فهم اليمين واليسار في عالمنا المعاصر


لبيب سلطان
2023 / 7 / 31 - 04:48     

تجتاح العالم اليوم ، كما اجتاحته على مدى القرون الماضية ، معارك فكرية حامية، اجتماعية او سياسية ، داخلية او خارجية ، يمكن ارجاع جذورها الى احدى المدرستين اليمين اواليسار. فهي تتخذ اشكالا ومحتوىات مختلفة داخل كل مجتمع ، وفي كل مرحلة من تطوره، ولكنها في الجوهر ترجع لاصل الاختلاف في النظرة الى الحياة فلسفيا بين تيارين محافظ ( اليمين) ، ومتحرر (اليسار).
الأول (اليمين) يطرح ان يكون الدين والتقاليد وبث الروح القومية اساسا لادارة المجتمع ولادارة نظم حكمه وتطويره على هذه الاسس، والثاني (اليسار) يضع التحرر من تقييد القيم البالية وتطوير الحريات الفكرية والاجتماعية هو الذي يجب ان يكون اساسا لادارة وعمل نظم الحكم تطوير المجتمعات. هذه هي باختصار اصول الاختلاف الفلسفي بينهما، مهما اتخذت معاركهما من اشكال وطروحات ومحتويات متعددة تراها متجسدة في القضايا والمعارك الصغيرة منها اوالكبيرة.
يمكن من التعريف بالخط العريض اعلاه ، فرز بعض معالم تحديد اليمين واليسار من خلال قضيتين مشتقتين من تعريفهما : ان اليمين يركز على الطرح الجمعي ( الدين، التقاليد، الروح القومية ، الثقافة القومية ، التراث ) الذي يتحدث باسم الجماعة او الجمهور العام ، واليسار يركز على طرح الحقوق والحريات والتحرر على المستوى الفردي ليصل الى تحييقها على مستوى الجماعة ، وتاريخيا يمكن ايراد اوضح فصل بينهما خلال الثورة الفرنسية ، اليمين يمثل التقاليد القومية والدينية واليسار يمثل ماطرحته "لائحة حقوق الانسان " من مبادئ التي اقرتها الجمعية التأسيسية عام 1791. وبقيا ليومنا هذا تقريبا يمثلان اليمين واليسار ، اليمين يمثل الموقف " الجمعي الايديولوجي " ، أي باسم الجماعة ، والموقف " الفرداني الحقوقي" ، أي باسم حقوق الانسان كما طرحت عام 1791 ولازلت لليوم. فالجمعي والفردي، او الايديولوجي والحقوقي ( باعتبار الايديولوجيا تصوغ فكر الجماعة والحقوقي يصوغ حقوق الانسان الفرد) ، هما اوضح من يعبر ويضع الخط الفاصل بين اليمين واليسار في المواقف من قضايا المجتمعات. قد يعتبر البعض ان الماركسية بطرحها الطبقي قد وضعت هذا الخط بين الموقف اليميني واليساري، ولكنه في الواقع هو جزء من مبادئ الاعلان الوارد في الحق " بالمساواة " في اللائحة الفرنسية التي جاءت اكثر عمقا وشمولية من الماركسية في "الطرح الطبقي " حيث ان اليسار يقوم على اسس اوسع من اختصار واقتصار مبادئه على قضية الفارق الطبقي الذي حتى لو ازيل بشكل ما يبقى يقوم على وضع مبادئ الحقوق والحريات الخاصة التي تهملها الماركسية ولاتعيرها اهمية وتعتبرها ثانوية امام مصالح الجماعة ( وهذه هي دوما مشكلة الطروحات الجمعية انها لاتعترف بالحقوق الفردانية امام حقوق الجماعة) ، ومنها فالموقف الطبقي منفصلا لا يمثل اليسار، فموقفه الاساس هو الموقف من الحقوق والحريات ومن ضمنها حق العيش بكرامة ومساواة التي تهدف الى تقليص الطبقية في المحتمع دون التضحية بباقي الحقوق العامة للانسان.

تاريخيا ايضا كانت معارك اليسار واليمين هي معارك داخلية اساسا وذات طابع اجتماعي، ووجد دوما التمحور بين اطرافها يسارا ويمينا، بمختلف القضايا، وتعدد اشكالها ، ومواقفها اتت من منبع الموقف الفكري اعلاه لليسار واليمين. والملاحظ ايضا ان قضايا رغم اختلاف اشكالها في مختلف المجتمعات ، باختلاف تقاليدها واختلاف الثقافات والجغرافيا، الا انها اتخذت نفس المنبع والاساس الفكري للمدرستين فيهما. فمثلا تجد الطرح الديني في اميركا لا يختلف عن الطرح السلفي العربي بوضع التعاليم الدينية اساسا في التعليم مثلا، او الموقف من المرأة ، رغم اختلاف الفارق الكبير طبعا بين الثقافات والممارسات والتقاليد بينهما، ولكن الاسس الفلسفية والفكرية التي يستند عليها اليمين واليسار فيهما هي واحدة.
