هذا بلا شك على أنه مشكلة للعديد من الحركات الوطنية في الظروف الحالية. ‏ومع ذلك، فإن الشرط المطلوب لدعم نضال التحرير الوطني هو ما إذا كان له موقف ‏يقوّض سيادة الدولة والقوة الإمبريالية. إن معالجة المشكلة بهذا التوجه ستوضّح وجهة ‏نظرنا تجاه نضال وحركات التحرير الوطني الفلسطيني‎.‎
‏ هناك نهج يوفّق بين مواقف الشيوعيين والثوريين، من جهة، وتركيا وإيران والعديد ‏من الدول العربية، التي تدعم ظاهرياً نضال التحرير الوطني الفلسطيني، من جهة ‏أخرى. ما تفهمه هذه الدول من التحرير الوطني الفلسطيني هو فلسطين التابعة التي هي ‏جزء وامتداد للنظام الإمبريالي. هذا الموقف مناسب تمامًا لشخصيتهم الخادمة. إضافة ‏إلى ذلك، فإنّ جوهرها متناقض ومتناقض للغاية في ما يتعلق بالنضال الوطني ‏الفلسطيني، وتعطي الأولوية لعلاقاتها مع الصهيونية الإسرائيلية واستمراريتها. وهم ‏يعتبرون نضال التحرير الوطني الفلسطيني بمثابة غليان لإنقاذ السيادة الإمبريالية، ‏ولديهم نهج حلّ لا يطغى على سيادة إسرائيل الصهيونية، ولهذا السبب لا يترددون في ‏مواصلة كافة أنواع العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية مع إسرائيل، علناً أو ‏سرّاً. والحرية التي يتصورونها لفلسطين هي انسحاب إسرائيل إلى نقطة مقبولة وإلى ‏دولة صغيرة ومحدودة مرتبطة بالسلسلة الإمبريالية. إنّ الطابع العدائي لهذا النهج تجاه ‏الشيوعيين والثوريين واضح‎.‎
‏ وفي حالة قريبة من ذلك، نرى خطابات ومواقف مماثلة رجعية ضد المقاومة ‏والمكاسب التي حققتها قوات التحرر الوطني الكردي والشعب الكردي بتكاليف باهظة. ‏كما يتم التقليل من شأن النضال التحرري الوطني الكردي المستمر منذ عقود، بنفس ‏الفهم، ويتهم بالتعاون مع الإمبريالية، ويتخذ موقفا موضوعيا يدعم الدول الرجعية ‏الإقليمية، وخاصة الدولة التركية. هؤلاء الأشخاص، الذين يؤيدون الإمبريالية ويروّجون ‏للوقوف إلى جانب الأقوياء على أنه تقدمية، يحافظون على موقف مماثل في مواجهة ‏الهجمات التي نفذتها الدولة التركية ضد الأمّة الكردية في روج آفا خلال الأسبوع ‏الماضي. وبينما كانت الدولة التركية تدمّر محطات الطاقة والمستشفيات بالقنابل في ‏روج آفا وحتى تقتل العمّال الأكراد الذين يعملون في الحقول بقصفها، اختارت هذه ‏المجموعة إمّا لعب القرود الثلاثة في مواجهة هذه الهجمات أو دعمهم بالهستيريا ‏الشوفينية في ظل النظام التركي، باسم "محاربة الإرهاب". ورغم كل هذا التجاهل ‏والتوصيف لأسباب مختلفة، فإنّ الحركة القومية الكردية تناضل وتوجّه الضربات إلى ‏قوّة هي جزء من حلف شمال الأطلسي وتتميز بالعبودية للإمبريالية‎.‎
‏ كان لدى إسرائيل موارد عسكرية تقنية ضخمة و"جدار أمني" تم تحويله إلى أسطورة ‏من خلال الترويج لنفسه على أنّه لا يمكن مقاومته تحت اسم "القبّة الحديدية". وبدأت ‏قوات المقاومة الفلسطينية الحرب جواً وبراً عند 28 نقطة، قائلة إن "هذا الجدار سيأتي ‏ويذهب". تتمتع هذه الحرب أيضًا بخاصية تثبت مرة أخرى القول المأثور "في التحليل ‏النهائي، العامل الحاسم في الحرب هو الانسان".‏
