ستوكهولم سيندروم لدى الزمرة الإرتزاقية


كوسلا ابشن
2023 / 7 / 31 - 22:20     

تصريح جبريل الرجوب, أمين السر الجنة المركزية لحركة فتح, أثناء تواجده بدزاير, أثار زوبعة من الغضب في أوساط الشعبية, أما منظمي المهرجانات الخطابية و تهييج القطيع, زمرة فلسطين أولا, و فلسطين أمانة والتطبيع خيانة, هذه المرة إختاروا السكوت و الإختفاء عن الأنظار.
في ضل هذا الغضب, فضل الأمين العام للتقدم و الإشتراكية, توجيه رسالة التوسل الى قيادة فتح, للتدخل لمنع تجاوزات القيادة الفلسطينية المناهضة لموركية الصحراء, لأنها قضية حساسة للشعب, حسب قول الأمين العام. الغريب أن محمد نبيل إستغرب من تصريح جبريل الرجوب, أمين سر الجنة المركزية لحركة فتح, رغم أن موقف التيارات الفلسطينية لم يتغير من مسألة الصحراء منذ السبعينات من القرن الماضي, فأين الغريب في هذا التصريخ. زاوية نبيل لطالم رفعت شعار "القضية الفلسطينية, قضية وطنية", و لم تنحرج قط من العداء الفلسطيني للوحدة الترابية طيلة هذه المدة. إستغراب نبيل دلالة عن تجاهل مقصود لمعادات الفلسطينيين لإستكمال وحدة أراضي البلد, فقد سبق لعرفات أثناء حكم الشادلي, أن دعى قيادة البوليساريو, لحضور أشغال المجلس الوطني الفلسطيني, و الطامة الكبرى إفصاح الفرصة لمحمد غبد العزيز بإلقاء كلمة جبهة البوليساريو. وهذا الفعل المعادي في حد ذاته إعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بجبهة البوليساريو, و هو موقف جميع القوى الفلسطينية.
هذه التصريحات المعادية للوحدة الترابية, هي أكيد محرجة و حساسة للبرابرة بقناع عربي في مواجهة الإنتقادات الشعبية لمن يقتات بالإحسان العربي و الشمال الإفريقي و الإسلامي و الدولي, فلمن لا يعرف, فميزانية منظمة التحرير الفلسطينية كانت دائما تتشكل من الهيبات المالية المقدمة من طرف منطقة الخليج و شمال إفريقيا و بعض الدول الإسلامية و المجتمع الدولي, وهذا الدلل للقضية الفلسطينية أصاب السياسيين بالمرض الطفولي, بإعتقادهم أن هذه المساعدات واجب ديني و عربي, بإعتبار المنظمة تدافع عن العروبة و الإسلام, و لهذا أبعدهم دلالهم عن الصواب و العمل الدبلوماسي و الحياد الإيجابي من القضايا المصيرية للشعوب, و ذلك بمساندتهم و إعترافهم بأحد أطراف الصراع ضد الطرف الآخر. هذه الأخطاء السياسية و الإيديولوجية جلبت لهم اللامبالات بعض الدول بهذه القضية أو العداء, و نتيجة لهذه الأخطاء, توسعت دائرة التطبيع مع اسرائيل, و تغلغل الإستياء في الأوساط الشعبية في كثير من البلدان بسبب غباء و دلال التيارات الفلسطينية و مواقفها المعادية لقضايا هذا الشعب أو ذاك.
ما يهمنا في المسألة هو إنتهازية الخطاب السياسي للبربر بقناع عربي مع القضية الفلسطينية, بإقترانها بالوطنية و إستغلال البعد الديني المغلف للقضية في الدعاية للعروبة و الدفاع عن قضايا العرب الشرق الأوسطيين و معادات القضايا المحلية. إستحضارا لهذا البعد الإيماني في القضية, الغير البرئ, وراءه هدف إستراتيجي يهدف الى تكريس البعد الإستعماري للخطاب "الوطني" الوهمي, الهادف الى تغيير هوية الشعب الأمازيغي و أرضه و تاريخه و حضارته الى هوية إستعمارية شرق أوسطية, هذا ما تروج له الزوايا السياسية القومية لبرابرة بقناع عربي بشعارها المؤدلج ( القضية الفلسطينية, قضية وطنية), رغم البعد الجغرافي و التاريخي و الحضاري.
