سلسلة الدعاية الإسلامية وعظماء الغرب 154 المهاتما غاندي والامام الحسين


رحيم فرحان صدام
2023 / 9 / 6 - 20:30     

سلسلة الدعاية الإسلامية وعظماء الغرب 154
المهاتما غاندي والامام الحسين
يستشهد الكثير من الكتاب والخطباء بمقولة : ” تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فانتصر” المنسوبة للزعيم الهندي المهاتما غاندي (ت 1948).
ومنهم على سبيل المثال لا الحصر : جواد شبر في كتاب أدب الطف أو شعراء الحسين ( عليه السلام ) ، وجعفر البياتي في كتاب الأخلاق الحسينية ، والشيخ نجاح الطائي في كتابه أزواج النبي وبناته ، والشيخ محمد فاضل المسعودي في كتاب الأسرار الفاطمية .
يقول أحد الكتاب: ” ليس بقليل بحق مولانا سيد الشهداء (ع) ان يقول عنه المفكر الهندي المهاتما غاندي (تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فانتصر) فقد اكد فلم وثائقي عن إحياء ذكرى واقعة الطف في الهند، ان الحسين قد تحول الى تراث إنساني يعيش ذكراه المسلم وغيره من أتباع الديانات الأخرى ، بل يتسابقون على الانغماس الروحي في هذا الفيض الرباني من الحب الحسيني”.
الحقيقة أن هذه الاقوال المنسوبة الى أهم شخصية في الهند جعلتنا نبحث عن مصدرها الأصلي.
وتساءلنا ، هل غاندي يمتلك معرفة غزيرة بالإسلام ؟ بحيث يعرف تفاصيل مسألة مهمة في تأريخه وهي مقتل الامام الحسين؟
ثم أين صور الاقتداء بالحسين في مسيرة غاندي الحياتية والنضالية؟
الاختلافات كثيرة جدا بين الرجلين، في الجانب الاجتماعي والثقافي، ، والسلوك السياسي والنظرة الى الحكم. لقد كان منهج غاندي سلمي وأسلوب اللاعنف ، بينما لجأ الامام الحسين الى الثورة المسلحة والعنف .
إذن كيف تعلم غاندي من الحسين وهو يختلف عنه جذريا؟
لكن قبل الحكم لا بد الرجوع الى أهم ما كتبه الزعيم غاندي عن الإسلام وهل فيها أشارة الى الحسين كما زُعم بعضهم؟ بالتأكيد ان أول محطة يفترض أن نتوقف عندها هي سيرة حياته الشخصية التي كتبها بنفسه، فضلا عن أهم المؤلفات التي تناولت سيرته. وبيان مدى معرفته بالتأريخ الإسلامي.
قرأ غاندي بضعة كتب عن الإسلام وباللغة الإنكليزية، وكان يقول بأن معرفته بالأديان محدودة، والكتب التي قرأها باللغة الإنكليزية عن الإسلام كما جاء في مذكراته، هي لتوماس كارليل وواشنطون ارفنج، والكتابان يتعلقان بالنبي محمد وخلفائه، ألفت من قبل مستشرقين ولم يتناولوا فيها قضية الامام الحسين عليه السلام .
وفي كتاب غاندي (قصة اللا العنف) يعلن بأن من أثر في حياته وفكره هو الكاتب الروسي تولستوي وليس الامام الحسين ولا النبي محمد .
مع هذا رجعنا الى أهم الكتب التي تناولت حياة هذا الثائر والخطب التي خطبها في الهند وخارجها ومنها:
1- كتاب غاندي (قصة اللاعنف) تعريب منير البعلبكي.
2- (المهاتما غاندي) لفنسنت شينان. تعريب محمد عبد الهادي. وهو أبرز كتاب عن سيرة غاندي.
3- وسيرة حياة غاندي في كتاب (تجاربي مع الحقيقة)، و كتاب (رحلتي مع غاندي) لأحمد الشقيري.
4- و(مجلة ثقافة الهند) بجميع أعدادها، وهي من إعداد المجلس الهندي للعلاقات الثقافية بما فيها الأعداد الخاصة عن الزعيم الهندي غاندي، فضلا عن عشرات الكتب الأخرى باللغة العربية والإنكليزية، ولم نعثر على هذه الجملة.
يشير جواد محدثي بأن غاندي ذكر العبارة في جريدة اسمها (ينج انيا) ومما ذكر” لقد طالعت بدقه حياة الإمام الحسين، شهيد الإسلام الكبير، ودققت النظر في صفحات كربلاء واتضح لي ان الهند إذا ارادت إحراز النصر فلابد لها من اقتفاء سيرة الحسين. وقال بعد انتصاره على بريطانيا تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فانتصر”.
نحن نتحدى أي كاتب ان يأتِ بنص يشير فيه غاندي بأنه أطلع على حياة الامام الحسين بدقة، أو فيه أشارة الى كربلاء . ونتحدى أي كان أن يثبت العبارة المذكورة عن الحسين بصورة موثقة ، اي أسم الكتاب باللغة الإنكليزية او العربية وتأريخ الطبعة ورقم الصفحة، أو إسم الصحيفة باللغة الإنكليزية وعددها وتأريخ صدورها.
نقول ان المسألة لا تتعلق بأهمية العبارة من عدمها، ولكن لماذا هذا التلفيق؟ وهل يليق هذا الفعل بمكانة أئمة اهل البيت عليهم السلام ؟

ينظر :
جواد شبر : أدب الطف أو شعراء الحسين ( ع )، الناشر : دار المرتضى – بيروت الطبعة الأولى ، 1988 م. ج ١، ص ١٩ .
الشيخ نجاح الطائي : أزواج النبي وبناته، الناشر : دار الهدى لإحياء التراث ، بيروت ، الطبعة الأولى ، 1422ه. ص ١٢٧ .
جعفر البياتي : الأخلاق الحسينية ، الناشر: أنوار الهدى ، الطبعة الأولى، 1418ه. ص ٣٢٧ .
الشيخ محمد فاضل المسعودي: الأسرار الفاطمية، الناشر : مؤسسة الزائر في الروضة المقدسة لفاطمة المعصومة ( ع ) للطباعة والنشر - رابطة الصداقة الإسلامية ، الطبعة الثانية ، 1420 ه- 2000 م. ص ٥٢٥ .
جواد محدثي : موسوعة عاشوراء ( فرهنگ عاشورا )، ( تعريب : خليل زامل عصامى ) ، الناشر : دار الرسول الأكرم – بيروت ، الطبعة الأولى ،1418 ه . ص 290 .