الخراب القادم، او درس التخريب، بمفهوم -مظفر النواب- .. (2)


حسام تيمور
2023 / 9 / 12 - 08:15     

"فيسبوكيّات"

و بعد أولى بشائر الخراب،
(خواطر في علم الاجتماع و الانثروبولوجيا و السياسة)

١_
تاريخيا، اجتماعيا، سياسيا و ثقافيا، لا نحتاج أي دليل على ان هذا "قوم وضيع".
و كل ما يترعرع من مشاهد تضامن و تكافل ليس أبدا بدواع انسانية، كما تقول اصوات التخدير الجماعي.
أجمل شعب لا يمكن ان يكون مغربيا، و لا يمكن ان يكون شعبا من اساسه، كذلك بالعودة الى التاريخ، الثقافة، السياسة.
كل ما يقوم به "شعب المحسنين" اليوم، هو هروب من واقع، اخفاء لواقع، احسان و استجداء في نفس الآن، هدفه الهروب من واقع، و اخفاء واقع.

ما هو هذا الواقع ؟
ليسَ الفقرَ أو البؤس او التهميش، فهذا يوجد في كل مكان و زمان، كما قد يقول قائل، و لا يمكن تغييره بالشكل المطلوب و عاجلا حتى بالثورة، كما يقول قائل آخر.
الواقع هو الهروب من فكرة مسائلة الدولة، أي فكرة الثورة كذلك، كفلسفة وجود، ان تكون ثوريا، ان تكون معارضا، ليس لتلك الخطوط العريضة، كما هي مرسومة، او كما يجب الدوس عليها، ان تكون معارضا فقط، ان ترفض، ان تعترض.. دون ان يتم اعتراض سبيلك ليلا.
ان تعارض و تعترض، يعني أن تطالب، فقط تطالب، بتغيير الاوضاع المزرية، أو ان تعبر عن الرفض و السخط، أن تتغير الأوضاع نحو الافضل او نحو الاسوء لا يهم، نتحدث عن الحق في الصراخ، في التعبير عن شيء مّا ..
٢_
يأخذ التكافل و التعاطف المبالغ فيه هنا، لبوس الهروب من فكرة ان الجميع مستعبد تحت حذاء إلاه من نوع آخر، سوف يقوم بسحقك و اغتصابك، انت و نصف الشعب، ان قرّرت الثورة، او أردت ان تعترض، و قد يُكمل طريقه الى كامل الشعب .. فردا فردا .. بيتا بيتا ..، نحكم البلد او نحرق البلد، بحجة المؤامرة، او أي شيء آخر، و دون اي إشكال او مقاومة ! و كما حدث طبعا عبر محطات تاريخية يعلمها الجميع.
٣_
من يذكر ما سماه بكل سخرية وزير الداخلية الاسبق ادريس البصري ب "شهداء الكوميرة"، و تلك الالاف التي دُفنت وسط المدن و المدن الكبرى و مزابل المدن الكبرى، بعد اعدامها بالرصاص الحي،

عن أي شعب عظيم متكافل يتحدثون أبناء الوسخة ؟
هذا الانعكاس بالضبط، للصورة الأخرى، هو ما يهرب منه شعب مرد الذل و الهوان و الكذب على الذات و الاخر، و هذا و بكل المعايير اوسخ شعب على الاطلاق، شعب يتعايش مع العبودية و يجتهد في تجميلها، و بشكل اعجز العالم، و صار حديث العالم.

٤_
يمكن الاستمرار في صناعة مشاهد الفرجة و التضامن، و لعن الالهة التي لا وجود لها، و جزر الشيوخ المُكفرين، و اليساريين العدميين، و كذا المطبلين الموالين للسلطة .. الى حين .. الى متى ؟
كل هذا لكي لا تزعج الالاه الذي يغتصب يوميا حقك في الحياة و الوجود و الكرامة و المساواة و الحرية،
كل هذا لكي تظل عبدا سعيدا .. بشروط افضل و معنويات مرتفعة، تماما كما يفعل المؤمنون في مواجهة مكر و غضب الآلهة، الدعاء، التضحية، القرابين، اللطيف ..الاحسان الى الفقراء ..

٥_
الزلزال ..
هي الطبيعة، او الالاه .. تقزز و اشمأزّ، من رائحة العفن، التي تصدر منك و من اطفالك، الاوساخ ! فارسل لهم بخلاص عاجل غير آجل، رغم تأخر الدفن، و تعفن الجثث، لاسباب لها علاقة بالسياسة، و الموقف من قضية الصحراء.
لكن لا بأس، هي نفسها الرائحة العفنة التي تصدر من ابطي مومس، بالكاد تجد وظيفة بعد بيع جسدها للمدير او الوسيط، و تستمني مساءا على الوطن و الوطنية و اسود الوطن !
نفسها الرائحة العفنة في سيرة صحفي كلب، او اديب مومس، او شاعر قواد، أن تكون فقيرا او ابن الهامش المهمش، ليس معناه ان تكون طاهرا بالضرورة.
ان تقطن منزلا من طين كذلك، بطريق مقطوع، نحو سوق اسبوعي، تبيع فيه جلباب ابيك من اجل سروال عصريّ مستعمل، و شيء من الدقيق و السكر، ليس من الطهارة في شيء!
ان تكون طاهرا هي ان يكون طريقُك الوحيد قضيتَك، و وجهتُك حريتَك، وسط صحراء، لا تحتاج حتى منزلا من طين، و حصيرا تفرخ فوقه البؤس، ولا طريقا مقطوعا، يستنزف انفاس حمارك.

٦_
الإنسانية ؟
من يفرط في حريته، شرفه، كرامته، ليس انسانا، و هو ادنى من الحيوان، و هذا حال اغلب ابناء هذا الشعب، إن ملاحم التآزر و حفلات العويل و البكاء و الشحن العاطفي، و توسل الشفقة، ليست من الانسانية في شيء، في هكذا حالات، هي فقط حَميّة العبيد، حميّة الجاهلية، بالمفهوم الانثروبولوجي و الاثنولوجي، هي فقط اتفاق لحظي، و قهري، يهم موقفا من ظرف طارئ، أو خوف من مجهول، او من قهر الطبيعة، او أي تهديد خارجي يهدد وحدة القطيع و وجوده، و بالتالي، يهدد، و إن بشكل "رمزي" او "طقوسي"، وحدة و وجودَ الفرد داخل هذا القطيع، و بالتالي فهي تفاعلات كاذبة، لا تنفي مثلا، كون ان الفرد بمعزل عن دائرة الخطر، يبقى مستعد لاشعال النار في القطيع و دين ام القطيع.

أخيرا ..
يردد صديقي اليساري كالببغاء، بأن الزلزال الأخير فضح واقع الهشاشة، في المغرب المنسيّ..

لكن مهلا .. ألا يبيع نفس فقراء مراكش و الحوز .. يوميا .. يبيعون أطفالهم للسياح الاوروبيين ب 5 يورو في مراكش ؟! و كما هو متعارف عليه عالميا و منذ عقود ؟