وتمتد معارك اليسار واليمين الى الساحة الدولية بنفس التضاد واسس الفرق في المحتوى الفكري تقريبا . تجد غالبا ان هناك اصطفافات على شكل معسكرين، لو نظرنا بعمق لجوهرها لوجدنا اصطفافاتها تقوم على مدارسهما الفكرية مجسدة الانخراط والتكتل ضمن المدرسة الفكرية الواحدة. تجد مثلا التكتل ذو الطابع القومي والديني من جهة اليمين، والتكتل التحرري الاجتماعي ( احيانا يدعى الليبرالي ) على الجهة المقابلة . وتجده يمتد من البرازيل جنوبا الى السويد شمالا ، ومن اسبانيا غربا الى الصين وروسيا شرقا . ولاغرابة ان نجد مثلا اليوم ان انظمة دينية مثل ايران، او قومية مثل روسيا تحت بوتين، او وطنية ماركسية مثل الصين تتبنى وتحاول ان تقف بكتلة واحدة ضد الكتلة الليبرالية التي تقودها اميركا واوربا الغربية ، والخط الفاصل هنا هو ليس الادعاءات التي يقيمها بعضهم على بعضا، فهذا شكل الصراع ووراءه المصالح ، ولكن وراءها جميعها ،في الحقيقة ، يقف الموقف الفكري المتمايز في مواقف اليمين في الحفاظ على التراث القومي الديني الديكتاتوري، فهو المشترك للتكتل الاول، والثاني يضم دولا تشترك في نظم ديمقراطية ليبرالية تمثل مواقف اليسار التاريخية في طروحاته الليبرالية في الانفتاح والحريات والديمقراطية.
ربما ينظر البعض ان المسألة هي المصالح فقط من يدفع لتشكيل التكتلات وليست المبادئ. والواقع انه حري بعدم فصلهما، اي ان المبادئ والمصالح تقفان معا وراء هذه التكتلات، واساسا يبدأ بالاشتراك في المبادئ ، وم ثم يجري ترتيب المصالح المشتركة للتكتل ، وإلا ماالذي يجمع اليوم ايران والصين وروسيا ، جميعها ترى انها ( أي في الحقيقة نظم حكمها ) مهددة من القيم الليبرالية التي تحاول ان تغزو مجتمعاتها، ومنها قلب نظمها " الديكتاتورية" ، وهذا اهم سبب للقائها على ما اعتقد ، وسيوسعون هذا التكتل بحكم ديكتاتورية تشاركه نفس المخاوف ، ومنه فانا اميل الى النظر الى هذه التكتلات من وجهة نظر المبادئ اولا وبعدها اقامة المصالح، وتجد دولا مثل السعودية ومصر مثلا تميل للتحالف القومي الديكتاتوري قلبا ، رغم ان وجود اجسامها مع الغربي اليوم ما هو الا مؤقت كون مصالحها تجعلها اليوم مع معسكر الغرب الليبرالي ، بينما عقائدها مع المعسكر الديكتاتوري، ومثلهما عشرات دول العالم الثلث التي يطمح بوتين وشانغ جينبينغ ، لجمعهما في تكتل واسع كونهما لايتدخلان في الشؤون الداخلية للدول مثلما يطالب التكتل الليبرالي باصلاح نظم حقوق الاتسان واقامة نظما ديمقراطية . ولو تمكن تحالف النظم القومية من طرح احلال الغرب في حماية السعودية والخليج ، وتقديم حزمات معونة لمصر كما تقدمها اميركا مثلا، ستجدهما غدا مع محور بوتين اية الله والصين .
ان تحديد معسكري اليمين واليسار في العالم اليوم هو اكثر وضوحا في مطابقتها لطروحات اليسار واليمين الفكرية الاساسية كما جرى وضعها زمن الثورة الفرنسية. انه تكتلات وصراعات بين محور القومية والدين ّ( اليميني) ومحور الليبرالية الاجتماعية ّوالسياسية (اليسار) ، اي المحاور التقليدية في الفكر والموقف الاحتماعي لليمين واليسار.

