الطفل المائِت عطشا


مراد سليمان علو
2023 / 9 / 10 - 13:46     

الهدايا المنمنمة، والكلمات المنمّقة هي عطايا الإله الحالم. لم يصدّق عاشق بتلات ورودي نبوءة خراف الربيع؛ لذا أعِدنا التجربة. نعم، نحن الذين تعاد علينا التجارب كلّ حين، أعدنا التجربة على أنفسنا هذه المرّة.
نحن معشر الفئران مساكين، فللمرة الرابعة والسبعين تعاد التجربة علينا.
قرى حوض الجبل المليئة بالحمائم تقدم في ليلة القدر التين المجفف للآلهة؛ ليحافظوا على رباطة جأشهم عند فشل تجاربهم.
الذين تشبّهوا بالآلهة العظام أرادوا التقدمة، والنازحون لم يهرقوا خمرهم المعتق بعد؛ لأنهم لا يؤمنون بابتسامة ماكرة لإله منزوع الأحشاء.
الطفل المائت عطشا في الجبل المقدس يزعج شعراء شارع المتنبي الكبار، وقريتي طفلة تحاول تعقيم جروحها بزحفها نحو الشمس الكريمة التي تعطي غزلها الذهبي لفرسان الجبل، ويصنعوا منها المناجيق.
الكواجك الأتقياء وحدهم يحلمون، ويأكلون الموت لثلاثة أيام متتالية في شتاء قارص، وبعد انتهاء أربعانية الشتاء يصرّحون قائلين: ومن يكترث بالعنقاء التي قامت من رمادها وهي سكرانة.
الأسلاف تبعوا جروحنا الغائرة، والأحفاد يلعبون على الحروف، ونغماتهم نشاز، وعشقهم زائف، وحبهم خاوي.
كلما كانت المصيبة عظيمة دس شيوخ العشائر رؤوسهم في الرمال بوصات إضافية، ولكن الرمال تحركت هذه المرة استجابة لصراخ حجارة قريتي القديمة البيضاء.
العذراء رمت بعذريتها على لحية مهذار أعرج.
البطل قدّم حياته قربانا بعد أن هاجر الحجل الخجول.
أمّا أمنا فقد قررت أن تحبل من جديد لإنجاب ابن ثان؛ ليموت عطشا في الجبل.
هكذا اعتادت الطبيعة أن تخفي مفاجآتها عنا.