الرفيق محمد نفاع، سنتان على رحيله نفتقده، لكننا لا نبكيه، بل نسير على دربه


عادل عامر
2023 / 7 / 15 - 12:34     


تصادف يوم السبت 1572023 الذكرى السنوية الثانية لرحيل القائد الشيوعي والكاتب الرفيق محمد نفاع، الامين العام السابق لحزبنا الشيوعي.

الحديث عن محمد نفاع هو حديث مركب وواسع كون الشخصية نفسها متعددة القدرات والطاقات. فقد ابدع رفيقنا الراحل في الادب والرواية والقصة القصيرة واحتل مكانة بارزة في المسيرة الثقافية لشعبنا العربي الفلسطيني والادب العربي بشكل عام.

الرفيق محمد نفاع، ابو هشام، كما احببنا ان نخاطبه، تبوأ خلال مسيرته العديد من المراكز الحزبية. فقد كان لسنوات طويلة امينا عاما للشبيبة الشيوعية. وكان أحد مؤسسي لجنة المبادرة العربية الدرزية، التي اخذت على عاتقها تعزيز الانتماء العربي الفلسطيني لأبناء الطائفة المعروفية ومقاومة التجنيد الاجباري الذي فرض على اهلنا في هذه الطائفة الاصيلة.

كما شغل رفيقنا منصب الامانة العامة لحزبنا الشيوعي، في اصعب الفترات التي مرت على حزبنا وحركتنا الشيوعية وخاصة بعد انهيار المنظومة الاشتراكية التي كانت بقيادة احزاب شيوعية، الامر الذي جعل مهمته في قيادة حزبنا، مهمة شاقة جدا في المجالين: الفكري والتنظيمي.

رغم العواصف التي مرت تمسك محمد نفاع بالفكر الاشتراكي الثوري، كقاعدة فكرية لحزبنا لقراءة وفهم الواقع ومحاولة تغييره نحو الافضل. وبالأساس حرص نفاع دوما على هذا الالتزام لكي يميز بين الظالم والمظلوم بين المضطهِد وبين من يقع تحت الاضطهاد، بين من يحارب من اجل حقه وبين من يمارس الارهاب والاستغلال والاستعمار.

تعامل النفاع برحابة صدر مع كل انتقاد لهذا الفكر وتفهم ضرورة تطويره بما يتناسب مع ضروريات المرحلة، وفي الوقت نفسه تعامل بحزم شديد في الدفاع عن جوهر القيم الثورية وفي صلبها العدالة الاجتماعية والانصاف، ومقاومة كل اشكال الاضطهاد والقمع الطبقي والكولونيالي. ولهذا فان انحياز محمد نفاع لكفاحات الشعوب والطبقات المسحوقة كان مطلقا وغير مشروطا باي عامل زماني او مكاني او انتماء قومي او عرقي.

ومن اجل ممارسة هذا الفكر حرص نفاع على التنظيم الحزبي كأداة لتطبيق هذا الفكر وكمحرك ومحفز لكافة اشكال الابداع الكفاحي والنضالي في سبيل الوصول الى الهدف الاسمى، وهو تحقيق العدالة والاشتراكية ومستقبل نير للبشرية وضمان توزيع عادل ومنصف لثروات المجتمع والكون لكافة البشر.

قد يبدو هذا الكلام كبيرا او قد يقول انه منزوع عن الواقع.

ولكن الواقع الراهن وسيطرة رأسمال والتحكم في مصائر الشعوب وثروتها على يد مجموعة من الدول الكبرى والقوية هو الامر غير الطبيعي. وهو الواقع الذي يجب العمل على تغييره. ومن اجل ذلك يجب العمل على تنظيم كافة القوى المسحوقة ولا شك في ان ارقى اساليب التنظيم هو الالتزام الحزبي المبني على الالتزام الفكري الواعي والمتيقن لضرورة تغيير هذا الواقع.

من هذا المنطلق تمسك نفاع بالتنظيم الحزبي واسسه الفكرية لمواجهة الواقع والتحديات التي وقفت وتقف امام حزبنا واما جماهيرنا وامام شعبي هذه البلاد.

النفاع لم يهادن مظاهر الانتهازية والتلون والانانية والذاتية، التي تظهر بين الحين والاخر وتسبب ضررا كبيرا لعمل ونضال حزبنا وكذلك تضر بكفاح جماهيرنا.

نحن الان على اعتاب معركة انتخابية للسلطات المحلية وبسبب خصوصيتنا كاقلية قومية مضطهدة في وطنها، يمارس ضدها كل اشكال التمييز العنصري، تأخذ هذه الانتخابات ابعادا اخرى قد تمس نسيج مجتمعنا ووحدته وخاصة في الظروف الحالية، ظروف تفشي الاجرام المنظم والقتل اليومي وغلاء المعيشة وممارسات الحكومة العنصرية والفاشية.

ولهذا يصبح النهج الذي سار عليه النفاع بالتمسك بأسس التنظيم الحزبي والالتزام بالقرارات الجماعية للهيئات الحزبية، امرا ملحا وضروريا ليس فقط لخدمة الحزب والحفاظ على قوته وهيبته وانما ايضا لخدمة القضية الكبرى، قضية مجتمعنا ووحدته وصموده في وجه التحديات الجسام الداخلية والخارجية.

تغليب الانانية والانا والذاتية لن تجلب لأصحابها سوى انجازات وهمية آنية، لحظية سرعان ما تتلاشى وتصطدم بواقع صعب ومركب يتطلب تكاتف القوى والخبرات والافكار لمواجهته والعمل على تغييره.

الرفيق محمد نفاع، رأى هذه الظواهر وهي للأسف تتكرر بين فترة وأخرى، وعمل بكل طاقاته لكي لا يقع بها رفاق طيبون وذلك من خلال الحوار والنقاش معهم ولكن وبالأساس من خلال التمسك بالثوابت الحزبية السليمة المبنية على فهم الواقع، وأن العمل والتفكير الجماعي الواعي والمنظم الذي يغلب المصلحة العامة والمجموعة، هو الاقوى والأثبت والأصح، اليوم وكل يوم وفي كل مرحلة.

نفتقد الرفيق محمد نفاع

ولكننا لا نبكيه

بل نسير على دربه