صندوق العقل العربي . . متى يتحرر


أمين أحمد ثابت
2023 / 10 / 24 - 00:40     

للأسف لم يزل العقل العربي مرتهنا في صندوق – صمم له استعماريا لجيل بعد جيل من زمن بعيد – بأربعة تصاميم تظهر موقف انسانه النظري ( الذهني المفرز قولا أو كتابة ) والعملي ( سلوكا او ممارسة ) ، الأول بطابع التطرف العصبوي المتشدد ، والذي يتجسد واقعا في انسانه بطابعين ، احدهما النموذج ( العقائدي الايماني المطلق ) ، والأخر بنموذج ( الانقيادي المستلب عن جهالة ) – أما الثاني فيكون محتجز عقله ومسيطر عليه ( العقل العاطفي ) ، ليظهر موقف انسانه النظري – أي القولي والكتابي – انفعاليا حدي التحيز ، بغض النظر عن درجة الصحة أو الخطأ لذلك الموقف ، بينما موقفه العملي لا تحكمه الإرادة الواعية عند الذات ، ولكن تحكمه العوامل والظروف المحيطة به ، إما تكون مساعدة وملائمة فترفع درجة الفعل الممارس المترجم لذلك الموقف ، أو تكون الظروف القائمة غير ملائمة والعوامل كابحة ، فيكون الموقف الممارس لا يخرج عن كونه ظاهرة صوتية لانسان هذا الصندوق الدماغي – ثالث التصميم الصندوقي للعقل ، يلمس انسانه موقفا بملموسية واقعية عن ( عقل اغترابي ) ، يتجلى موقفه النظري ( قولا وكتابة ) بخلائط غير متسقة من القناعات الفكرية التأثرية ، غالبا ما تظهر تارة متناقضة او متضاربة – أي في امر او مسألة ما يقوم موقفه كمتعصب حداثي ( عبثي غير محدد الوضوح ) ، مثل اعتناق مبدأ السلام و . . لا قيمة محسوبة إذا ما كان السلام غير عادل او كسلام استسلام ، وهو موقف يتجاهل عقل انسانه كل أفعال الوحشية والتدميرية والتنمرية والقهر العنصري الممارس من قبل من يدعو الى السلام معه ، والذي لن يكون السلام المحقق واقعيا سوى ما يرتضيه بتميزه العرقي الاستقوائي مع الطرف الاخر الموقع معه على ( اتفاقية السلام ) – بينما ذات الامر إما في زمن اخر او من زاوية أخرى يتجلى موقفه النظري على نموذجين لموقف انسانه ، إما يكون متعصبا حديا ( عاطفيا مع ذاته المفردة فيما يعلنه ) وليس . . لقناعة فكرية واضحة او لمبدأ يعتقده ويترجمه في موقفه النظري ، أو يكون موقفه مفتتا وغير متماسك في وحدة القناعة للرؤية ، وكثيرا ما يكشف الموقف النظري لهذا النموذج من الناس طابعه شبه الذهاني او الممزق لبنية انتماء هوية الشخصية ، حيث يكشف الموقف النظري عادة لهذا النموذج طابعه المتأرجح – غير المؤصل – تارة مع التيار السائد وأخرى ضده أو مرة مع المنطق ومرة بتخليق عصفي ذاتي لمنطقة خاصة يمكن أن تقبل رغم غرابتها وأخرى ضد المنطق وما يقبله العقل السوى او الضمير – وأخيرا مصمم الصندوق الدماغي الرابع ، وعقل انسانه ( نفعي مطلق الانانية الذاتية ) – أي عقلا لا قيمي انساني – يتجلى موقفه النظري ملموسيا ( قولا او كتابة ) بصور استتمامية من التمظهر المتعالي لغة ، المبني على الخداع والمغالطة والتلفيق والتبرير لما لا يبرره العقل السوي او التجميل – لما هو قبيح – هذا غير الادعاء – مثلا بالمعرفة او العلمية او الوطنية او الإنسانية او التواضع . . الخ – بينما يتجسد موقفه العملي الممارس . . في تقدمه الصفوف عادة – في أية قضية او حدث او مسألة كانت – ويتصدر الموقف الجمعي خطابة وتوجيها وسلوك تحشيدي دافع . . حيث تكون مصلحته وغايته تجد ملاذ تحققها بممارسته ذلك الدور المستغل لعفوية الاخرين او بساطة نياتهم ، وحين ينقلب الظرف لحظة بما يضر شخصه يكون أو الهاربين او المنسلين اختفاء ليس على صدارة الموقف بل ومن بين الجموع التي كان يحرضهم ، ليفاجأ لاحقا أنه واحدا من المتشدقين مع الصف الذي خرج كمعارض متشدد ضده قبلا – وهذه صورة من مئات من الصور المتقلبة الموقف وفق المنفعة الانتهازية اللاقيمية .

فهذا سائد صناديق العقل العربي الراهن ، وجميعها دون استثناء مطبوعة ادمغتها على الانخداع والغسيل والانقياد الاستلابي – دون ادراك ذاتي لحقيقتهم الدماغية العقلية – بين تطبع على سيادة الوهم وبين زيف مسيطر على الوعي ، يجعل انساننا ( حقيقة ) غير فاعل لخلق وجوده وحياته ، بل يعيش وجوده وحياته وفق ما يفرض عليه وتملى عليه ليحيا بانقياد طوعي – بوهم حريته الذاتية – فيما خلق له من غيره – فمتى يتحرر العقل العربي !!!!!!!!!!!!!