مثلث ( حمص – ادلب – غزة ) وحرب إسرائيل - حماس


صلاح بدرالدين
2023 / 10 / 11 - 16:11     

أولا – من يقف وراء التصعيد ؟ :
في غالب الأحيان تستند الاستراتيجية العسكرية – الأمنية الإيرانية على المبدأ الذي ارتبط بالعقيدة العسكرية الصينية ( الهجوم افضل وسائل الدفاع ) ، وقد أدت تطورات الأوضاع بمناطق النفوذ الايراني في الآونة الأخيرة لغير مصلحة السلطة التيو – عسكرية الحاكمة ( ضيق الخناق الدبلوماسي بشان الاتفاق النووي من المجتمع الدولي – التهديد العسكري الجاد من جانب الحلفاء بقيادة أمريكا في جوانب الحدود المشتركة العراقية – السورية – الأردنية وقطع الطريق بين طهران والبحر المتوسط – اصطياد إسرائيل لكل شحنات الأسلحة المرسلة الى لبنان – صعود الإرادة الوطنية السورية ضد نظام الاستبداد والوجود الإيراني الاحتلالي ومن تجلياتها حراك السويداء – تململ ضمن صفوف أهالي مناطق نفوذ النظام في الساحل هؤلاء الذين يستمد منهم حكام ايران في العلاقة الخاصة مع نظام الأسد – توسع الشرخ بين مجموعات قنديل المرتبطة بايران في صفوف جماعات ب ك ك السورية وبين من يريد فك الارتباط بمركز قنديل – ارتفاع أصوات ولو خافتة في العراق ضد الهيمنة الإيرانية وميليشياتها – انكشاف خداع الحوثيين باليمن بشان السلام – احتمالات تجدد الانتفاضة المناوئة للنظام داخل ايران - .
ثانيا – من له مصلحة بالتصعيد وخلط الأوراق ؟ :
١ -نظام الأسد بالدرجة الأولى الذي تراجع الى عزلته العربية السابقة ، والمعزول أساسا من المجتمع الدولي ، والمستهدف من غالبية السوريين حيث كل الدلائل تشير ان حراك السويداء الذي يرفع شعار اسقاطه ورحيله سيكون فاتحة حراكات أخرى ومن ضمنها مناطق الساحل .
٢ – المحتل الروسي الذي تورط في اوحال أوكرانيا ، ويعاني العزلة والحصار ، ولم يؤمن له حاضنة سورية شعبية صديقة ، والطغمة البوتينية الحاكمة تبحث عن اية ثغرة لازعاج الولايات المتحدة والغرب عموما ، وزرع الألغام امام سير العلاقات الغربية مع دول افريقيا ، واسيا ، وامريكا اللاتينية ، ويهمها توتير الأجواء في الشرق الأوسط للتخريب على المصالح الغربية ، ومن اجل إيجاد من يطلب منها التدخل بواسطة مرتزقة – فاغنر – او ارسال جنودها .
٣ – الصين ذلك المارد الذي استيقظ حديثا من غفوته ويبحث عن أي مسلك يوصله الى بحار الخليج الدافئة حتى لو كان على حساب المبادئ الأخلاقية ، ومن مصلحته اشتعال الجبهات ليحل محل الاخرين وخصوصا أمريكا والغرب .
٤ – حركة حماس التي قامت بالانقلاب على سلطة حركة فتح التاريخية ، وتسعى الى الحلول محلها في قيادة الفلسطينيين ، استغلت ضعف السلطة الفلسطينية الحالية ، واستفادت من الدعم الإيراني المفتوح عسكريا ، وماليا ، وذلك للسطو على سلطة القرار ، والثار لتراجع حركات الإسلام السياسي والاخوان المسلمين في المنطقة ، وقد تسربت معلومات عن عتاب قاس لإيران على فصائل غزة من حماس وجهاد بشان تباطئهم ، وعدم تحركهم رغم كل المساعدات السخية .
ثالثا – ادوات الإخراج
بحسب المنطلقات ، والمعطيات يشكل النظام الإيراني المبادر الأول لتحريك المسارات العسكرية ، في جميع الجبهات ، وذلك لايعني مطلقا ان المخطط لم يشارك آخرون في وضع اللمسات الأخيرة عليه وخاصة روسيا ، والنظام السوري ، وقد تكون الصين اخذت علما بذلك .
رابعا – الخطوات التمهيدية للمنازلة الكبرى
عملية انقرة ( لاشعال الشمال والشمال الشرقي واشغال تركيا ) التي نفذها مركز قنديل لحزب العمال الكردستاني الموالي لإيران ، شكلت الإشارة الأولى لبدء تنفيذ المخطط المرسوم ، تلتها عملية الكلية الحربية في حمص ، وهي حاجة إيرانية – اسدية كما ذكرنا سابقا ، وحاجة روسية أيضا لايجاد ذريعة للمزيد من الاجرام والتخريب بحق السوريين المعارضين للنظام ، وفي هذه الجزئية هناك من يتهم جبهة النصرة بزعامة الجولاني بالتواطؤ مع الروس والنظام ، ثم اكتملت – ولم تنتهي بعد – بعملية حماس ضد إسرائيل المتواصلة حتى اللحظة ، والتي تتم بطريقة فريدة من نوعها لم تعرف أسبابها وتفاصيلها ، ونتائجها حتى كتابة هذه السطور ، وهناك من يرى ان أسبابا عدة أدت الى نجاح خطة حركة حماس حتى اللحظة أولها يوم العطلة الأسبوعية والعيد ، وثانيها الانقسام العامودي في المجتمع الاسرائيلي نتيجة صراع المعارضة مع حكومة نتانياهو ، وتمرد العديد من افراد الاحتياط بالجيش ، وضباط الامن ومختلف الإدارات .