أصبحت الوطنية تقاس بالقضية الفلسطينية, فإما أن تكون فلسطيني عربي الهوية أكثر من الفلسطينيين أنفسهم, أو تتهم بالخيانة و اللاوطنية ( الوطنية بالقياس الإستعماري). الزمرة المصابة بستوكهولم سيندروم, تدافع عن تحرير فلسطنين و تعادي التطبيع من إسرائيل, لكنه بالمقابل المدافع عنه يعادي قضايا البلد الذي تعيش بين شعبه. الزمرة بوطنية الأنذال, لا تهتم بالأزمة الإقتصادية و لا بالقهر الإجتماعي و اللاعدالة القضاء و لا بالإستبداد الممنهج, لأن هذه القضايا أصبحت عندها ثانوية بالمقارنة بالقضية الفلسطينية الأولوية, التي تحرك دينامية الزمرة القومية, بشعاراتها التخديرية لتصريف أنظار الشعب عن قضاياه المصيرية. تصريح الرجوب الأخير رفع الستار عن الزمرة الخيانية التي لم تكلف نفسها حتى ولو بمساءلة الجهة الفلسطينية حول مقاصد التصريح, رغم أن التصريح واضح و لا غبار عليه. الزمرة البربرية بقناع عربي لا تحتاج الى تبريرات الأب بالتبني, فهي متفاعلة مع القضايا الأجنبية المعادية للقضايا المحلية, فبرامجها السياسية و الإيديولوجية حريصة على تكريس العروبة القهرية في بلاد الأمازيغ بإستغلال البعد الديني للقضية الفلسطينية, و الذي أصبح يتلاشى بفضل ثقافة التنوير و نمو الوعي الهوياتي. من حيث المبدأ شعبنا لا يعادي القضية الفلسطينية, لأنه يعاني من المعانات و الإضطهاد مثل أي شعب تحت الإحتلال, لكن شعبنا يرفض أن تعادي الأطراف الفلسطينية قضية وحدته الترابية, فمثل هذا العداء قد يغير موقف الكثير من أبناء شعبنا من القضية الفلسطسنية.
القضية الفلسطينية ليست قضية الأمازيغ و لا قضية بلادهم و لا هي مقدسة كما يدعي الظلاميون و التضليليون, لكن مبدأيا لا مانع من التضامن معها على أساس أممي و إنساني. على أصحاب القضية, عليهم كسب التعاطف و التضامن الأمازيغي و الدولي, و ضمان تواصل هذا التضامن, عوض المعادات, ما قد يؤدي الى تحويل هذا التضامن الى السخط و اللامبالات و التخلي عن هذا الشعور العاطفي. المتتبع لأحداث الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة, يلاحظ التحولات كبرى في المنطقة بسبب التهور الفلسطيني بسياسته الغير المحسوبة العواقب, و التي أدت الى نتائج قد تكون صعبة بالنسبة للفلسطينيين بعد عملية التطبيع المتواصلة مع إسرائيل, و هذا ما أدى كذلك الى سخط الشعوب من الخطابات المعادية لقضاياهم, هذه الشعوب التي كانت بالأمس, يملئ صراخها شوارع المدن لنصر فلسطين, لكن التاريخ المستقبلي قد يجد الفلسطينيون أنفسهم وحيدون, و في وضعية أكثر صعوبة بما هو عليه في الحاضر بسبب التهور اللاعقلاني للمدلل السياسي الفلسطيني.
الوطنية الوهمية هي نتاج الشعور الدوني الطامح الى الإنتماء للعروبة المزعزمة, و على هذا الأساس تتفاعل الزمرة مع كل قضايا الشرق أوسطية, و كما يقول المثل إن هطل المطر في دمشق ترفع المظلات في الرباط.
الوطنية الوهمية هي تكريس للإستعمار و للإستلاب الثقافي و جعل قضايا الوطن الوهمي من أولويات أجندتها السياسية و الإيديولوجية و معادات القضايا المحلية أو ترتيبها في اللاأساسيات, و هذا ما تجلى في إخفاء صوت الزمرة اللاوطنية في التعقيب على التصريح التلفزيوني للممثل الفلسطيني المعادي لقضية وطنية موركية, لأن القضايا المحلية ليست من الأولويات "النضالية" لأحفاد مجرم مجزرة أريف, الزنديق علال الفاشي, الذي رحل, وهو يردد شعار الخونة:" العروبة هي محتوى عقيدتنا و وطنيتنا", و هذا المنظور الإستعماري للوطنية, ما جعل عروبيي المشرق يحلمون بأن شمس العرب ستشرق من مورك.