المسار السياسي في إقليم كوردستان في ارتباطه بالصراع الطبقي


مؤيد احمد
2023 / 7 / 31 - 20:27     

بأي معنى نتحدث عن الصراع الطبقي المستقل للعمال؟
يتم، بشكل عام، تبلور المسار السياسي في إقليم كوردستان وفي عموم العراق خارج نفوذ وتدخل العمال والكادحين والمضطهدين، لأن المفاصل الرئيسية للحياة السياسية للمجتمع، والسلطة وإدارة الدولة، والقيام بالمعارضة البرلمانية منحصرة بايدي الاحزاب والقوى البرجوازية الاسلامية والقومية والليبرالية الجديدة. وهذا يعكس درجة معينة من توازن القوى بين الطبقات التي هي لمصلحة البرجوازية ونظامها في الوقت الحاضر، كما يشير إلى استبعاد الطبقة العاملة من هذه الديناميكيات السياسية للمجتمع بقوة القمع والنفوذ الايديولوجي والسياسي للتيارات القومية والاسلامية والنيو ليبرالية على الطبقة العاملة ونضالهأ.
لكن هذا الواقع لا يعني أن الطبقة العاملة والطبقات المضطهدة قد تخلوا عن نضالهم الاقتصادي والسياسي، أو أن البرجوازية تخلت عن الطبقة العاملة وحصرت سياستها وأيديولوجيتها داخل جدران الصراعات الداخلية للمعسكر البرجوازي وتياراتها وقواها السياسية.
إن العمال والمفقرين والكادحين في العراق، بما في ذلك إقليم كوردستان ، مثل أي بلد رأسمالي آخر في العالم، هم دائما منخرطون في السياسة وديناميكية الصراع الطبقي لأنهم ، من ناحية ، منخرطون في النضال الاقتصادي والسياسي بغية تحسين اوضاعهم المعيشية و ظروف عملهم، وبهدف تقوية صفوفهم النضالية وتحقيق أهدافهم السياسية، ومن ناحية أخرى، تُدّخِلهم البرجوازية في حلقة ودائرة السياسة والمسارات السياسية.
إنها حقيقة لا يمكن إنكارها كون الممثلين السياسيين والفكريين للبرجوازية والنظام السياسي لهذه الطبقة يعملون دائما في اوساط الطبقة العاملة ويشرِكونها في العمل السياسي، ولكن بهدف تحقيق أهدافهم السياسية والاستراتيجية بوصفهم الطبقة الحاكمة. في الظروف العادية والمستقرة نسبيًا للسلطة البرجوازية، نرى على الدوام كيف يسعى ممثلو البرجوازية إلى اشراك العمال في التصويت، والانتخابات، والاستفتاءات، أو انخراطهم في العضوية داخل الاحزاب البرجوازية وربطهم بمختلف أحزابهم وشبكاتهم الاجتماعية والفكرية والسياسية. بالإضافة إلى ذلك، يتألف الجيش والقوات المسلحة بشكل أساسي من قطاعات مختلفة من البروليتاريا، وان الجنود، بطبيعة الحال، خاضعون لقيادة ضباط وقادة ومسؤولي النظام وممثلو الطبقة الرأسمالية. وفي اوقات النزاعات والحروب الدولية او الاقتتال فيما بين جهات البرجوازية المختلفة، فإن البروليتاريا والكادحين والمضطهدين هم الذين يتم جرهم في المقام الأول إلى جحيم الحرب، وهم ضحايا معظم الكوارث الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية للسياسة البرجوازية وحربها.
في ظل هذه الظروف والمسارات، يستمر نضال جماهير العمال والمضطهدين بشتى الطرق للخلاص من العبء الثقيل الذي يقع على عاتقهم بسبب المسارات السياسية والعسكرية والثقافية. لكن في الوقت نفسه، فان العمال والنساء العاملات والمضطهدات والشباب المعطلين عن العمل يخضعون للإكراه الاقتصادي منذ البداية، اذ يحتاجون إلى عيش وادامة حياتهم اليومية. وعليه، فإنهم يدخلون في النضالات السياسية والأيديولوجية المتنوعة على صعيد المجتمع وهم عبيد معاصرون وأسرى للنظام الرأسمالي وخاضعون لسيطرة الملكية الاحتكارية لرأس المال والدولة على موارد العيش البشري وعمليات العمل و وسائل الإنتاج.