هناك طرحا ماركسيا مغايرا ساد اغلب القرن العشرين، ولا زال في عالمنا العربي، حيث اليسار واليمين يصنف على اسس اقتصادية ، وشكل المعسكر الاشتراكي الذي يتبنى النموذج الماركسيي للاشتراكية محور اليسار ، والمعسكر الرأسمالي الغربي القائم على اقتصاد السوق محور اليمين ، وفق القاموس الماركسي للتصنيف يسارا ويمينا . ان هذا الطرح اثبت عدم قدرته على الصمود في الواقع ، امام المفهوم التقليدي الاوسع والاشمل والاعمق لمفهومي اليمين واليسار، اللذان اختزلتهما الماركسية الى الموقف الطبقي من ملكية وسائل الانتاج. حيث لايمكن لعاقل مثلا ان يعتبر بلدانا مثل الصين او كوريا الشمالية يسارا والسويد وفنلندا وبريطانيا يمينا بمجرد ان الاولى نظما اشتراكية تسيطر حكوماتها على وسائل الانتاج، والاخيرة رأسمالية اخذت باقتصاد السوق. أو ان صدام حسين وبشار الاسد يساريين لانهما وقفا مع المعسكر الاشتراكي ضد الرأسمالي.

فاليسار حقا وفعلا وواقعا هو الموقف من الديمقراطية الداخلية والحقوق والحريات ، لا غير ، وهو نفسه كما تم طرحه منذ اكثر من مئتي عام في الثورة الفرنسية، ليس وفق التصنيفات السوفياتية والماركسية وتطبيقاتها . ان اليسار يقول انه يمكن اقامة العدالة الاجتماعية بتوفير الديمقراطية والحريات للشعوب لتناضل في سبيلها ولحقوقها ، والايدولوحيات طرحت اقامتها من السماء على الارض بحاكم متق مؤمن عادل ، او حزب ثوري وقائد ملهم للطبقة العاملة يهديها لشعبه ولو على حساب حقوق وحريات شعبه. ان هذه المعادلة ، وليست الطروحات الماركسية هي التي شكلت الفارق الحقيقي بين اليسار واليمين في مسيرة المجتمعات في القرن العشرين ، ومنها ومن تحاربها يمكن الاستخلاص ان كل نظام حكم ديكتاتوري هو يمينا ، مهما كانت ايديولوجيته، وكل نظام ديمقراطي يأخذ بالحقوق والحريات هو يسارا مهما كان اقتصاده . هذا هو الترجمة الواقعية لطروحت الثورة الفرنسية ومفكريها حول مفهومي اليمين واليسار ، ولحد اليوم هو يشكل حقا الفاصل الواضح لما نشهده من معارك اليسار واليمين ، داخليا ودوليا .
لاثبات المقولات والمواقف لليسار واليمين على مدى التاريخ الحديث والمعاصر سنتاول بعض المعارك الهامة ، توضيحا للمحتوى الفكري والاجتماعي لمفهومي وصراع اليمين واليسار. وسنتناول خمسة منها: معركة العلمانية في (القرن 17 ) ، ومعركة الثورة الفرنسية (القرن 18) ، ومعركة العالم مع النازية والقومية (القرن 20) ، والحرب الروسية الاوكرانية ( القرن 21) ، وحرب وقف الهجرة الى الشمال ( القرن 21، وسيتم تناولها بموضوع منفصل) التي توضح موقفي اليمين واليسار الدائم الاسس على ماتم طرحه اعلاه في هذه المعارك القديمة والمعاصرة. وسنتناول بعدها الموقف في العالم العربي لتوضيح معالم الاسس الفكرية والاجتماعية التي يقوم عليها اليمين واليسار ، والذي اراه اشد تعقيدا وتناقضا في تداخلاته من الوضوح الذي نراه في بقية ارجاء العالم.
2. اليمين واليسار في معارك خاضتها المجتمعات عالميا
1. معركة العلمانية
ربما تعتبر معركة العلمانية اوضح وأهم معركة جرى خوضها عبر التاريخ بين اليسار واليمين. انها المعركة التي رسمت معالم الطريق لتطور الانسانية وصولا الى الحضارة الحالية، وشكلت النقطة الفصل بين تاريخين : تاريخ سيادة المقولة الميتافيزيقية والدينية على الانسان والمجتمع ، وتاريخ سيادة العلم والعقل في بناء اسس تطورهما اللاحق.
شكل اليمين بكل وضوح الجانب الاول واليسار الجانب الثاني. دامت هذه المعركة طوال قرنين على الاقل استطاع اليسار كسبها بمراحل بدأتها بكسب معركة فصل العلم الطبيعي عن الديني واللاهوتي ، والثانية بتحرير العلم الاجتماعي منه ايضا ليطرح نموذج حقوقيا ينظم علاقة الحاكم والمحكوم على اسس حقوق وحريات الاخير مقابل شرعية الحكم من الشعب ، ومنه انتقلت المجتمعات لمرحلة جديدة من التطور . كلتا المرحلتان ساهمتا وبشكل متواز في رسم طريق التطور اللاحق . ساهم العلم الطبيعي في اطلاق الثورة الصناعية ونمو الانتاج والثروة العامة في الدول العلمانية ، وساهم العلم الاجتماعي في فصل الدولة عن الدين اولا، ولاحقا منذ منتصف القرن العشرين في فصلها عن جميع العقائد ( عدا وطنية الدولة ) وتوطيد اسس نظم الحكم الديمقراطية والحريات والحقوق فيها . انها اعظم واوضح وأهم معارك في التاريخ على الاطلاق ، حيث وضعت العلم والحقوق والحريات ادواتا لتطور المجتمعات ونظم حكمها وادارتها ولازالت لليوم تمارس هذه المهمة وهذا الدور.
