طاغور أول آسيوي ينال (نوبل)


حسن مدن
2023 / 8 / 21 - 10:39     

حديث كثير دار ويدور عن ذهاب جائزة نوبل للآداب، في غالب دوراتها السنوية، إلى كتّاب أوروبيين وغربيين، ومع أنها ذهبت بالفعل لكتّاب من آسيا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا، لكن التكافؤ غائب، حيث تبقى نسبة هؤلاء قليلة جداً قياساً إلى من نال الجائزة من الكتّاب الغربيين، وقد يرد البعض الأمر إلى الفكرة النمطية الشائعة عن تقدّم الأدب في بلدان الغرب قياساً إلى نظيره في القارات الأخرى. وحتى لو جارينا هذا المنطق، سنقول إن القائلين به يغفلون ما بلغته الآداب في القارات الأخرى، غير أوروبا، من تطوّر مذهل في العقود القليلة الماضية يجعلها منافساً جديّاً للأدب في القارة العجوز، فضلاً عن أنه لا يصح أن نجعل الأدب الأوروبي، والغربي عامة، هو المعيار، فكلما اقترب أدب القارات الأخرى منه بات أقرب إلى شروط الأدب الجيد، فهذا زعم ينفي أصالة وخصوصية آداب وفنون وإبداع الأمم المختلفة.

لنا أن نتخيل أن قارة عظيمة مثل إفريقيا بكل ما فيها من غنى بالتفاصيل، في حياة شعوبها وفي طبيعتها وخصائص تطورها التاريخي، تأخرت جائزة نوبل في الوصول إلى كاتب منها حتى العام 1986 حين منحت للنيجيري وول سوينكا، ليليه، بعد عامين، نجيب محفوظ، العربي الوحيد حتى الآن الذي نال الجائزة، ثم الفائزة من جنوب إفريقيا نادين جورديمر عام 1991، وبعدها جون ماكسويل كوتزي عام 2003، من جنوب إفريقيا أيضاً، وأخيراً عبد الرزاق غورنه حامل الجنسية البريطانية المتحدر من زنجبار.

قد يكون الاستثناء في هذا كله هو الشاعر الهندي رابيندراناث طاغور الذي لم يكن فقط أول آسيوي ينال الجائزة، وإنما أيضاً أول غير أوروبي يمنح «نوبل»، وكان ذلك في وقت مبكر نسبياً، في العام 1913، واعتبر فوز طاغور ذي الأصل البنغالي فوزاً للهند كلها، يوم كانت بلداً واحداً، ومقارنة بالأوروبيين الذين نالوا الجائزة قبله البالغ عددهم 12 أديباً، فإن صيت طاغور حين نيله الجائزة لم يكن واسعاً، على الأقل خارج الهند، حيث وقف أحد أعضاء الجمعية الملكية السويدية المانحة للجائزة، توماس ستارج، ليعلن عما وصفه بمفاجأة سارة هي ترشيح أول آسيوي للجائزة، وكان ستارج قد قرأ كتاب طاغور «قربان الأغاني»، فقال وهو يقدّم ترشيحه لطاغور إنه قرأه «بتأثر عميق، ولا أعتقد أن هناك شعراً وجدانياً يضاهيه منذ سنوات كثيرة. تملكني إحساس غريب يشبه ذاك الذي يشعر به الظمآن بعد أن يرتوي من نبع بارد (...)، إنها المرة الأولى، وربما الأخيرة، التي نعثر فيها على إنسان من هذا الطراز، فائق البراعة، عظيم الجودة».