موكب من الأشباح


روني علي
2023 / 7 / 26 - 13:53     

لست مسافر أنا
الموكب الذي يتأبط عكازة محدبة
ليس نعشي
كان هنا
كان هناك
صادفته في حانة المدينة
جالسته عند بيادر القرية
كان صامتا
كان هادئا
لم يتحرك إلا ..
كلما عزف النشيد الوطني
في احتفالات تتويج سلاطين الريح

تذكرة الدخول إلى محراب الموت
ضاقت بالأختام .. بالتواقيع
وأضلت سبيل الوصول إلى عين الطاووس
ماذا لو فر النعش من كرسي الانتظار
ماذا لو ركب الموكب فيلة مكة
إبان التلقين
وأنا لست مسافر على متن الريح
مازلت التحف بيانات الله
حين كل ولادة من خاصرة النابالم
وأزف إلى باب دارنا المتهالك
قصيدة من شطرين ..
المفتاح مازال في فمي
وفمي مسكون بحكايات الخردل

الآن تذكرت ..
من كان يشد الوثاق على معصمي
ويتقمص وجهي في غرفة الاستجواب
قد سافر في نعشي
قبل أن يصدح المؤذن صلوات القيامة ..
بمسافة لساني المفجوع من ترتيل الاتهامات
لم أكن وحيدا حينها
كان القائد حاضرا
كان الجلاد حاضرا
كان الخفير حاضرا
كان السوط حاضرا
كان التلقين حاضرا
كان (..) امك حاضرا
وكان في الجوار غراب يشدو لأمواج البحر

الآن تذكرت ..
قبل أن تنتهي حفلة التنكر
في زنزانتي
ويطلق مدفع الإفطار أولى ترديداته ..
يحيا الوطن .. يحيا القائد
تبخرت كل الأصوات في فمي
تلاسنت كل الكلمات فوق ظهري
تحركت كل القوافل فوق عيني
وأنا .. التمس خرزة زرقاء
علقتها أمي على عنقي وهي تردد ..
لا تجدل من ياقتك خيمة للنازحين في غرف الاستجواب
لا تركل الرمل حين ترديد الشعارات أمام بابنا
لا تحفر بصمتك قبرا للعصافير المهاجرة من تحت لسانك
ولا تسافر بالطائرات الورقية إلى خيال مزدحم بغبار الحرب
هناك .. ستلتهم النوارس أوتاد الزوارق
وتسقط في الموج .. بقعة من السيانيد

١٢/٧/٢٠٢٣