أوجاع وطن


منيف ملحم
2003 / 6 / 11 - 21:38     

 

إن حالة من اليأس والإحباط والرعب خيمت على الشارع العربي من محيطه إلى خليجه، لحظة احتلال بغداد. هذه الحالة لم تكن ناتجة عن تقدير خاطىء أن العراق سيهزم الغزاة- فنحن نعلم أننا نواجه أضخم آلة عسكرية عرفتها البشرية في تاريخها -. بل من الطريقة الدرامية التي تم بها الاحتلال. والتي كشفت بنية النظام العراقي كما العربي الذي يتربع على رقاب الشعب منذ عقود متقناً فن القمع والمواجهة للشعب، ومظهراً تضامناً قل نظيره على صعيد نخبته الحاكمة في مواجهته للبقاء في الحكم. أما في مواجهة الغزاة والتهديدات للوطن فلا تردد في الخضوع والاستسلام.
واليوم ينتقل التهديد من العراق إلى سورية. ويتبارى القادة في واشنطن في إرسال التهديدات كما في إرسال المطالب- الشروط- الاملاءات- إلى دمشق. لا بل وصل الأمر بأحد أعضاء الكونغرس الأمريكي إلى إطلاق تهديداته ومطالبه من دمشق.
إن مطالب واشنطن من دمشق (وهي مطالب أمريكية – إسرائيلية) إذا ما تحققت ترمي إلى احتواء دمشق ضمن المشروع الأمريكي- الإسرائيلي على غرار ماتم في أكثر من ساحة عربية. والأمر الأكثر مأساوية هو أن الأمر لا يقف عند المطالب المعلنة فتجربة الشعب العربي مع هذه المسألة أصبحت معروفة. فما أن تبدأ الأنظمة بتقديم التنازلات حتى يصعب معرفة الحد الذي تنتهي إليه لكي يرضى عنها" العم سام" وطفلته المدللة" إسرائيل".كما أن تقديم التنازلات «والانحناء للعاصفة» ليس هو الطريق لوقف المخطط الأمريكي- الإسرائيلي.
إن الأكثر إيلاما في هذه المطالب( الاملاءات) الأمريكية ما نسمعه عن طلب إجراء تغيرات في طبيعة الأنظمة الحاكمة على صعيد الديمقراطية والحريات السياسية وحقوق الإنسان، وهي وإن كان الغرض منها تغليف السم الأمريكي بشيء من العسل فإنها تقع ضمن احتياجات وطننا منذ عقود وقد أجمعت كل قوى المجتمع وفعالياته السياسية والاجتماعية على ضرورة العمل على تحقيقها. ولم يكن من حاجة إلى أن يجعل حكامنا الغزاة يعزفون على أوجاع الوطن. فهل تتكرر مأساة بغداد على شكل مهزلة في دمشق...؟؟؟؟
إن مناهضة العولمة تقضي منا كحركة اجتماعية مواجهة المشروع الإمبريالي- الصهيوني باعتباره أولا: يقع ضمن مشروع العولمة الرأسمالية المتوحشة على صعيد منطقتنا العربية وثانياً: كجزء من المشروع الإمبراطوري الأمريكي للهيمنة على الصعيد العالمي وهذه المواجهة لن تكون فعالة إلا من خلال تحقيق احتياجات الوطن والشعب وتفعيل قوى المجتمع في مناخ من الديمقراطية والحريات السياسية وهذا ما سنسعى للعمل على تحقيقه■
منيف ملحم

البديل