كل شىء يحمل في داخله .... ضده


خالد بطراوي
2023 / 9 / 29 - 13:57     

هل نجح الغرب وأمريكا في جر روسيا الى حرب مع أوكرانيا؟ وهل نجحوا أيضا في الإيقاع بأوكرانيا في وحل حرب هم ليسوا على جاهزية وقدر لخوضها؟ وهل نجحوا في ترسيخ حالة العداء بين الشعب الروسي والشعب الأوكراني المرتبطان بعلاقة مصاهرة على مر التاريخ؟
نعم، بكل تأكيد لقد نجح الغرب ونجحت أمريكا في ذلك كله بل وفي أكثر منه.
في المقابل، هل كان يتوقع الغرب وأمريكا أن تأتي روسيا إليهما راكعة مستسلمة؟ وهل كانوا يتوقعون أن تنتصر أوكرانيا في هذه الحرب الضروس؟ وهل كانوا يعولون على أن كل من الشعب الروسي والشعب الأوكراني سيفوت على الغرب وامريكا الفرصة ويرجحوا كفة المصاهرة فيمتنعوا عن خوض غمار هذه الحرب القذرة؟
بالطبع، كان الغرب وأمريكا يعولون على أن ذلك كله لن يحصل.
لكن، ماذا عن الجانب الآخر؟
لم تصفق روسيا للغرب وامريكا، ولم تركع لهما، وكان ردها – حتى هذه اللحظة – على الصعيدين السياسي والعسكري متوسطا، إذ لم تبذل الدبلوماسية الروسية قصارى جهدها في المحافل الدولية ولم تستخدم روسيا صواريخها ومعداتها العسكرية المدمرة تدميرا شاملا، بل وإكتفت بالسلاح متوسط التأثير، وتخلصت من أسلحتها القديمة التقليدية، وتجاهلت الغرب وأمريكا في الأمم المتحدة، وبدلا من الحسم العسكري السريع للمعركة، رغم قدرتها على ذلك وبساعات معدودات، عمدت الى إنتهاج حرب الإستنزاف طويلة الأمد، وخلقت معادلة من " توزان الرعب" تؤرق الغرب وأمريكا، ونجحت أيما نجاح في أن يبقى فتيل الحرب مشتعلا على الأراضي الآوكرانية وليس أراضيها، حيث لا يلمس الزائر الى المدن الروسية أي مظهر من مظاهر الحرب والتسلح.
وأمعنت روسيا في سياسة " خرمشة القطط" بأن قضّت مضاجع الغرب وأمريكا، وبشكل خاص فرنسا في القارة الإفريقية، وساعدت في بعض الإنقلابات العسكرية التي حصلت هناك وأدت إحداها الى طرد السفير الفرنسي وكأن روسيا تقول للغرب وأمريكا " إن عدتم ... عدنا"، أو " لهون ... وبكفي".
"كل شىء يحمل في داخله ... ضده" ... ذلك أحد أهم قوانين الفلسفة. ظن الغرب وظنت أمريكا أنها من خلال إشعال فتيل الحرب بين روسيا وأوكرانيا قادرتان على إحداث بعض التوازنات في بلدان العالم الإشتراكي السابق " وبشكل خاص الإتحاد السوفياتي" .. فإنقلبت المعادلة ضدها ... وظن النجم الهوليودي الرئيس الأوكراني زيلينسكي أن أوكرانيا قادرة على أن "تناطح" روسيا بدعم غربي وأمريكي، وأنه ومن غير تشبيه " المسيح المنتظر" ليس للقوميين الأوكران فحسب ، بل لدول المعسكر الشرقي برمته، وظن بوتين أنه قادر على إعادة نظام القطبين ... بدلا من القطبية الواحدة، وأنه قادر على إحداث حالة من المصالحة بين القطبين وليس التنازع، فانقلب ذلك أيضا عليه، إذ لا يخفى على أحد حجم الخسائر البشرية لدى الشعب الروسي.
خلاصة القول .. إن كل ما يحصل فيما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية ومن خلفها صراع الدول العظمى بين بعضها البعض .. ما هو إلا كوكتيل من الحنظل شديد المرارة الذي يصلح أن نردد معه أغنية " آه يا دنيا ... الدنيا دي بتحترم بس اللي عندو فلوس ... أما اللي يحتجلها ... بتقل فيه وإتدوس .. أصل الحياة مدرسة .. ياما أخذنا فيها دروس .. والدنيا حالها كده ... ماشيلنا بالمعكوس ... ولفي بينا يا دنيا ... دوخينا يا دنيا ... خذينا شمال شوية ... وهاتينا يمين شوية ...".