تتسم السياسة والتقاليد والممارسة السياسية والثقافة والأفكار والايديولوجيا والأخلاق والقيم، دائما بسمة طبقية، ولا تنفصل عن تقسيم المجتمع إلى غني وفقير، بروليتاريا وبرجوازية، ولا يمكن فصلها عن البنية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع وعلاقات الإنتاج الاجتماعي. لذلك، يلقي الطابع الطبقي والصراع الطبقي بظلاله على فضاء المسارات السياسية والاجتماعية والأيديولوجية والثقافية للمجتمع، ويُعاد انتاج هذا الطابع الطبقي دائما.
وعلى هذا المنوال، فانه من الواضح أن الطبقة العاملة والطبقات الاجتماعية المضطهدة ليست وحيدة، ولا تعيش في فراغ، بل هي في المجتمع، في تشكيلة اقتصادية واجتماعية وبناء فوقي سياسي، إيديولوجي، قانوني وثقافي، وهي في تماس دائم مع البرجوازية والبرجوازية الصغيرة. فكما أشار اليه لينين، لا يوجد جدار حديدي بين الطبقات في المجتمع، وكما قال ماركس وانجلز في (الأيديولوجيا الألمانية)، ان " افكار الطبقة الحاكمة في كل عصر هي الافكار السائدة"، وكذلك شدد إنجلز على النضال النظري باعتباره أحد جوانب النضال الطبقي المستقل للبروليتاريا.
عندما نتحدث عن تحقيق النضال الطبقي المستقل للعمال، فإننا نتحدث عن سيرورة نشأته ونهوضه، أي نتحدث عن تطوره في خضم جميع الديناميكيات والنضالات السياسية والاقتصادية والفكرية والتشابكات المتنوعة الموجودة بين الطبقات على صعيد المجتمع، وبالتالي نتحدث عن اخذ كل تلك المناحي بنظر الاعتبار في البرنامج الشيوعي وفي جدول الأعمال والممارسة الشيوعية. لذلك، فإن التركيز بالنسبة للشيوعيين يكون على انجاز مهمة شيوعية أساسية، وهي كون العامل والانسان الكادح لا يمكنه التحررمن قيود واغلال النظام الطبقي للمجتمع بدون تحقيق استقلاله السياسي والفكري والتنظيمي الطبقي وتعزيزه في نضاله ضد رأس المال والرأسمالية.
تحاول الحركة العمالية والشيوعية دائمًا تحقيق هذا الاستقلال الطبقي للعمال والكادحين، لكن تنفيذ هذه الاستراتيجية لن يتم في طريق مستقيم ومعبد ، بل يتم في خضم نضالات وصراعات شتى ومسارات شائكة ومتعددة الابعاد.
من الواضح أن السياسة والنضال الطبقي المستقل للعمال والفقراء لا يتحقق من خلال الديماغوجية والجمل الثورية بعيدًا عن الحركة العمالية ونضال الكادحين، بل يُنجز في قلب هذه الحركة وهذا النضال وفي الصراع بوجه ايديولوجيا ونظرية وسياسة وممارسة الطبقات الاخرى. لذلك، فإن تحقيق هذا الاستقلال هو استجابة الطبقة العاملة للمعضلات الكلية للنضال الطبقي والقضايا الرئيسية للمجتمع ومصيره في جميع تقلبات ومنعطفات مسار الصراع الطبقي. كل هذا يعني أن تحقيق هذا الاستقلال الطبقي يشكل بحد ذاته تاريخا حيًا متواصلًا ومتحركا باستمرار.

الأيديولوجية البرجوازية والنضال العمالي المستقل
تحاول البرجوازية والبرجوازية الصغيرة، وكذلك مثقفوها، منع تبلور هذا الاستقلال الطبقي السياسي والفكري للعمال بطرق مختلفة، بما في ذلك عبر الدعاية المضادة والأعذار الفارغة والصيغ النظرية المربكة باسم الدفاع عن الفرد، ولكن باستخدام نظرية الفردانية البرجوازية المبنية على مناهضة أطروحة كل ما هو اجتماعي وله صلة بالمجتمع وبهذا المفهوم، والفصل الميكانيكي بين الفرد والمجتمع، وإنكار وجود الطبقات والصراع الطبقي، واستبدال الطبقة بالحشود ما فوق الطبقية، والدعاية بعدم وجود شئ اسمه التغيير الاشتراكي والمثل الشيوعية، والاستهزاء بالأجندات الاجتماعية الكبيرة والتغييرالثوري لكامل بنية المجتمع والنظام. وعلى نفس المنوال، التبرير لأي شيء سياسي وأيديولوجي مفرغ من محتواه الاجتماعي والطبقي، ومثال على ذلك مدح وثناء الحركة القومية والعلمانية البرجوازية والنيو ليبراليزم والديمقراطية البرجوازية والبرلمانية والسياسة القائمة على الهوية، والدولة المدنية، هذا بالاضافة الى المحافظة على الأيديولوجية الرجعية الدينية والإسلامية. ويتزامن مع كل ذلك مناهضة الاشتراكية والماركسية باستمرار.
