أكلت يوم أكل الثور الأبيض


خالد بطراوي
2023 / 9 / 22 - 13:30     

خفّت حدّة التغطية الإعلامية حول حرب الاستنزاف الروسية الأوكرانية وكانت روسيا تريد لهذه الحرب، حرب اللأقارب وعلاقات المصاهرة التاريخية، أن تأخذ فترة طويلة ولم تكن ترغب في حسمها في مراحلها الأولى رغم قدرتها على ذلك، لعدة أهداف أولها أنها لا تريد إحتلال كامل الأراضي الأوكرانية، وثانيها أنها تريد أن تثبت للشعب الأوكراني تبعية قادته للغرب، وثالثها أنها تريد أن تثبت للعالم برمته وللقادة وللشعوب أن من يلهث وراء أمريكا والغرب لن يلقى إلا الدمار، ورابعها وبالتناوب، أنها تريد أن يلهث قادة الدول خلفها بوصفها " الملاذ وطوق النجاة"، وخامسها أنها تريد لأوكرانيا – ولشديد الأسف - أن تركع مهزومة في هذه الحرب الطاحنة بعد أن فقدت كل مقدراتها.
وفي ذات الوقت، خفّ الحديث عن شركة فاغنر التجارية التي تتاجر بالمرتزقة وتصدّرهم من هذا البلد الى ذاك، بل وخفّت التحقيقات حول ظروف تحطم الطائرة التي كانت تقل كبار قادتها وعلى رأسهم "يفغيني برغوجين" والحديث عن مقتله، رغم أنه قد يظهر يوما ما في بلد ما حيا يرزق.
وبالتزامن مع الإنقلابات العسكرية التي حدثت في بعض دول القارة الإفريقية والتي أسفر بعضها عن طرد السفير الفرنسي مجلالا بالخزي والعار، حصل الزلزال غير المفهوم علميا في المغرب، الذي لم يضرب و/او يؤثر على غيرها من البلدان المجاورة، كما وتأثرت ليبيا وحدها بإلأعصار وإنهارت معه بعد السدود الحاجزة للماء مخلفة ما يزيد عن عشرة آلاف شهيد وعشرين الف مفقود .... أيضا في ظاهر وكارثة يبدو أنها "طبيعية" لكنها غير مفهومة.
وكل ذلك، أيها الأحبة بتغطية إعلامية في بداية هذه الأحداث، خفّت لدرجة التجاهل والنسيان بعد أيام من وقوعها.
ذلك أن ماكنة عائلة "روتسيلد" الإعلامية الصهيونية هي المسيطرة على وسائل الإعلام العالمي وهي التي تحركه ذات اليمين وذات اليسار، فيما بقيت الماكنة المضادة التي من المفترض أن تقودها روسيا متقوقعة ومتحوصلة حول نفسها وأسيرة لنمطية الإعلام زمن الإتحاد السوفياتي الذي إندحر وإنهار بفعل تمسكه بالأسمال القديمة وعدم مواكبته لمتطلبات ومستجدات العصر.
كما ولا يخفى على أحد تراجع الإعلام التقدمي في البلدان التواقة للإستقلال الحقيقي والتخلص من التبعية للاستعمار بحلته الجديدة، وإنحسار حتى إعلام اليسار على إصدار البيانات الخجولة وعدم الاستفادة من وسائل الإعلام العصري في نشر الفكر العلمي المستند الى المنطق وتراكمية تحليل الاحداث وشموليتها.
" الطوشة ليست في الحارة المجاورة" حيث سيصل الطوفان الجميع، ونردد يومها ما ورد في الحكاية الشعبية المتوارثة " لقد أكلت يوم أكل الثور الأبيض".