يسقط حكم للعسكر


نضال نعيسة
2023 / 8 / 18 - 14:56     

لاحت على السطح، وبالآونة الأخيرة، وفي فترات متقاربة، سلسلة من ظواهر مرعبة ومخيفة ألا وهي "همروجة" المجالس العسكرية التي حملت وبكل أسف وقرف هويات طائفية (علوية وسنية) استرضاء واستعطافا للشارع المنقسم وبكل خجل وأسف وقرف، أيضاً، طائفيا، تكريساً للشرقنة واستجراحاً الكانتونات الطائفية، وهذا سقوط لهذه المجالس والهيئات قبل ان تقلع وترى النور...
ولنا أن نتساءل، ها هنا، وبجد، وبغض النظر عن أية شخصنة وتحديد وتشنجات، ما هي مؤهلات وكفاءات هذا الضابط العلوي أو السني "أبو" البكالوريا أدبي شحط (راسب ويعيد وناجح بالمساعدة الذي كان يكتب بجانب اسمه حين صدور النتائج "م" هل تذكرونها؟) هذا الشخص الضحل معرفياً شبه الفاشل دراسيا وعديم الخبرات والفكر والثقافة وأعرف منهم كثيرين كانوا زملاء لنا على مقاعد الدراسة، وكل سيرته والـC/V الخاص بهذا، أنه وبكل بساطة، وبعد إنجازه "الأكاديمي الأسطوري وحصوله على شهادة "م" راح على الكلية الحربية بالواسطة والمحسوبية والقرابة والتزكية الأمنية والبعثية (يعني كان مخبراً على أهله وجيرانه ووو) قادما إما من جبل بعيد أو من قرية نائية حدودية وتخرج بعد ثلاث سنوات من الكلية الحربية ليعود وبنفس معايير القبول السابقة ليحتل مكاناً حساساً بما تسمى بـ"الدولة" وفيه (بلع ودفع) ويستلم رقاب ومصير البشر ويصبح "المعلم" وعنده حاشية ومرافقة وخدم وحشم وفيلل وقصور وعشيقات ومعجبات وخليلات وأسطول من السيارات وأرصدة بنكية ويأمر وينهي و"يشيل ويحط" و"يفك من حبل المشنقة"، كما يقال، نتساءل ما هي مؤهلات شخص كهذا كي يدير المجتمعات والحكومات ومؤسسات الدولة ويتحكم بالشعوب وبرقاب العباد ومصائر ومستقبل الناس ويقوم بإجراء دراسات وتقييمات عن الناس ويتلذذ بمعاقبتهم والانتقام منهم وخاصة زملاؤه الذين تفوقوا عليه دراسياً ولديه عقدة نقص متأصلة بداخله من أي مبدع ومتفوق ومتميز وما هي خبراته ومعارفه كي يوجه التعليم ويقترح تعيين الوزراء، كوزير تربية وتعليم، مثلاً، وهو فاشل تعليمياً، أصلاً، ( ومن نوادرهم قاموا مرة، وفي سابقة لم تحدث بالتاريخ، بتعيين بيطري وزيرا للتربية إمعانا بإهانة جماعية لشعب بأكمله) ويقوم نفس هذا الفاشل تعليمياً وينظّر بالصحة ويفتي بالتجارة ويشرف على الاقتصاد ويتفاصح بالتجارة ويحاضر بالعلاقات الدولية ويتفلسف بالاشتراكية ويتفذلك بالقومية العربية لكنه في اختصاصه الأصلي أي العسكرة فاشل ولم يخض أو ينتصر في أية معركة وجولة حربية.. أم السؤال الآخر المطروح حول أن هذه الشعوب والمجتمعات لا تقاد فعليا إلا بالعصا وبالهراوات يبقى قائماً؟...
لقد تابعت شعوب المنطقة عواقب وجود وتسلط الأنظمة العسكرية البوليسية العائلية المافيوزية والوراثية المخابراتية التي قادها هؤلاء والتي سيطرت على دول وشعوب المنطقة وفعلت بها الأفاعيل فأفلستها وأفقرتها وجوّعتها وأذلتها ونهبت ثرواتها وسرقت خيراتها ودمـّرتها وفكّكتها وهجـّرت شعوبها في أربعة أطراف الأرض وما هذه الدعوات لإعادة تعويم وشرعنة العسكر وحكمهم إلا نمط من حراثة ودق الماء وإعادة إنتاج لذات الكارثة والمأساة التي حلت بهذه الشعوب نتيجة سيطرة العسكر على مقدرات وثروات وقرارات تلكم البلاد، وأما انتظار نتائج مختلفة باستخدام ذات المواد ونفس الأدوات فهو التناحة بعينها وقمة الاستهبال والغباء.
مبدئيا يجب أن تكون هناك فقرة دستورية وقانونية واضحة وصريحة بدساتير الشعوب، وكما هو معمول به بالدول الراقية والمتقدمة، تحظـّر على العسكر العمل بالسياسة واستلام المناصب الحكومية، والتدخل بالقطاع المدني تحت طائلة التجريم والمحاكمة في حال مخالفة وانتهاك هذه المادة الدستورية..