وفي السياق نفسه، يتم تنظيم دعاية مسمومة ضد تنظيم الحزب البروليتاري الاشتراكي بذريعة منع تكرار التجربة الستالينية والماوية ورأسمالية الدولة، وبالتالي محاولة حرمان العمال والمضطهدين من نيل وسيلتهم الحزبية والتنظيمية لنضالهم الطبقي المستقل، وكل ذلك من اجل ترك الشوارع والمدن والمصانع والمدارس خالية بحيث تتحول حصرا الى ميدان للصراعات السياسية والايديولوجية وممارسات احزاب وقوى الطبقة الحاكمة والتلاعب بحياة ومصير المضطهدين والمجتمع بأسره.

إخفاقات النظام البرجوازي القومي الكوردي
والمسائل الحيوية للصراع الطبقي
ان تجسيد النقد الجذري والثوري تجاه الوضع القائم في اقليم كوردستان بشكله المجرد لا يكفي، اذ ان النقد كذلك ليس بمعزل عن مصالح الطبقات والصراع الطبقي الجاري في المجتمع. ان توجيه النقد الثوري للوضع السياسي في كوردستان برمته، فضح التناقضات المستعصية على الحل للنظام البورجوازي القومي الكوردي والحزبين الحاكمين، وفضح إخفاقات المؤسسة السياسية ونظام الميليشيات الفاسد والقمعي، وتوجيه الانتقاد الثوري ضد التحالف الاستراتيجي للاسلام السياسي والحركة القومية في النظام القائم في الاقليم، وكشف دور الثورة المضادة للمعارضة الداخلية للنظام والمتمثلة بالمعارضة البرجوازية الليبرالية الجديدة والتيار القومي النصف اصلاحي وفضح العلاقة الرجعية بين حكومة إقليم كوردستان ونظامها والحزبين الحاكمين، الحزب الديمقراطي الكوردستاني( البارتي) والاتحاد الوطني الكوردستاني (الاتحاد)، مع القوى الإمبريالية والدول القمعية في المنطقة ومناهضة مصالح غالبية سكان الإقليم، يشكل بمجمله منظومة انتقادية ضرورية بوجه الوضع القائم في الاقليم.
غير إن ابراز كل ذلك وتوجيه النقد بوجهه دون تحديد العقدة الرئيسية للوضع والمشكلة الجوهرية لمجتمع كوردستان، والتي هي الرد على المشاكل التي تواجه تقدم الصراع الطبقي للعمال والكادحين والمفقرين، سوف لن يثمر عن شئ غير الدوران في نطاق انتقاد نفس الواقع الموجود والمسار السياسي السائد في الاقليم دون طرح الطريق الثوري للخروج منه، وبالتالي يتحول الى البحث عن حلول لظروف المجتمع المتدهورة خارج نضال الطبقة العاملة والطبقات الكادحة والنهوض بنضالهم الطبقي المستقل.
الخروج من هذا الوضع الاستثنائي والمأساوي الذي يمر به مجتمع كوردستان هو في حد ذاته قضية طبقية، وأكثر من أي وقت مضى، أصبح اليوم هذا الرد والحل الطبقي ضرورة ومرتبط بالرد على العقبات التي تعترض تقدم نضال العمال والكادحين وغير المالكين. أي شخص محب للحرية ويهمه تحقيق المساواة والعدالة، وأي عامل شيوعي ومحب للحرية يبحث عن ويسعى الى إحداث تغيير ثوري وتقدمي في الاقليم لا يمكنه تجنب هذه الحقيقة الطبقية. يرتبط الرد على مشاكل مجتمع كوردستان بالإجابة على المشاكل والعقبات التي تحول دون تقدم النضال الطبقي للعمال والكادحين والنساء العاملات والمضطهدات والشباب المعطلين عن العمل والتحرريين.
