عندما تجتمع المأساة مع المهزلة


خالد بطراوي
2023 / 7 / 11 - 22:12     

صدقت المقولة التي تقول بأن التاريخ يعيد نفسه مرتين، المرة الاولى كمأساه والمرة الثانية كمهزلة. لكن في مقالتنا هذة فان المأساة إجتمعت مع المهزلة.
هذا ما يحدث بالضبط في السودان الشقيق، الذي تتقاذفه فظائع النزاع العبثي المسلح والذي لا تلوح مطلقا أية آفاق لوقف الويلات هناك.
لكن، وقد أدركنا المأساة هناك .... أين تكمن المهزلة؟
تكمن المهزله اولا بحقيقة أن طرفي النزاع هما من التشكيلات الرسمية في السودان والذي من المفترض أن يكون الولاء للوطن وليس لطرفي النزاع وللذي يدفع راتب العناصر.
وتكمن المهزله ثانيا بهلجششة تشكيلات الجيش وإنعدام الإنضباط إذ نجد هذا الضابط أو ذاك ينتقل بكل سهولة من طرف لآخر وربما يأخذ معه من هم تحت إمرته.
وتكمن المهزلة ثالثا، بتباهي طرفي النزاع بالأسرى، وفي ذلك جهالة فاحشة، فالمعروف أن الأسير هو ذلك الذي تأسره دولة معادية أو جيش يأسر بعض أفراد ميلشيات مسلحة في بلده، فكيف بالله عليكم أن يكون الأسير هو من تشكيلات رسمية في جيش واحد، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع هي تشكيلات رسمية فكيف يقع مجند سوداني أسيرا في قبضة ذات الجيش؟
إن ما يحصل في تتابع المهازل رابعا هو الانتهاك الصارخ للشرف العسكري الذي يقضي بالمعاملة الحسنة والعناية بمن يقع في قبضة اي من الاطراف. فمن المعيب جدا أن يظهر أحد قادة أي من طرفي النزاع وهو في قبضة مجموعة من عناصر الطرف الأخر ويرغمونه على أولا دعوة العناصر ممن ينتمي اليهم ان يدعموا من هو في قضبتهم وثانيا الاشادة بحسن المعاملة، ومن المثير للإشمئزاز أن يطلب قائد ميداني عسكري وأمام الإعلام من الطرف الآخر أن يتحرك الى الشوارع لسحب جثث عناصره ودفنها بدلا من أن يلزم بالشرف العسكري والواجب القاضي أولا بتأدية التحية للضحايا من الطرف الآخر وثانيا بدفنهم بعد توثيق كل المعلومات عنهم.
وتكمن المهزلة الخامسة في حقيقة أن طرفي النزاع في السودان يكبران ويستعينان بالله وبالدين ويعتبر كل منهما أنه المؤمن والقيم على الدين الحنيف.
أما المهزلة الكبرى فتتجلى بأن الدول العربية وكافة أطرها "الوحدوية" بما فيها جامعة الدول العربية تقف موقف المتفرج.
في السودان ... إجتمعت المأساة مع المهزلة.