2. الثورة الفرنسية
تشكل الثورة الفرنسية واحدة من اهم مفاصل التاريخ، كونها كسبت المعركة الثانية للعلمانية من معارك اليسار واليمين، وتكمن أهميتها الحقيقة ليس لأنها اول ثورة نجحت في اسقاط نظم الحكم المطلقة السائدة في العالم واوربا انذاك ، فهي ليست ثورة لتغيير نظم الحكم كغيرها، بل لرسمها طريقا جديدا في اقامة نظم الحكم التي تقوم على حقوق المواطنة والمساواة فيها وعلى الاعتراف بحريات المواطن والمجتمع اسسا تقر في الدساتير التي تحكم الدول. انها كانت نقطة البداية في تطبيق حكم المجتمعات ديمقراطيا وفق نظم حقوقها، والتي سادت العالم بعدها واصبحت نموذجا لها تأخذ به الامم الصغيرة والكبيرة ، ليكون هو اسلوب نظم حكمها وعلاقته بالمواطنين.
شكلت ثورة اكتوبر في روسيا عام 2017 ايضا نموذجا لانتصار اليسار على اليمين في موقعي المعادلة الاجتماعية في المجتمعات الرأسمالية بين طبقة العمال وطبقة الرأسماليين، ولكنها لم تنجح في وضع اسس نموذج ناجح للحكم في العالم المعاصر كالثورة الفرنسية ، كونها قدمت نموذج التضحية بالديمقراطية والحقوقية للمواطنة لتحقيق العدالة الاجتماعية ، وامام هذا الثمن الباهض لم تنجح في التطبيق العملي. حيث اقامت نظما ديكتاتورية ومنه انتهى دورها وفعلها التاريخي بتصفية النظم الديمقراطية لأقامة العدالة الاجتماعية ،بدل اتخاذ الاولى وسيلة واداة لتحقيق الثانية. ان هذا هو ما قامت به دول اوربا الغربية ، واثبتت نجاحه بها ، وتقوم به اليوم الامم الاخرى وينادي به اليسار المعاصر ، الاشتراكي الاجتماعي (اللببرالي)، ويطرح برامجه الاجتماعية لاقامتها دون التضحية بها واهمية ابعاد الدولة عن الايديولوجيات المتطرفة يسارا او يمينا كي لا تتحول نظم الحكم في هذه الدولة الى الشكل الديكتاتوري، وكان هذا اهم درس تعلمته الشعوب ومعها المدارس والحركات اليسارية والاجتماعية فيها ان مناهج العدالة يجب ان تطبق من خلال الديمقراطية وليس باقامة نظم الديكتاتورية، وكان هذا درسا هاما لليسار وللشعوب وللمفكرين والمثقفين بان واحد.
3. التجربة النازية والقوميات الاوربية
شكل صعود النازية في المانيا بداية الثلاثينات ، ومعها الايديولوجيات القومية في اغلب دول اوربا الوسطى والجنوبية ، انتصارا واضحا لليمين المؤدلج " قوميا" علي اليسار الديمقراطي الاجتماعي فيها والذي بقي متمسكا بنموذج حكم الدولة وفق نظم الديمقراطية والحريات الفكرية فيها. شكل صعود النازية ، كنظام ايديولوجي يميني، الى اقامة ديكتاتورية داخلية فيها اولا ، ثم الانتقال للعدوانية التوسعية على الدول المجاورة بادعائات شتى ، منها اعادة المجد للدولة الالمانية من هزيمتها في الحرب الاولى وفرض معاهدة فرساي عليها، او اعادة اراضي تم قصمها منها وضمها لدول مجاورة مثل جيكوسلوفاكيا وبولندا لانهاء التمييز ضد السكان الالمان في هذه الاراضي ( الكاذب طبعا) . ومثل هتلر في المانيا، اراد موسوليني اعادة مجد الامبراطورية الرومانية، ومثله في المجر واسبانيا ورومانيا وبلغاريا..الخ وشكلت حلفا قوميا دوليا واسعا مع اليابان . وانتهت الحرب العالمية الثانية بهزيمة النظم الديكتاتورية القائمة على الايديولوجية القومية. وبقدر ما اعتبر صعود هذه النظم الايديولوجية المتطرفة هو ضعفا في نظم الديمقراطية التقليدية ، حيث يسهل عليها التلاعب بعواطف الجمهور ، الا انه خلق رادعا ووعيا قويا لدى شعوب هذه الدول لرفض الطروحات المؤدلجة قوميا يمينيا مستقبلا كونها ستؤدي بها لنظم ديكتاتورية وعدوانية سببت دمارا هائلا لها وللبشرية. علم هذا الدرس اليمين الاجتماعي الشعوب في هذه الدول كما علم شعوبها ان لاسبيل امامها غير سلك طرق مواجهة المحافظة القومية منها او الدينية او كلاهما مع بعض. انه