جميع أطياف الحركات والأحزاب والتيارات البرجوازية القومية؛ الراديكالية والمدنية او العلمانية، والتيارات الاسلامية، سواء كانت في السلطة أو في المعارضة، دائمًا ما تغطي هذه الحقيقة الطبقية وتحجبها عن الجماهير بألف طريقة، وبطبيعة الحال تسعى إلى حل إخفاقات السلطة القومية في اطار الممارسة والسياسة والنظرية القومية البرجوازية نفسها ومُثُلها وأهدافها وبالتالي تبررعداء الحركة البرجوازية القومية الكوردية ونظامها تجاه الانسان العامل والمضطَهد في المجتمع.

المسألة القومية الكوردية والنضال الطبقي العمالي
لن أناقش هنا المسألة القومية في مجتمع كوردستان وكيفية حلها باعتبارها مشكلة هذا المجتمع الرئيسية ولها اثر في ترجيح كفة ميزان القوى الطبقية لصالح الحركة البرجوازية القومية في الاقليم، ولن اخوض في الحديث عن نوع الاستراتيجية التي قد تتبناها الحركة الاشتراكية للعمال لحل هذه المسالة لان ذلك يحتاج الى بحث خاص. ومع ذلك، من الضروري الإشارة بإيجاز إلى أن استراتيجية البروليتاريا الاشتراكية لحل المسالة القومية الكوردية، وهي مسالة تبلورت في عملية تاريخية، تعارض استراتيجية البرجوازية القومية، في المركز والإقليم على حد سواء، اذ تُعرّفهما (اي البرجوازية القومية الكوردية والبرجوازية القومية العربية) كطرفين من نفس النظام الطبقي الرأسمالي. تُقدم البروليتاريا الاشتراكية على حل هذه المسالة انطلاقا من دفاعها عن مصالح تطور الصراع الطبقي والأهداف الاشتراكية والأممية للطبقة العاملة في عموم العراق، وهذا نفسه كفيل بفتح الطريق امام سكان اقليم كوردستان كي يقررون بحرية على نوع النظام السياسي الذي يريدونه ان يكون قائما في الاقليم سواء اكان هذا النظام داخل جغرافيا السياسية للعراق او خارجها.
لقد تجاوزت أطروحة أوجلان "الديمقراطية الكونفدرالية"، بشكل ما، النموذج الكلاسيكي للبرجوازية القومية الكوردية لحل المسالة القومية وتشكيل دولة مستقلة، ولكن في التحليل الأخير، لا تزال هذه الأطروحة والاستراتيجية وبطبيعة الحال في إطار الأفق والنظرية القومية ونظرية ما فوق الطبقية ولا تتطرق الى البنيان الطبقي المتناحر للمجتمعات وبالتالي تتعارض مع الاستراتيجية الطبقية للبروليتاريا الاشتراكية لحل المسالة القومية.

موقف بعض من اوساط العمال والكادحين من الموازنة
من خلال تبني سياسات رأسمالية اقتصادية ليبرالية جديدة، وتوسيع نطاق الفساد والنهب، وتنيظم المشروع البرجوازي الغارق في الفساد لبناء "اقتصاد وطني" للاقليم، والتخلي عن تقديم الخدمات العامة الصحية والتعليمية والخدمات الاخرى الضرورية للجماهير، وجهت سلطة البورجوازية القومية الكوردية وحزباها الميليشية ضربة مؤلمة للطبقة العاملة والفقراء والشباب والشابات المعطلين عن العمل في الاقليم. هذا بالاضافة الى أن السلطات وقواتها تقمع بوحشية انتفاضاتهم ومظاهراتهم، وتقطع رواتب العمال والموظفين، وتحظر مساعيهم لتنظيم وتشكيل النقابات، وتكثف الضغط الاقتصادي على جماهير السكان بفرض شتى انواع الضرائب عليها ومن خلال رفع أسعار البنزين والنفط والعديد من الضغوط الاقتصادية الأخرى، والتي بمجملها تجعل حياتهم أكثر صعوبة، وبالرغم من كل ذلك لا يزال المعسكر البرجوازي بأكمله يتحدث عن حل بنفس آفاق ونظريات وسياسات القومية البرجوازية القومية والإسلامية- القومية. لذلك هم، البرجوازية والممثلون السياسيون لهذه الطبقة، يثبتون حقيقة ان ما هو مطروح كحل يحمل طابعا طبقيا كذلك، اي أنهم ينظرون إلى مشاكل مجتمع كوردستان ويحلونها من منظور مصالحهم الطبقية البرجوازية.
