الجاليات العربية المغتربة ... وموجة التحولات الإجتماعية الجديدة


داخل حسن جريو
2023 / 6 / 26 - 09:45     

تواجه الجاليات المسلمة بعامة والعربية منها بخاصة , التي إضطرتها ظروف بلدانها السياسية المضطربة بسبب سوء إدارة حكوماتها من جهة ومداخلات الدول الأجنبية تحت ذرابع شتى من جهة أخرى , للهجرة إلى بلدان أخرى معظمها بلدان أروربية غربية والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا ونيوزلندة التي تعرف جميعها بالبدان الغربية ,بعض الصعوبات والتحديات عند إستطيانها في تلك البلدان , منها ما يتعلق بالجاليات نفسها لإختلاف قيمها وعاداتها وأعرافها وثقافتها المتراكمة لديها عبر سنين طويلة في مجتمعاتها المنغلقة على نفسها , لتجد نفسها فجأة وبدون مقدمات في مجتمعات منفتحة على كل الثقافات والأديان والعادات والقيم , مما يصعب عليها مؤامتها والتأقلم معها بسهولة وبخاصة الفئات العمرية المتقدمة بالسن التي تؤمن بمقولة "من شب على شيئ شاب عليه ".
لذا يميل الكثير من أفراد هذه الجماعات إلى العيش في مجتمعات منعزلة خاصة بها في مناطق معينة , وعدم الإندماج مع بقية السكان بسهولة , لدرجة أن الكثير منهم لا يتقنون لغة السكان السائدة في البلدان التي قدموا إليها , حيث لا يشعرون بحاجتهم لها , فلهم أماكن تسوقهم وعباداتهم ووسائل ترفيههم بلغتهم الأصلية , وهم يعيشون بحالة أشبه ما تكون بحالة إنفصام بينهم وبين الآخرين في تلك البلدان, الأمر الذي قد لا يساعد على تعزيز الثقة والتفاهم السلس بينهم وبين مواطنيهم الآخرين من الثقافات الأخرى , وربما يولد قناعات مغلوطة عنهم , وبخاصة في ظروف تصاعد عمليات الإرهاب التي ينسب الكثير منها إلى الجماعات التكفيرية الإسلامية , مما ولد إنطباعات سيئة بحق المسلمين فيما يعرف بالإسلام فوبيا , لتتخذ منها الجماعات العنصرية اليمينية المتطرفة سلاحا تشهره بين الحين والآخر بوجه اللاجئين والمهاجرين القادمين من بلدان الشرق الأوسط .
لعل أبرز هذه التحديات نوجزه بالآتي :
1.القوانين التي تمنع قوامة الأسرة علي أبنائها، إذا بلغ أحدهم السادسة عشرة فلا وصاية للأب علي ابنه أو ابنته، وإذا حاولت الأسرة التدخل في حياة إبنها أو ابنتها الشخصية فبإمكانهما إحضار الشرطة, فبعد بلوغ الابن أو البنت(16) سنة , يمكنه أن يأخذ حريته ويعيش مستقلاً .
2.الأخطر من ذلك الدراسات والثقافات الجنسية التي تدرس في المدارس كمادة أساسية، منها ما يتعلق بالعلاقات الجنسية بين البالغين خارج إطار الزواج , وزواج المثليين من النساء أوالرجال , وهذه حالة غير مألوفة في مدارس البلدان التي قدموا منها , لا بل أنها من المحرمات التي لا يصح التحدث عنها .
3.تتعرض الجاليات الإسلامية لبعض المضايقات من ظاهرة ما بات يعرف بالإسلام فوبيا من بعض فئات مجتمعاتها المتعايشة معها , وربما ضغوط ومضايقات بعض الجماعات العنصرية اليمينية المتطرفة , نتيجة قيام بعض الأفراد المسلمين المتطرفين ببعض الأعمال الأرهابية هنا وهناك بين الحين والآخرى , والتي لا علاقة للجالية بها , وربما تكون الجالية هي أكثر الفئات تضررا منها .
4.يواجه بعض أفراد هذه الجاليات صعوبة بتقبل بعض القوانين المدنية المعمول بها في بلدان المهجر , المتعلقة بالميراث وقضايا الزواج والأحوال المدنية وبخاصة ما يتعلق منها بشؤون الأسرة والمرأة .
5.يواجه بعض أفراد هذه الجاليات صراعا نفسيا حادا بين هويتهم الأصلية وهويتهم الجديدة التي يفترض تأقلهم معها لتسهيل إندماجهم بمجتمعاتهم الجديدة , لعدم قدرتهم على التكييف السريع مع العادات والقيم الجديدة غير المألوفة لديهم .
. 6.تشكل اللغة عائقا كبيرا أمام بعض كبار السن من الإندماج بمجتمعاتهم الجديدة
7. ليس من السهل على الكثير منهم العودة إلى بلدانهم الأصلية كما ربما يعتقد البعض , بعد أن تأقلم أبنائهم مع ثقافات بلدان المهجر وإنقطاع صلتهم بأوطان أبائهم التي لم يعرفون شيئا عنها , حتى أن الكثير منهم بات لا يعرف شيئا عن لغات عوائلهم وتراث بلدانهم إلاّ اللمم اليسير .
وبمرور السنين إزدادت التحديات التي تواجهها تلك الجاليات بسبب تصاعد الموجات الجديدة في أنماط العلاقات الإجتماعية في تلك البلدان التي لم تكن مقبولة لدى فئات واسعة منها حتى وقت قريب , أقصد بذلك موجات زواج المثليين من الجنسين وزواج المتحولين جنسيا والمهرجانات الخاصة بهم , وما تحضى به من تغطية إعلامية واسعة عبر وسائل الإعلام المختلفة ومنصات التواصل الإجتماعي . فالمعروف منذ الأزل أن الزواج بين الكائنات الحية من بشر وحيوانات ونباتات بين ذكور وأناث كي تستمر الحياة , وهكذا هو ناموس الحياة بصرف النظر عن أية إعتبارات أخرى , وكذا هي قوانين الطبيعة , ففي الفيزياء مثلا تتجاذب الأقطاب المغناطيسية المختلفة وتتنافر الأقطاب المغناطيسية المتشابه , وفي فيزياء الكهرباء يسري التيار الكهربائي في الدائرة الكهربائية المغلقة من القطب الموجب إلى القطب السالب , أي بين قطبين مختلفين وليس بين قطبين متشابهين . لذا تشعر تلك الجاليات بمخاطر جمة تهدد نمط حياتها ونسيجها الإجتماعي وقيمها ومعتقداتها وأعرافها وهويتها ,في عالم مضطرب إختلط فيه الحابل والنابل. وإذا كان الناس أحرارا بممارسة طقوسهم دون إكراه وعدم إلحاق الضرر بالآخرين , فليكن لكل منهم طقوسه وممارساته حسب ما يراه مناسبا . فلله في خلقه شؤون .