ومع الدروس التي تم استخلاصها من تجارب النظم الماركسية في المعسكر الاشتراكي، خلق جوا عاما بابعاد الدولة عن سيطرة اية ايديولوجيا ، يسارية ام يمينية ، كسبيل للحفاظ على الديمقراطية التي تشكل صمام امان للجميع وللمجتمع ولمنع الحروب الخارجية او حتى الاهلية ، ومنه نشأت طبقة الوسط العازل الواسعة التي تمثل الاعتدال ، وتضاؤل حجم من يقف الى يمينها او يسارها المؤدلج المتطرف ، وظهر هذا جليا خصوصا بعد الحرب العالمية الثانية بالانتصار على النازية ، وقبل نهاية القرن بانحلال الاتحاد السوفياتي كنموذج ايديولوجي للنظم الشمولية الماركسية. ان الدرس المستخلص ان جميع الايديولجيات تقيم نظما ديكتاتورية ومنها اضحى حماية الديمقراطية هو حماية هذه المجتمعات ورسخت قوانين هذه الدول اهم عقيدة للعلمانية الثالثة وهي ابعاد الدولة ليس فقط سيطرة الدين، بل عن سيطرة اية ايديولوجية عنها ، ومنها قيدت عمل ووزن وصلاحيات الحكومات التي تشكلها الاحزاب كي لا تعاد التجربة النازية من جديد.

4. اليمين واليسار في الحرب الروسية الاوكرانية
ربما لايبدو على السطح ان هناك صراعا يساريا او يمينيا واضحا في هذه الحرب ، ولكن لو دخلنا في عمق الموضوع لوجدناه كذلك ، بل هو سببا اساسا في اندلاعها، كون العقيدة القومية باعادة مجد الامة هو من وقف ورائها، رغم كل الادعائات الاعلامية للرئيس بوتين. لو نظرنا الى الاسباب الحقيقة لهذه الحرب لوجدنا نفس الطروحات التي قامت عليها المانيا الهتلرية في شن حروبها التوسعية منذ عام 1937 لارجاع " مجد الدولة والامة الالمانية " بعد انحلال امبراطوريتها في الحرب الاولى. ان الرئيس بوتين ينتمي لنفس هذه المدرسة القومية "بارجاع مجد الدولة والامبراطورية الروسية " بامتدادها التاريخي ، ويتهم حتى البلاشفة انهم مزقوها واضعفوها، وطرح نفسه قائدا قوميا منقذ ،وشحذ طاقات الامة الروسية وجمعها وتجميعها حوله لاعادة احياء "ألأمبراطورية" ، وهونفس ماطرحه و سعى اليه نابليون وهتلر قبله، وكلاهما شن حروبا مماثلة.
ان بوتين اعتبر ان اوكرانيا هي من تقف امامه لتحقيق مشروعه ، واعتبر انها وبيلوروسيا تشكلان الامتداد الجغرافي والثقافي والتاريخي للدولة والامة الروسية ، ومنه فهو يرى وحدتهما مع روسيا امرا طبيعيا لانبثاق جديد للامبراطورية الروسية واعادة عظمتها وقوتها، والوحدة بينهما تتم وفق رؤيته القومية الروسية الامبراطورية. انه ضمن بيلوروسيا وعصى عليت الاوكران، فهم لايريدون ذلك ،ويرى اغلبهم ان مصلحتهم هي في استقلالهم عن نفوذ بوتين، وانضمامهم الى الاتحاد الاوربي كدولة مستقلة ، اي تعبيرا عة رغبتهم في تبني نموذج اوربا الليبرالي بدل الهيمنة الامبراطورية الروسية التي يريد فرضها بوتين عليهم. وبقدر ماهو خيار اي شعب ذو سياد. ويتم حسمه بممارسة ديمقراطية داخلية ،وهذا ما قامت به منذ استقلالها بعد انحلال الاتحاد السوفياتي، ووطدت استقلالها ونظامها الدستوري الديمقراطي التوجه. ولكن هذا الخيار يعتبره الرئيس الروسي مساسا بمكانة روسيا ومؤامرة من الغرب موجهة لاضعافها وافقادها مصدر قوة بشرية واقتصادية هامة لايحق له فصلها عن روسيا . انه تضادا واضحا بين الفكر القومي التوسعي لبوتين ( اليمين القومي) وبين التوجه الاوكراني للديمقراطية الليبرالية في اقامة مستقبل شعبها ( اليسار التحرري). هذا هو جوهر الموضوع وجذره ، صراع بين فكر قومي توسعي واخر تحرري داخلي، بين عقيدة قومية يمينية للدولة الروسية تحت بوتين ، وبين شعب تعب من الديكتاتوريات في موسكو ويرمي ان يصبح اوربيا منفصلا عن الحكم فيها . من هذا الاختلاف الجذري ، الصعب الحل سياسيا او بالطرق الديمقراطية ، لجأ بوتين لشن حربا همجية واسعة ضد شعب مجاور وشقيق له في شباط عام 2022.