‏ لا يمكن لأي قوة رجعية أن تستمر طويلا ضد الشعب الذي يؤمن بشرعية نضاله ‏والذي ينظّم وفقا لذلك ويوحّد قواه ضد العدوّ المشترك. تمامًا مثل دولة إسرائيل الرجعية، ‏على الرغم من أن الإمبرياليين وأتباعهم حاولوا تقديم أنفسهم على أنهم لا يقهرون ولا ‏يمكن المساس بهم من خلال الاعتماد على قوّتهم العسكرية والتقنية والاستخباراتية ‏والاقتصادية، إلا أنهم هُزِموا مرّات عديدة في مواجهة القوة الشعبية المنظمة.‏
‏ إن تاريخ الصراع الطبقي مليء بأمثلة لا حصر لها على ذلك. إنّ تعريف الرئيس ‏ماو لـ "الإمبريالية وجميع الرجعيين نمور من ورق" يكشف عن الطبيعة الحقيقية ‏للإمبرياليين وأتباعهم، بينما يعبّر أيضًا عن الثقة في قوّة الشعب‎.‎
‏ إنّ نضال الشعب الفلسطيني والقوى الفلسطينية المناهضة للاحتلال يبين لنا مرة ‏أخرى أنه لا يمكن هزيمة الإمبرياليين والرجعيين إلا من قبل القوات الشعبية المنظمة ‏والمسلّحة. إنّ تصوّر الحصانة والمناعة الذي يحاولون خلقه يمكن أن يتحطّم بسبب القوة ‏المنظمة للشعب. إن الموقف الصحيح للثوريين البروليتاريين هو أن يُحيُّوا ويدعموا ‏العملية التي قامت بها أربع عشرة منظمة فلسطينية ضد دولة إسرائيل الرجعية، وهي ‏الدولة الأكثر حماية في العالم والتي تتباهى بقوّتها العسكرية‎.‎
‏ اليوم، تبثّ الصهيونية الإسرائيلية وراعيتها الإمبريالية الأمريكية وجميع الإمبرياليين ‏الغربيين الكراهية والغضب تجاه فلسطين وغزّة على وجه الخصوص. فالرجعية ‏الإسرائيلية تحاول تعويض الضربة التي تلقّتها بقصف غزّة، المدينة التي يبلغ عدد ‏سكانها مليوني نسمة، بلا حدود وتركهم جوعى وعطشى تماما. وتحت شعار "الهجوم ‏الكامل"، يخطّطون لتدمير غزّة عن طريق إخلاء سكّانها بطريقة أو بأخرى. وتتخذ ‏السفن الحربية الأمريكية خطوات لحصار غزة من البحر، كما سيعتبر ذلك فرصة جديدة ‏لتنفيذ خطط الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة وتنظيم البحر الأبيض المتوسط ‏بشكل آمن لخط الطاقة. حوصرت غزّة بالنار والبارود، وأُطلق العنان للقسوة التي ‏نشرت الموت والدموع، وأصبح الحصار وحشياً مع انقطاع المياه والكهرباء ‏والاحتياجات الغذائية بشكل كامل، هناك عدوان صهيوني وإمبريالي يعتقد أنّ حلّه يمكن ‏أن يكون بتدمير الجماهير، التي هي المحرك الأساسي للمقاومة والنضال. تتم مناقشة ‏خطط زيادة جرعة الهجوم بعملية برية بشكل علني، ومن الواضح أنّ كلّ هذه الحسابات ‏لا يمكن أن تكون سهلة. لقد أظهرت "عاصفة الأقصى" أن مقاومة الشعب الفلسطيني ‏تتمتّع بجرأة وشجاعة "ليس لديها ما تخسره".‏
‏ إنّنا نُحيّي انتفاضة ومقاومة وكفاح التحرير الوطني الفلسطيني، وإنّنا ندعو شعبنا إلى ‏النضال والتضامن ضد استمرار الصهيونية في استعباد فلسطين وإغراقها بالموت ‏والدموع‎.‎
سوف تنتصر الشعوب والأمم المضطهدة، وسيخسر الإمبرياليون وخدمهم ‏‎!‎
النصر سيكون للشعب المكافح والمقاتل ‏‎!‎