لنتجنب الخطر الأكبر


منى نوال حلمى
2023 / 10 / 15 - 18:47     

----------------------------------
على يقين أنا ، أننى أبعد ما يكون عن الشخصية الارهابية . فأنا عندى المناعة الكبرى التى تمنعنى من الانضمام الى جيوش الارهاب ، بمختلف أنواعها .
أنا على يقين ، أننى لن أمسك بأى سلاح لتخويف أو تهديد اآخرون . فكل الدوافع الارهابية لا تجد داخلى طعامها وشرابها ومسكنها .
وأعلم تماما اننى أعيش فى عالم ، تُضخ فيه الدماء الارهابية ، كما تُضخ الماء فى عروق الظمأ . عالم يحب رؤية الرؤؤس المقطوعة ، والرقاب المذبوحة ، عن رؤية الحدائق والبحور . عالم يطربه انين الموجوعين ، واستغاثة
الخئفين ، وآهات المتألمين .
عالم يتفاخر فيه البعض بقدرته ، على تجويع وحصار الناس الآمنين . يمزق ملابسهم ، كما يمزق الأوراق القديمة ،
وهم بلا سلاح يضمن لهم ، ولو حتى الاختباء تحت سقف آمن .
البعض يسمى القتل والذبح والاغتصاب والتشريد والتهديد ، رجولة وكرامة وشرف . هل نسمى الصياد المفخخ بالسلاح وهو يصطاد طائرا ضعيفا ، لا يملك شيئا للدفاع عن نفسه ، انسانا ماهرا بارعا ، يتقن الرماية ، ويجيد اصابة الهدف ؟؟.
ان كل هذه الأنواع وغيرها ، من الشرور الدموية ، ناتجة عن أصل واحد ، وهو " كراهية الانسان لنفسه " ، و " عدم ايجاده لهدف يعيش من أجله ".
القاسم المشترك بين كل أصحاب الارهاب والشرور ن أنهم " بلا هدف للحياة " ، كل ما لديهم هو " أهداف للموت ".
منْ يحب نفسه ، ولديه دوافع للحياة وانتظار الغد الأفضل ، يستحيل أن يصبح شريرا وارهابيا .
ولهذا السبب ، أنا بعيدة كل البعد عن المكون الأصلى للارهاب والشر . فأنا أحب نفسى كثيرا جدا ، وبالتالى احب الحياة . هذا كل ما أمتلكه ، وهو ثروة كبرى أزهو بها .
أحب نفسى ، أثق فى قدراتها ، أؤمن بها .
حب النفس ، ليس فقط ، فضيلة كبرى . بل هو أيضا ، الذى يجعل الفضائل الأخرى ممكنة .
كل أنواع الحب الأخرى ، هى امتداد ، لحب النفس . اذا لم أحب نفسى ، فكيف أحب الآخر ؟؟ .
اذا لم أتواصل مع ذاتى ، فكيف أتواصل ، مع الآخر ؟ . وهذا كلام منطقى . فكيف للانسان ، الذى يكره نفسه ، التى هى أقرب الأشياء اليه ،
ان العجز عن حب أنفسنا ، هو " اعاقة " ، حقيقية ، رئيسية ، تمنع التفاعل الايجابى ، الصحى ، السوى ، مع الحياة ومع البشر .
واننى مقتنعة جدا ، بأن الشرور ، التى أصابت البشرية ، على مدى تاريخها ، كانت على أيدى ناس عجزوا عن حب أنفسهم . وهذا العجز مؤلم .
و العجز تامزمن هذا ، يحتاج باستمرار الى مسكنات ، للتخفيف عنه .
هذه المسكنات ، تتباين فى أشكالها ، ودرجاتها . بدءا ب ميول التعصب ، والعنصرية ، والتسلط ، والعنف ، والاستغلال ، والتدمير ، والتخريب ، والحروب ، والارهاب .
هذه هى " الروشتة " ، التى تتستر على " الرذيلة " الكبرى ، - كراهية النفس - .
" كراهية النفس ".
والعكس صحيح . كل أنواع " الخير " ، الذى حققته البشرية ، كان بسبب ، نساء ، ورجال ، يفتخرون
بذواتهم ، و أحبوا أنفسهم ، واجتهدوا ، لمد هذا الحب ، الى اكتشافات ، وانجازات ، تعود على الناس ، بالفائدة ، والسعادة .
داخل كل انسان ، " ذات " متفردة ، كبصمة الاصبع . هذه الذات ، هى " الأصل " .. هى
" الطاقة " .. هى " البصيرة " ... هى " الالهام " .... هى " سرنا " ... هى " قوتنا " ... هى " شفاؤنا "
هى " البدء " .. هى " المنتهى " .
حب النفس ، اذن ، هو أداة " ثورية " ، تمدنا ، بالعطاء الخير ، والتفاؤل ، الناضج .
لنبتعد عن كل الذين يكرهون أنفسهم ، لأنهم الخطر الأكبر علينا وعلى الحياة .
لا عجب أن كل الارهابيين ، قديما وحديثا ، يستسهلون الموت ، وتفجير أنفسهم ، فلاشئ يعنى لهم شيئا . فقد عجزوا عن البداية السليمة لكل أشكال الحب ، والتعايش ، والتعاون .