ان بوتين واتباع مدرسته القومية التوسعية لايعترفون باوكرانيا دولة ذات سيادة وشعب يمكنه ان يقرر وفق مصالحه وسيادته ( في حقيقة الامر يرونهم فلاحين روس سابقين متمردين من جنوب الامبراطورية الروسية النبيلة التي كان مقرها في سان بطرسبورغ ) . انه اعتبر ان تنصيب حاكم موال له في كييف هو حقا مكفولا وبسيطا له، مجرد تزوير انتخابات ووضع اوليغارخ في السلطة ، فهو كفيل بوقف تطلعات الاوكران للانضمام الى الاتحاد الاوربي . واذ رفض هذا الحاكم تصديق اتفاقية مع الاتحاد الاوربي عام 1914 تمهد الطريق امام اوكرانيا ، خرجت تظاهرات مليونية ضده، فهرب، واعتبرها بوتين تآمرا من الغرب، وليست حركة شعبية وطنية في اوكرانيا. انه وبنفس اسلوب وحجج هتلر في مقاطعة كدانسك التي كانت تاريخيا لالمانيا واعطيت لبولندا بعد الحرب الاولىظ ، احتل شبه جزيرة القرم اولا، ونظم تمردا في مناطق من اوكرانيا الشرقية ( مقاطعة الدونباس الصناعية والغنية بالمعادن ) ، على غرار منطقة السوديت في جيكوسلوفاكيا عام 1938 ، واعتبر انت قد تم اقتطاعها من روسيا التاريخية ، وعليه حماية سكانها الناطقين بالروسية ،فقام بشن حربا فاجأت العالم ظانا انه سيحتل كل اوكرانيا خلال ايام ، وهذن قرابة عام ونصف ، ولم يستطع بسط هيمنته على شعبها.
لم يستطع بوتين تبرير عدوانه الامبراطوري التوسعي امام العالم رغم كل الادعاءات التي اطلقها ، ويغيرها بين الفينة والاخرى ، كون الحقيقة واحدة ، هو معتقده القومي اليميني القائم على " ارجاع عظمة الامبراطورية الروسية " كما كانت روسيا قبل القرن العشرين وبعده. انه هوالذي يقف وراء هذه الحرب. وداخليا كان بوتين، وكما فعل هتلر ، قد كرس ديكتاتوريته ( غير الدستور مرتين ليبقى في الحكم ستة وثلاثون عاما لحد عام 2036 ) .
وعلى الرغم من وضوح ظروف واسباب نشأة هذه الحرب ( وبوتين واركانه لايخفونها وطالما صرحوا بها واعلنوها ) ، الا ان البعض من يدعي انه يسارا لايرى من قام بهذا العدوان الهمجي هو اليمين القومي العدواني ، ويقف الى جانب حق الشعب الاوكراني في تقرير مصيره، وخياراته ، وحقوقه في ممارستها .
ان اليسار هو في الوقوف بوجه اي عدوان توسعي ( كما وقف اليسار الامريكي وكل العالم بكل اطيافه ضد اميركا في الحرب الفيتنامية ) ، فاليسار هو في الوقوف ضد الطغيان والديكتاتوريات القومية التوسعية . وليس غريبا ان نجد اليمين القومي والعنصري الاوربي في اميركا والغرب الاوربي مثلا يصطف علنا مع بوتين ( مثل الحركات النازية والقومية العنصرية المتطرفة في اميركا والمانيا و فرنسا وغيرها من اليمين القومي في دول ىاوربا مثلا يناصرون بوتين) ، ولكن غريبا ان ترى اليسارالماركسي العربي يصطف معهم لمناصرة يمينية بوتين وعدوانيته المفضوحتين الواضحتين. وقديما قيل غالبا ما يلتقي اليسار المتطرف باليمين المتطرف في السياسات رغم الاختلاف في الشعارات، انه اللقاء بين الايديولوجيات المتطرفة، كلقاء متطرفي الاسلام وغلاة المسيحية، ومتطرفي الشيعة والسنة ، في عدائهم للعلمانية والليبرالية مثلا. وفي الموقف من الحرب الاوكرانية نجد قريبا منه في منطقتنا العربية على الاقل، حيث يلتقي السلفية والقومجية مع الماركسية الستالينية في هذا الموقف.

