السياسة الامريكية واوهام الجري وراء السراب


رسميه محمد
2006 / 11 / 18 - 11:41     

كان المؤمل أن تكون النكبة التي حلت بالشعب الامريكي في يوم الحادي عشر من أيلول في الولايات المتحدة الامريكية , فرصة تنتهزها الادارة الامر يكية كي تعيد النظر في سياستها الخارجية التي أضرت بمصالح غالبية شعوب المعمورة , واثارت مشاعر العداء لامريكا في مختلف مناطق العالم. غير ان الرد الامريكي جاء مخيبا للامال باعلان ادارة الرئيس بوش الحرب على الارهاب بدأ من افغانستان وصولا الى العراق في معركة مفتوحة من حيث الجغرافية والزمان- هي في الواقع جزء من اعادة صياغة العالم بما يضمن هيمنتها عليه, لتكريس تلك الفكرة التي جاء بها فرانسيس فوكاياما حينما سمع بانهيار المظومة الاشتراكية والقائلة ب( نهاية التاريخ). لقد احدثت الحرب على العراق بالنتائج الخطيرة التي تولدت عنها زلزالا في حياة العراق والعراقيين . صحيح انها اسقطت نظاما استبداديا من ابشع واشرس انظمة الاستبداد التي عرفها التاريخ الا انها أرفقت ذلك الانهيار بتخريب شامل لبنى الدولة العراقية وتشكيلاتها الاجتماعية بشكل لم يسبق له مثيل. ولقد تفاقم حجم التدهور في الاونة الاخيرة في جميع مرافق الحياة قياسا لما قبل الحرب وعشية الحرب.كل هذه التطورات أوضحت صحة موقف الحزب الشيوعي العراقي الرافض للحرب وتوفعاته لنتائجها الكارثية. ويشير الاعلام الامريكي أن المعلومات المتسربة عن تقرير تقديرات الاستخبارات القومية , تفيد توصله الى تحول العراق الى معقل للارهابيين . ذلك هو ما اكده كتابان صدرا حديثا , هما الافضل مبيعا بسبب فضحهما لفشل ادارة بوش واكاذيبها فيما يتصل بمسار الحرب واستقواء شوكة العنف الدموي في العراق. ويعتبر كثير من المراقبين السياسيين في امريكا وخارجها, ان انتخابات الكونكرس الامريكية التي جرت في السابع من نوفمبر الجاري تعد لحظة تاريخية خارقة وسيكون لها اثار بالغة الاهمية بكل المقاييس على امريكا. ولابد من النظر الى الدور المحوري الذي لعبه موضوع العراق في التاثير على الناخبين الامريكيين . حيث اعتبرت نتائجها من قبل العديد من المراقبين على انها تصويت شعبي ضد سياسات بوش في العراق بعدما فشلت في تحقيق الاهداف المعلنة للحرب.ويشير الاعلام الامريكي انها المرة الاولى في الانتخابات الامريكية التي تضطلع فيها السياسة الخارجية بدور محوري في تحديد نتائج الانتخابات بعدما كانت القضايا المحلية والاقتصادية تحظى بالاولوية في بلورة اتجاهات الناخبين. واعترف بوش بان استياء الناخبين من الموقف في العراق , لعب دورا في الانتخابات وفي النصر الذي حققه ا لديمقراطيون . كما اعترف ان السياسة في العراق لاتعمل بشكل جيد على نحو كاف ولا بالسرعة الكافية. وقد تضاربت الرؤى والمقترحات والمبادرات بخصوص الخروج من المأزق في العراق ومن الحلول المطروحة هي كما يلي---