خامسا – الاحتمالات
قد تكود ردود الفعل الاسرائلية العسكرية غير اعتيادية وشديدة تجاه قطاع غزة ، وقبل ذلك يمكن لإسرائيل مهاجمة المراكز الحساسة في داخل ايران ، وضرب تواجدها في سوريا ومناطق أخرى .
من جهة أخرى من المحتمل ان الشركاء الثلاثة ( ايران – روسيا – نظام الأسد ) قد خططت أيضا لاعمال مشتركة ما ، وقد ترى تركيا انها فرصة لتنفيذ اجندتها في الأراضي السورية .
وفي جميع الأحوال كل الساحات المشتعلة قابلة للتوسع عبر وكلاء ثانويين بانتظار البت النهائي من أصحاب القرار .
طبعا من المبكر تناول وتقييم المسارات العسكرية وأسباب ونتائج الحرب التدميرية الجارية لانها مازالت البداية كما يقول مسؤولو الطرفين المتقاتلين ، ولكنها وكما قال الخبير السياسي الأمريكي – مارتن انديك – ان عملية حماس بمثابة ١١ سبتمبر الامريكية ، وان ماحصل يؤكد فشل المنظومة العسكرية الأمنية الاسرائلية مع مسؤولية تتحملها المخابرات الامريكية أيضا ، وكما شبهها آخرون بالابادة الجماعية التي مارسها داعش في سنجار .
ايران راس الافعى
فرضية وقوف ايران وراء التصعيد تتعزز يوما بعد يوم ، فقد نشر مرشد ( الثورة الإيرانية علي خامنئي ) على صفحته بالاكس تويتر سابقا قبل اندلاع المعارك بثلاثة أيام : ( إسرائيل ستزال والحركة الفلسطينية اليوم اقوى من أي وقت مضى وانا على يقين ان السرطان الاسرائيلي سينتهي ، وان الكيان الصهيوني في حالة الموت ) ، كما ان الأمريكيين اوصلوا رسالة الى نظام طهران عبر الفرنسيين تحمل تهديدا مباشرا وتحذيرا من أي تدخل عسكري من جانب الإيرانيين وتوابعهم من الميليشيات ، وان الروس بحسب تصريحاتهم يبحثون عن ثغرات لاستثمارها ضد الغرب عموما وكذلك الصين ، ومن الملاحظ ان جميع الأطراف ( من دول ومنظمات ، وميليشيات ) المتحالفة مع ايران ، وروسيا ، والنظام السوري اعلنوا عن مواقفهم المساندة لحركة حماس .
هل هي حرب بين الشعب الفلسطيني وسلطته الشرعية وبين إسرائيل ؟
السلطة الشرعية الفلسطينية المنتخبة لم تعلن الحرب بل مازالت ملتزمة باتفاقيات ثنائية وبوساطات مصرية واممية ، ومن اعلن الحرب هي حركة حماس – الاخوان المسلمون الفلسطينييون – مع حركة – الجهاد الإسلامي – الأكثر تشددا ، وهي حركات انقلابية ، ومنشقة ، ومتمردة على الشرعية الفلسطينية منذ عام ٢٠٠٥ ، ولاتمثل إرادة غالبية شعب فلسطين في الداخل والخارج ، وتتحمل مسؤولية تبعات الحرب ، وهي تتشابه من حيث النزعة الدينية الأيديولوجية المتطرفة مع الأوساط العنصرية الدينية المتزمتة في الجانب الإسرائيلي ، كما ان القيادة الإسرائيلية أيضا أعلنت الحرب رسميا على حركة حماس وليس على الشعب الفلسطيني بعد هجمات السابع من الشهر الجاري .
الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني
نحن كشعب كردي محروم من جميع الحقوق نستطيع فهم قيمة الحرية ، فهناك قضية حق تقرير مصير الشعب الفلسطيني العادلة التي لم تعالج بعد بسبب الموقف الإسرائيلي المناهض لكل الأعراف ، والمواثيق الدولية ، مما يتيح ذلك لاي طرف خارجي وخصوصا ايران ، وكذلك الأطراف المحلية وخاصة حركات الإسلام السياسي الفلسطينية استغلال الوضع لشن الحروب ، لذلك لابد من تحقيق السلام العادل عبر الحوار بين إسرائيل والقيادة الشرعية ، والاعتراف بحقوق الفلسطينيين المشروعة بضمانات دولية .