صفعة بعد صفعة: الطيّب إردوغان ليس طيّباً! ومثله باقي -الحلفاء-


مشعل يسار
2023 / 7 / 13 - 14:26     

(بتصرف. المعلومات منقولة عن مقالة منشورة على موقع حزب العمال الشيوعي الروسي بتوقيع I.F. )

اتخذ رجب طيب أردوغان، حليف بوتين وصديقه الشخصي المجرب، عددًا من القرارات التي لا تتوافق تمامًا مع وضعه هذا كحليف وصديق. فبراغماتية البائع والشاري تنزع عنه هذه الصفة كليا لتجعلها مجرد خرافة. وقد خدمت هذه الخرافة على وجه التحديد الغرض الآتي: أن يظل الروس يشعرون أن "درعنا قوية ودباباتنا سريعة، وأن العالم مليء بحلفائنا الخلّص الذين سيهرعون دائمًا لإنقاذنا في لحظة الشدة...". وقد تم في الأشهر الأخيرة تصنيف الرئيس التركي أردوغان بين هؤلاء الحلفاء والأصدقاء، ولكنه هو نفس الشخص الذي تورط بشكل مباشر في إسقاط مقاتلة تركية من طراز F-16 لطائرة روسية من طراز Su-24 عام 2015 فوق الأراضي السورية.
آنذاك فرضت روسيا عقوبات على تركيا، وحظرت استيراد مواد غذائية منها إلى روسيا. وسرعان ما رفع بوتين العقوبات، ودخل أردوغان تدريجياً في فئة أفضل الأصدقاء. إلا أن "الأخ" أردوغان ليس، في الواقع، صديقًا أو رفيقًا أو أخًا لأحد. إنه سياسي طموح للغاية، خاوٍ من أي أوهام أو عواطف جياشة. إنه يروج بدأب ومثابرة لسياسة تشكيل الطوران العظيم، مستخدمًا لهذا، عندما يكون ذلك ضروريًا، أداة التعصب الإسلامي. هو نفسه ليس، بالطبع، متعصبًا إسلامياً، لكنه تاجر لا يهمه أحد إلا حساباته ومصالحه، ويناور بمهارة وهو ممتطٍ أمواج السياسة.
كذلك هو الآن يستخدم بمهارة النزاع المسلح الروسي الأوكراني لصالحه، ويشارك بنشاط في مختلف المفاوضات والصفقات كوسيط وضامن ومتلاعب. على سبيل المثال، دخل في مفاوضات بشأن مبادلة عتاة النازيين الأوكران - قادة فوج آزوف، الذين تم أسرهم في مدينة ماريوبول، وكان يفترض أن يحاكموا بموجب قرار من سلطات جمهورية الدونتسك الشعبية أمام محكمة عسكرية - بمعارض محتجز من قبل السلطات الأوكرانية هو الملياردير الأوكراني مدفدتشوك، الذي، بمحض الصدفة تمامًا، تبين أن بوتين كان عرّاب ابنته. لكن غير معروف للعلم بأي طريقة معقدة نشأت هذه العلاقة الروحية والعائلية... تمت المبادلة بناء على ضمانات شخصية من أردوغان بأن يبقى هؤلاء الفاشيون في المنتجعات التركية حتى نهاية الحرب بين روسيا والناتو في أوكرانيا. وفي 8 تموز (يوليو)، قرر الرئيس التركي انتهاكا للاتفاق إعادتهم إلى أوكرانيا، حيث سيواصلون، كما هو واضح، القتال ضد روسيا.
كذلك، في السياق نفسه، أعلن أردوغان دعمه لقبول أوكرانيا في الناتو. وقد زود أوكرانيا بالسلاح منذ بداية الحرب وما زال يفعل ذلك. وأعلن الصديق الصدوق رجب أيضًا أن الأتراك سيبدأون بناء مصنع في أوكرانيا لإنتاج مسيّرات بيرقدار، وأشار في طريقه إلى أن رفض روسيا لـ "صفقة الحبوب" سينظر إليه على أنه خطوة غير ودية حيال أنقرة وستكون له عواقب. أي أن هذا الحليف العزيز يهدد روسيا فعلاً وبغطرسة ظاهرة.