1- الانسحاب السريع من العراق 2- الانسحاب المنظم وترك الامر للعراقيين .3- تقسيم العراق – 4- الحلول الدبلوماسية ومن ضمنها اقامة العلاقات مع ايران وسوريا- وهذا ما دعا الى تشكيل لجنة مشتركة لدراسة العراق من الجمهوريين والديمقراطيين برئاسة وزير خارجية امريكا السابق بيكر, ويترقب الجميع التوصيات التي ستقدمها. وفي مقابلة صحفية مع وزيرة الخارجية الامريكية كونداليزا رايس أجراها الصحفي كال توماس عن جريدة لاريبوبليكا الايطالية ذكرت فيها( ان انهيار وتحقق نهاية النظام السوفيتي خلق الاعتقاد لدى الكثيرين ان ذلك سيكون نهاية التاريخ, وفقا للتعريف الذي طرحه فرانسيس فوكاياما , ولم ناخذ بالحسبان حينئذ ان بعض التهديدات غير التقليدية هي اخذة في الظهور بعمق الصورة , تصاعد وتيرة الارهاب الدولي وشرق اوسط كان يعتقد انه يتمتع بالاستقرار , في الوقت الذي كان فيه ذلك الاستقرار مزيفا, وظهور دول تسعى جاهدة لا امتلاك اسلحة الدمار الشامل. مثل ايران وكوريا الشمالية, وبالنسبة للشرق الاوسط وبالذات اشارت انها تعتقد انه قد بات من الواضح الان وجود نوع من الهيجان وفي اللحظة التي بدا فيها الاشخاص باعادة تنظيم انفسهم من حول مبادئ ورؤى سياسة مختلفة واكدت انهم امام استهلالات تحول تاريخي كبير و ولا يساورها اي شك في امكانية تحقيقه على المدى البعيد---الخ)- هذه التصريحات عكست ان هناك قراءة ومراجعة جديدة لنظرية نهاية التاريخ من قبل مروجيها والساعين لتحقيقها انفسهم, ستنعكس نتائجها على السياسة الامريكية بحيث ستطال ليس فقط الجوانب التكتيكية في السياسة الامريكية بل تتعداها الى الجوانب الاستراتيجية ايضا. وقد افادت صحيفة نيويورك تايمز ان القائمين على الجيش الامريكي بدأو مراجعة كبيرة للاستراتيجية في العراق ومناطق التأزم الاخرى في حملة ادارة الرئيس بوش ضد الارهاب وقد شكل رئيس الاركان المشتركة للجيش الامريكي الجنرال بيتر بيس لجنة من البنتاغون لالقاء نظرة جديدة على العراق وافغانستان وغيرها من المناطق الساخنة. ان المثل العراقي الراهن قد اكد من جديد أوهام مروجي نظرية نهاية التاريخ وان عصر الامبراطوريات التي تتحكم في العالم قد بدأ يخلي مكانه لعصر جديد . اذا ان مهمة كل الطامحين للحرية ان يعيدوا بناء احلامهم في التحرر والانعتاق والتقدم الاجتماعي. كما يقع على عاتق جميع القوى السياسية الوطنية العراقية والعربية, ان تستفيد من الدرس وان تسعى للتصالح ديمقراطيا فيما بينها ومع مجتمعها وشعبها وان تشارك الشعب الحكم والقرار لكي يستطيع الدفاع عن حياته الصحيحة في وطنه وعلى ارضه الى جانب دفاعه عن فضاياه القومية العادلة. ولكن من الجدير الاشارة اليه ان المصالحة لاتتحقق بالدعوات مالم تتوفر الشروط الاساسية لها والمتمثلة بالنقاط التالية------ 1- توفر ارادة سياسية وطنية موحدة 2- استقلالية القرار السياسي بعيدا عن اي تدخلات خارجية . 3- حل الميليشيات وتجريدها من السلاح ونبذ كل اشكال العنف 4- تغيير الخطاب السياسي واعتماد لغة الحوار بين جميع الاطراف. ان الارادة الانسانية ان وجدت هي وحدها خالقة الحياة وليست قوة اخرى غيرها وان النصر لابد ان يكون في النهاية لصالح المبادرات الانسانية الجماعية الخلاقة الواعية-
14/11/2006