3. اليمين واليسار في العالم العربي
اهم مايميز اليمين واليسار في اغلب بقاع العالم المتحضر اليوم هما قضيتان : الاولى هو تمسكهما معا باساليب الديمقراطية السياسية وايمانهما بها لتحقيق برامجهم. فكل منهما يسعى لكسب الاغلبية للفوز بالانتخابات ، وعند الفوز يسعى لتنفيذ برامجه الحكومية ، ولا يحلم احدهما بتقوض الديمقراطية او تقليصها او تزويرها ناهيك عن التجرؤ فقط عليها . والثانية ان هناك وضوحا فكريا بين اليسار واليمين وطبيعة برامجهم التي تترجم الخلفية الفكرية التي يقفون عليها .
وحتى عند الفوز بالنتخابات تشكيل جهازا حكوميا فلا يستطيع ايا منهما تغيير سياسات اجهزة الدولة القائمة على القوانين العليا التي تحكم عملها وتبعدها عن التحزب والحزبية، بل تعطيها صلاحيات في تنفيذ برامج خدمية انتخبت لاجلها.ويحاول اليمين واليسار كلا منهما ان يطرح نفسه معتدلا ويبتعد عن الجناح المتطرف الاخر فيه كي لا يفقد اغلب الجمهور ومنه يفقد الانتخابات، ولكن المجتمع والجميع يعلم ان اليسار هو الليبرالية ومنهجها الانفتاحي المتحرر، واليمين هم المحافظون والقوميون باصنافهم.
في العالم العربي لا اليمين ولا اليسار اساسا يؤمن بالديمقراطية لاسباب تتعلق بالايديولجيا التي يتبنونها ( عدا التيار الليبرالي الضعيف جدا في الساحة العربية) . والميزة الثانية ان كلا اليمين واليسار اذ يختلفان في الطرح الاجتماعي الداخلي ، ولكنهما يلتقيان بالطرح الخارجي في العداء للقيم اللببرالية التي تمثلها حضارة الغرب الاوربية المنشأ والطرح والممارسة ، وهذه قضية تسجل لصالح تقوية اليمين والسلفية ، وخسارة لليسار ، فحضارة اوربا والغرب هي حضارة العلمانية والليبرالية سواء قبل او لم يقبل اليسار الماركسي العربي، التي دوما يوصمها انها " امبريالية ورأسمالية ، ديمقراطيتها زائفة ، وحرياتها كاذبة ، ويسودها الاستغلال والعنصرية والتمييز نهب خيرات بلداننا ولتنعم الامبريالية بالرفاه (وليس من عمل وكدح شعوبها) ونحن نعاني الفقر والحرمان بسببها (وليس لفساد نظمنا) ..والخ .
والسلفية بدورها توصف حضارة الغرب الاوربية بالكفر والالحاد والتحلل الاسري والجنسي والفساد الاخلاقي وكونهم صليبيين واستعماريين همهم احتلالنا لانهاء الاسلام ، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر( طبعا يخافون لانهم اتقياء انقياء يصومون ويصلون ويخافون الله ولا يتزوجون الا باربعة فقط وزوجاتهم تسير خلفهم طائعات مطيعات ، وفسادهم رزق حلال من الله ، والمال العام سائبا ماثلا امامهم للفطه فلم يدعيه أحد باسم فلان واخذه حلال بحلال ) .
والسؤال لليسارالمتمركس العربي هما سؤالان : كيف تعتقدون ان الناس تصدقكم وتكذب ماتراه وخلال دقائق على الانترنت او التلفزيون حرية الناس وانتخاباتهم ورفاههم وانجازاتهم الحضارية والعلمية والاجتماعية ، مقارنة انه وبنفس الدقائق يمكنهم الاطلاع على انجازات النظم الماركسية المعادية للغرب تصفية ملايين من سكانها انهم كانوا اعداء للحزب والثورة. ( يمكنها الاطلاع ان ماو اباد خمسين، وستالين عشرين، وسونغ خمسة ، وبول بوت ثلاثة وهذه ليست بالالاف ،بل بالملايين من سكانها ) لتقيم العدالة والاشتراكية ، وهؤلاء حلالا على التصفية خونة اعداء الحزب والثورة وضد قائدها المبجل المعظم من فاق بالتقديس اية الله العظمى في طهران او بالولاء لخلفاء الامويين في الشام .