وماذا في الحكومة الروسية، هل يمكن لأي شخص أن يصدق حقًا أن رئيس دولة عضو في الناتو سيتخذ حقًا موقفًا مناهضًا لحلف الناتو؟ هل صوت في يوم من الأيام ضد العقوبات في حق روسيا؟ هل رفض تزويد أوكرانيا بالأسلحة والموارد الأخرى؟ ألم يسقط كل الشروط الروسية على صفقات الحبوب أكثر من مرة؟ هل أوفى أردوغان بواحد على الأقل من وعوده؟ ولا شك في أن الحكومة الروسية ذهبت إلى هذه الاتفاقات عن سابق تصور وتصميم، مدركة مسبقًا أنه لن يقوم بتنفيذها.
في مسألة الحلفاء. فقدت روسيا فعليًا جميع الحلفاء الآخرين تقريبًا. لنلقِ نظرة على نتائج التصويت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 26 أبريل 2023، الذي أطلق على روسيا صفة المعتدي. صوتت الغالبية العظمى من الدول لصالح هذا القرار، ومنها: أرمينيا، البرازيل، الهند، كازاخستان، الصين. هذه كلها دول تسمى "صديقة"، وتعتبر مثابة حلفاء في مختلف التكتلات والمنظمات. ولكن تبين أنها ليست صديقة ولا ودية. أربع دول فقط صوتت ضد هذا القرار، باستثناء روسيا نفسها بالطبع، هي بيلاروسيا وكوريا الشمالية ونيكاراغوا وسوريا. ها هم الأصدقاء المخلصون لروسيا. لم يكن هناك عار مثل هذا العار منذ تشكيل الأمم المتحدة.
كذلك فقدت روسيا نصف احتياطياتها المالية. حجزت الدول الغربية 300 مليار دولار تابعة لروسيا. كما يمكن التحدث عن خسائر أسواق النفط والغاز والموارد الإستراتيجية الأخرى لفترة طويلة. وعن انخفاض أسعار هذه الموارد الروسية. وعن أزمة الميزانية والأزمة المالية. وكذلك عن الانجرار إلى التبعية للصين.
أسئلة كثيرة يطرحها المواطن العادي، لا سيما بعد "تمرد" فاغنر الذي تحول بين ليلة وضحاها إلى "اجتماع مصالحة" في الكرملين بين قادتها ومن ضمنهم بريغوجين نفسه، والسلطة التي وجهت إليهم قبيل ذلك شتى الاتهامات، الاجتماع الذي نزل كالصاعقة على رؤوس من ظنوا أن هناك "انقلابا" و"تمرداً" و"خيانة عظمى" وووو. علما أن الإيجابي في الموضوع أن المصالحة انتهت إلى "تأميم" فاغنر وتحويلها من منظمة خاصة تقدم خدمات عسكرية إلى جزء من الجيش الروسي. ولعل هذه الخاتمة السلمية أفضل الممكن في زمن الحرب، حيث الضرورة تقضي بتجميع كل الطاقات ضد عالم كامل من الأعداء في الغرب الفاشي تحت يافطة الديمقراطية.
لن ننسى هنا أيضا بين سلبيات المعركة استمرار دعوة محللين سياسيين اميركيين وإسرائيليين (سايمس، كدمي، صولوفيوف، ساتانوفسكي وغيرهم) للإدلاء بدلوهن في إبداء "الحب لروسيا" وهم المعروفون بتوجهه الغربي الليبرالي وفي إخبار المواطن الروسي بما هو خير لروسيا وما هو شر لها.
فهل تُظهر الأيام ما أبطنته الأحداث خلال هذه الحرب الصعبة التي شغّل فيها الغرب كل عتلاته العسكرية والسياسية والدعائية وعقوباته المالية والمعنوية ضد روسيا؟ وهل يصحح الشباب الروسي المقاتل على الجبهة ما ارتكبته السلطة من أخطاء وهفوات؟ دعنا ننتظر...
المصدر:
https://ркрп.рус/2023/07/11/очереднойплевокинеодин/