إلى جانب صعود النضالات العمالية في أجزاء أخرى من العراق، أثناء الصراع بين الأحزاب السياسية والبرلمانيين على الموزانة وكيقية تقاسمها، تحدث العمال والموظفون في الاقليم مرة أخرى ضد تخفيض وقطع رواتبهم، و بدأ المعطلون عن العمل والشبيبة والجماهير المعترضة على سلطة الاقليم من جديد بالتعبير عن استيائهم بوجه الفقر والبطالة والفساد.
على الرغم من أن هذه الموجة من الغضب الشامل في الاقليم تشكلت وتبلورت، غير انها، وكما حدث لسابقاتها، لم تتحول الى حركة جماهيرية فعالة، وذلك بسبب الدعاية القومية والجهوية المناطقية السامة للحزبين الحاكمين ( البارتي و الاتحاد)، فضلاً عن الدعاية الخادعة للبرجوازية المعارضة مثل حزب (الجيل الجديد ) و(الأحزاب الإسلامية)، وفوق كل ذلك بسبب تشتت صفوف نضال العمال والكادحين انفسهم.
المهم أن نلاحظ هنا أن مستوى هذا الغضب كان ، كما في الماضي ، بحجم وزخم جدي بحيث يتحدث بعض العمال والمفقرين بوضوح عن تقليص سطوة سلطة الحركة القومية الكوردية على حياتهم ومعيشتهم ومصيرهم، وهم يطالبون بان يكون توزيع الرواتب وحتى القسم الخاص من الموازنة المخصصة لتوفير الخدمات وتمويلها يكون بشكل مباشر عن طريق الحكومة المركزية، هذا بالإضافة إلى عدد من المطالب الأخرى التي تعني عملياً تقليص الدور السياسي للإقليم كحكومة فيدرالية.
في الواقع، ان هذه الظاهرة هي شكل من أشكال الاحتجاج من قبل بعض اوساط العمال والمفقرين في إقليم كوردستان الذين يريدون تخفيف بعض آلامهم بسبب الجوع والفقر والبطالة، وذلك بعد يأسهم من فرض أي إصلاحات على السلطات في الإقليم. في غضون ذلك، استغل (الاتحاد) بعض هذه الاحتجاجات لمصالحه الخاصة وصراعاته مع (البارتي)، لكن هذه ليست القصة كاملة لأن الاحتجاجات أوسع مما يمكن الاجهاز عليها بهذه الطريقة. في الواقع ، فإن مثل هذه الاحتجاجات والمطالب هي شكل محدد من أشكال تدخل جماهير العمال والكادحين خارج نطاق تأثير الأيديولوجية القومية، فضلاً عن انها بحث عن إجابات وحلول من منظور طبقي مستقل خاص بهم.
أخيرا، نرى أن هناك ردان وطريقا حل طبقيين مختلفين للخروج من المازق الذي يعيشه مجتمع كوردستان، رد وطريق حل البروليتاريا ورد وطريق حل البرجوازية. ما هو المهم الاشارة اليه هنا هو أن نلاحظ أن رد بعض اوساط الطبقة العاملة والمفقرين والكادحين لم يستطيع بعد من التعبيرعن موقف العمال الطبقي المستقل بعيدًا عن المعسكرين البرجوازيين، أي السلطة في الإقليم والسلطة في المركز. وذلك لأن هذه الاوساط ما زالت تتوقع من البرجوازية الإسلامية والقومية الحاكمة في العراق مساعدتها ضد الحركة القومية الكوردية. هذا في حين تحتاج الطبقة العاملة والشرائح الاجتماعية المحيطة بها إلى توحيد نضالها في اقليم كوردستان و عموم العراق حول آفاقها الطبقية واستراتيجياتها وسياساتها المستقلة، والى تحقيق نضال موحد للتغلب على النظام الرأسمالي ونظامه السياسي في إقليم كوردستان والعراق ، كي يكون بامكانها التحرك نحو بناء مجتمع خال من الطبقات وحر ومتساوٍ.