المقاومة واستراتيجيات التحريك


بشير الحامدي
2023 / 10 / 22 - 15:45     

ـ 1 ـ
اليهود والمسيحيون والمسلمون هم أصحاب التاريخ والمصير في فلسطين والوافد الوحيد هناك هو الصهيونية هو الدولة الصهيونية وآلتها العسكرية وحكامها والطبقة العنصرية التي تحتمي بهذه الآلة المجرمة البربرية وكل حلفائها من الرأسماليين والعنصريين في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وفي كل البلدان ومرتزقتهم من الأنظمة العربية الرسمية الفاسدة.
منذ سنة 1948 وميزان القوى هناك في فلسطين على حاله لصالح الصهيونية وقد أثبتت كل المعارك السابقة أنه لن يتغير إلا بتأجيج انتفاضات الداخل الفلسطيني وفي الضفة والقطاع وتوحدها في حركة مقاومة جماهيرية معادية للصهيونية وآلتها العسكرية وللتقسيم ولحل الدولتين فمسألة الحق الفلسطيني (حق تقرير المصير ومواجهة الاستيطان والميز العنصري) لا يمكن الرؤية لها اليوم كما منذ 1948 حقوقا مفصولة عن مجمل الحقوق الأخرى المتعلقة بكل سكان إسرائيل يهودا كانوا أم مسيحيين أم مسلمين تلك الحقوق التي تدوسها الدولة العنصرية الصهيونية.
ـ 2 ـ
في 7 أكتوبر 2023 كانت عملية طوفان الأقصى، صحيح أنها عملية مباغتة وفعالة وبسلاح لا يضاهي سلاح الدولة الصهيونية وصحيح أنها أحيت الأمل في النفوس المنكسرة خصوصا لدى العرب من خارج دائرة الأنظمة وصحيح أنه خطط لها بشكل جيد ونفذت كذلك بشكل جيد ولكنها كانت مواصلة للاستراتيجيات السابقة لحركة حماس.
طوفان الأقصى كان مطلوبا منها أن تكون مستندة لاستراتيجيا تُحرّر وليس لاستراتيجيا تحريك الأوضاع. كان مفترضا أن ترى النتائج أن تعي قدرتها على حماية الشعب الفلسطيني في غزة. نحن بهذا لا نريد القول إنه كان يجب ألا يكون طوفان الأقصى بل نريد أن نؤكد على أنه كان مفترض تخير الوقت وتعبئة كل إمكانيات المقاومة في المنطقة والتنسيق معها كان مفترض وعي ردة فعل الأنظمة العربية والرأي العام الدولي.
بهذا القول كنا نريد قول إن الدولة الصهيونية ستجد في ذلك مشروعية (طبعا في الحقيقة لا مشروعية خصوصا أخلاقية للدولة الصهيونية بوصفها دولة مغتصبة عنصرية) لضرب غزة من جديد وتفعيل استراتيجيات التهجير وإبعاد المقاومة...
مخطط الدولة الصهيونية هذا مخطط قديم وقد بحثت الدولة الصهيونية على تفعيله ولكنها فشلت في كل مرة ولكن وكما نرى فطوفان الأقصى منحها هذه الفرصة لذلك تكالبت وسائل إعلامها وآلتها الدعائية على توصيف المقاومة بالإرهاب والمقاومين بالإرهابيين لا بل كل الفلسطينيين بالوحوش والحيوانات التي يجب مواجهتهم والقضاء عليهم.
إنه الحلم الصهيوني الذي لا يرى جيرانه سوى حوش ضارية وحيوانات يجب تطهير الأرض منها حتى يستتب لهم السلام.
لم تنجح المقاومة بكل فصائلها وطيلة كامل تاريخها في أن تكون الممثلة للشعب الفلسطيني وفي أن تكون المعبرة عن قضيته العادلة. هذا بعين السياسي الذي يرى الواقع ولا يقف فقط على الشعارات.
لم تنجح المقاومة طيلة تاريخها في إيصال قناعة للرأي العام خصوصا الدولي منه ناهيك عن جزء كبير منه في المنطقة العربية والإسلامية على أن الصراع في فلسطين ليس صراعا ضد اليهود بل إنه صراع ضد الدولة الصهيونية.
لم تنجح المقاومة طيلة تاريخها في إيصال فكرة أن أرض الميعاد هذه أسطورة ابتدعتها الصهيونية للتشريع لتوطين اليهود وتهجير العرب الفلسطينيين.
لم تنجح المقاومة طيلة تاريخها في إيصال فكرة أن المعركة في فلسطين ليست معركة أديان وكيف ننسى أن حماس وليس غيرها هي من حولت الصراع في فلسطين إلى صراع ديني ولم يسبقها في ذلك غير الصهاينة.
فلسطين أرض الميعاد بالنسبة للصهيونية وفلسطين أرض للمسلمين بالنسبة للحركات الإسلامية ما الفرق!
أرض لأصحاب الديانة الإسلامية ماذا تختلف عن أرض الميعاد الصهيونية؟
لا شيء ... فقط من يكون هناك باسم الدين.
لا شيء ... فقط من يكون باسم الشوفينية العرقية والدينية.
كيف يستقيم سلاح بيد حركة دينية عرقية؟
كيف تكون مقاومة بيد حركة دينية عرقية؟
الحركات الدينية العرقية الشوفينية العنصرية يهودية كانت أو إسلامية أو مسيحية لا يمكن أن تكون إلا حركات إبادة.
فلا إسرائيل من مصلحتها إزاحة حماس ولا من مصلحة حماس أن تنبت مقاومة شعبية في كل فلسطين خارجة عن تأثيرها وقيادتها وفي الانتظار سيبقى الضحايا دائما هم الضحايا.
وفي الانتظار سيبقى الضحايا دوما هم الممنوعون من المقاومة.
ـ 3 ـ
الهدف من حرب الابادة الجارية أوضح من الشمس.
إنه تنفيذ مخطط منع القدرة على الانتفاض ولو بالحجر.
هذا المخطط ينفذ دوما ويتجدد في شكل ـ حرب إبادة ـ لأن القدرة على الانتفاض قدرة متجددة وتاريخية لأصحاب الحق في كل أرض فلسطين.
الحرب على غزة حرب على المستقبل لذلك هي كما تشاهدون
فالدولة الصهيونية لا تراهن على الحاضر فقط إن رهانها هو على المستقبل.
رهانها اجتثاث كل بذرة يمكن أن تنبت نبتة تقاوم في المستقبل والوسيلة لتنفيذ ذلك هي التقتيل ومزيد التقتيل ودفع جزء من سكان غزة إلى تخير التهجير على الموت بالقنابل والرصاص. حرب الإبادة الدورية التي صارت على غزة ضحاياها هم كل من يمكن أن يكون لهم القدرة على الانتفاض. ولأن المقاومة الحق غائبة ستلعب الصهيونية كما تشاء في وضع دولي معاد لأي مقاومة: التدمير والجريمة. ستعمل على تهجير جزء من سكان غزة واستكمال التهجير في فترة لاحقة ولكن هذه المرة بضمانات أكثر وليس أقدر من السيسي على فعل ذلك. والمهم أن الهدف يتحقق والهدف: اجتثاث أي إمكانية للمقاومة في وجه الكيان العرقي الشوفين حتى أجل منظور.
ـــ
22 أكتوبر 2023