الصهيونية و الصفيونية وجهان لعملة واحدة


حسام تيمور
2023 / 11 / 4 - 18:51     

لفهم شيء مما يحدث ، و بعيدا عن التبرير العاطفي المؤدلج و منطق العقل الرث و الوضيع كذلك، في صناعة الأوهام و الدفاع عنها، يكفي الاطلاع على رقم الاستثمارات الصينية الأخيرة في السعودية، و الذي تشكل على هامش مناورات ابن سلمان او شطحاته الغريبة و السريالية، و كذا رقم الاستثمارات الصينية في ايران الذي تشكل قبل هذه المرحلة.
إن هذا التحول هو الذي صنع بوادر ما يمكن تسميته بالمصالحة بين السنة و الشيعة، و المقصود سنة ابن سلمان و شيعة الملالي، و هو الذي فرض على الصين الضغط بشكل جدّي على ايران، من اجل تجنب اي تصعيد كبير يضر بمصالحها و بمصالح ايران نفسها، و يتعلق الامر هنا بغنيمة اقتصادية كبيرة جدا.
هذه كانت ببساطة خلفية موضوع الوساطة التي اقترحتها الصين قبل أيام و بشكل رسمي على الولايات المتحدة لاحتواء الوضع، و هي وساطة تشمل الضغط على ايران لتلجيم ادواتها "العسكرية" بشكل لا يستدرج المنطقة الى حرب كبرى او تصعيد كبير، و هو ما يهم الصين هنا قبل الولايات المتحدة او اسرائيل، و كذا بالمقابل التخفيف من رد الفعل الاسرائيلي او على الأقل الزام الغرب و دول الخليج باحتواء اثاره المدمرة ماديا، بينما تقوم كراكيز ايران باحتواء الأثر المعنوي للقصف و الانتهاك و الابادة الجارية، بضربات محدودة هنا و هناك، ضد اسرائيل او ضد امريكا لا يهم، فكله متحكم فيه .. و لا يمثل ضررا كبيرا بالنظر إلى "المقابل"، و هو الاستفراد بقطاع غزة، أو تصفية آخر ما تبقى من قضية، و هذا هو دور ايران القذر الوحيد الممكن هنا، تماما كما كان دورها في سوريا، و لهذا لعب حسن نصر اللاه دور الشيطان المومس القذر، بخرجته الاخيرة المثيرة للجدل و الاهتمام، سواء من حيث شكلها او موضوعها.
و أخيرا يبقى الطرف الأكثر اهتماما برفع وتيرة التصعيد هو روسيا، التي بدات تجني منذ الآن ثماره ميدانيا و سياسيا، و لكن تجد روسيا نفسها هنا كذلك مجبرة على ترك الفرصة او الاستفادة منها بشكل محدود، نظرا لتشابك المصالح الروسية مع مصالح الصين، بشكل عضوي و حيوي يتجاوز اي مكسب ممكن من خلال اِشغال الغرب بالشرق الأوسط.
إن الفخ الأمريكي الذي لم يفهمه أحد ربما كان هو الانسحاب الذكيّ أو ما يمكننا تسميته بالانسحاب الخلاّق، من نطاقات محددة في منطقة الشرق الأوسط، و الذي جعل من مهمة ضبط بؤر التوتر مسؤولية الطرف القادم باستثماراته و ثقل مشاريعه، و الذي يُفترض انه هو المستفيد منطقيا من تلك البؤر بحكم عدائها السابق و الراسخ للوجود القديم، لكنه يجد نفسه اليوم مجبرا على تحجيمها حفاظا على غنائمه الجديدة.