انها ازمة عميقة حقا تعيشها شعوبنا على المستوى الفكري، فلا اليسار يستطيع ان يرسم لها طريقا لتتحرر فكريا من السلفيات الرجعيات وتأخذ بفكر ومذاهب الحريات والاصلاح الاجتماعي والفكري الاوربي المنشأ والتطبيق والقنونة ، كون اليسار نفسه هو من يُسَوِد صفحتها امام الرأي العام العربي ،ويبث نفس منهج الانعزال والكراهية ، كالسلفية ، ولاهم له غير ذلك ، وكانه اتفق السلفية مع السلفية ، رغم اختلاف جذور السلفيات ، كون الماركسية علمانية ، ولكنهم ادلجوها سوفياتيا لتصبح دوغماتية سلفية . وليس اليوم امام شعوبناغير خيارات محدودة : اما انتظار يوم القيامة كي يأتي الامام الحجة ليقيم العدل، او ننتظر صعود بوتين وحلفاءه ليقضوا على الامبريالية ومنها وبعده فقط يمكن لشعوبنا اقامة نظما وطنية وتقدمية ، ربما علىى غرار ناصر واسد وصدام، او هجرة جماعية لشبابنا وخبرات مجتمعاتنا على سبيل منىاستطاع اليه سبيلا ، الى اوربا مثلا، وعبر البحر او بيلاروسيا كما فكر بوتين بغزو القارة العجوز بمليون من العراقيين والسوريين الشباب وعوائلهم.
ليس اليسار الماركسي واليمين الديني كانا وحيدين . بل وقف بينهم القوميون بدء مع السلفية ضد الماركسية ، ثم انقلبوا للماركسية بفضل جهود السوفيت بنصرة نظمهم الناصرية والبعثية العفلقية ، وحاز القوميون على لقب اليسارية ، وهو ما لم يحدث في تاريخ العالم ، وبتحولهم الي يساريين ، زادوها تنويرا ، نورا على نور، وخرج لنا صداما واسدا ، يساريان ، وهنا ضاع الحابل بالنابل ، من هو اليمين ومن هو اليسار في العالم العربي ، ولليوم حقا نحن لانعلم من هو اليسار واين هي مفاهيمه الليبرالي التي اشتهر بها في قواميس كل العالم ، الا قاموسنا العربي، لخوض معاركه الداخلية ، ولس لخوض معارك وشعاراتا خارجية " كالعداء للامبريالية والرأسمالية " لتخدم السلفية ، كون الامبريالية والرأسمالية هي تسمية اخرى ، سوفياتية ، لمجتمعات الديمقراطية الليبرالية الاوربية . ولا غرابة ان تبنت معاركهم الحركات السلفية العربية، كل من مقامه ، وكل من جانب عقيدته، التي يجب ان لاىتلتقي ، ولكنها ، ولسبحان الله وقدرته ، قد التقت في وطننا العربي. انهما اجتمعا حول معاداة حضارة اوربا والغرب، واذ هو مفهوما موقف السلفية اليمينية العربية في محاربتها فكر وحضارة الغرب الصليبي تارة والالحادي العلماني ،تارة اخرى، فهو اكثر تجانسا مع موقفه اليميني ، ولكن النفاق وعدم التجانس يقع على اليسار العربي الماركسي ، الذي يريد خوض معركة العلمانية، وهو يسب حضارتها يوميا ويتهمها بالزيف والاستغلال والامبريالية والاباحية والعنصرية وسمي ماشئت مما يطرب السلفية والرحعية المحلية، ويبقى يسمي نفسه يسارا.
لا بد لليسار العربي ان يعيد ترتيب اوراقه وافكاره واولوياته وفرز نفسه بقضيتين اساسيتين : الاولى الكف عن محاربة تجارب الحضارة الاوربية باعتبارها اهم مصدر امل والهام لشعوبنا للسير في الاصلاح الديمقراطي والاجتماعي والاقتصادي لبلداننا ، كون شعوبنا ترى انجازاتها وتحضرها وتقدمها ورفاهها ، ويساعد اليسار في معركته ضد التخلف والسلفية ، والثانية مستفيدا من تجاربها الفكرية في خوض معارك العلمانية ، ومعارك الديمقراطية ، ومعارك الحريات ، واخيرها وليس اخرها تجاربها الاقتصادية الناجحة بقوانينها العلمية البعيدة عن اقتصاد الادلجة السوفياتية التي دمرت اقتصاديات بلداننا .
عدا هذه ، يسارنا بمختلف فصائله مطالب بالتحول لطرح سياسات وبرامج وحلولا عملية هامة لقضايا مجتمعاتنا تساعدعلى توفير فرص العمل، واصلاح نظم الحكم ومكافحة الفساد ، وبرامج لدعم حريات الفكر ، ومنع التجاوز عليها من السلفية او من الحكام والديكتاتوريين ، وانهاء خوض معارك خارجية وهمية ، فشعوبنا بحاجة لحلول وتنظيم ادارة معارك داخلية تبدأ صغيرة والفوز بها ، وهذه كانت دوما هي معارك اليسار للتحرر وتحقيق العدل الاجتماعي والرفاه والاتفتاح الاجتماعي والفكري والثقافي في المحتمع وعلى العالم ، وليس اغلاق سبله وطرقه، بسب العالم مع السلفية.

د. لبيب سلطان
30/07/2023