نقاش في الخطاب الفلسطيني


محمود فنون
2023 / 6 / 20 - 19:37     

4/5/ 2013م

تقرا وتسمع في كل مناسبة حامية يتصاعد فيها العدوان الصهيوني على شعبنا ، تقرا وتسمع تصريحات تافهة من مسئولين فلسطينيين " كبار؟! "
"نحمل اسرائيل المسئولية " وذلك بصيغة التهديد.. يا ألطاف الله !
نعم اسرائيل تتحمل مسئولية افعالها ، وأفعالها إجرامية. ولو كان الامر لمجرد توثيق الحدث او الفعل او الجريمة ،لمرّ المرء على هذا التصريح الفارغ مرّ الكرام .
اسرائيل تتحمل مسئولية كل جرائمها من البداية وحتى اليوم .فما الجديد؟
الجديد هو أولا : العجز عن فعل مقاوم منظم ودائم. ويتم التعويض بالتهديد والكلام الاجوف غالبا؟
" إذا تجاوزت إسرائيل كذا أو فعلت كذا ..خط أحمر. " الأقصى خط أحمر " مع ان الاقصى بيد الاحتلال منذ عام 1967م والقدس خط احمر وهي كذلك غربيها بيدهم منذ 1948 م وشرقيها منذ عام 1967م. واستوطنوا بداخلها حارة كاملة منذ بداية الاحتلال . والمعتقلين خط أحمر ...
إذا فعلوا كذا " سنفتح عليهم ابواب جهنم!!
انتصرنا ! حققنا توازن الردع !! إذا اغتالوا قادتنا سنفتح عليهم ابةاب جهنم؟!
وحدة الساحات !!
"سنرد عليهم بقوة إذا تجرؤوا على هذا الشيء او ذاك "
"الوحدة الوطنية ضرورية كي نجابه صفقة القرن .."

كي نعيد بناء البيت الفلسطيني "انتحاب مجلس تشريعي ووطني وانتخابات الرئاسة"
"المصالحة الوطنية " أي بين فتح وحماس.
"الهدنة طويلة الاجل "وهي من جانب واحد
كل هذا حذلقة لا قيمة لها في الصراع وتوازنات الصراع ، والأهم انه ينطلق كما لو كانت حرب تقليدية تقف القوات قبالة القوات وفي الحقيقة الامر ليس كذلك الحقيقة هناك جيش مدجج بالسلاح والاعتدة مقابل مقاومة مختلفة الاشكال وأهما وبالضرورة المقاومة السرية .
أولا: وباعادة التأكيد أن وراء هذا الخطاب يكمن العجز
ثانيا : عقلية الثأر القبلية .فالثأر يكون نتيجة اختلاف في أوضاع مستقرة فإذا قامت قبيلة بالاعتداء على قبيلة أخرى يتمخض العقل القبلي عن فكرة الثأر والحرب القبلية .
ولكن اسرائيل ليست قبيلة ، وهي معتدية بمجرد وجودها . وليس المطلوب تأديبها . المطلوب تحرير الوطن العربي الفلسطيني من وجودها برمته.
وهي لا تتأدب لأنها تمارس سياسة منهجية هدفها تكريس وتوسيع احتلالها وقمع الشعب العربي الفلسطيني وقضم الأراضي . لأنها وجدت بهذا و بغير هذا لا تكون .
ثالثا : عقلية الرد على السلوك العدواني الاسرائيلي اليومي . ومع ان هذا من صلب النضال التحرري إلا أن النضال هو بالأصل فعل يومي .كي لا يفهم من التعابير الخاصة بهذا الامر بأن النضال مجرد ردة فعل قد يمكن وقد لا يمكن .وقد يؤجل الى حين الزمان والمكان المناسبين تغطية على العجز.
رابعا: تجاهل البعد العربي والاقليمي في الخطاب
خامسا : التغاضي عن مخاطر سياسات ومواقف النظام العربي الرسمي فنظام مصر المتواطيء هو في خطابهم سياج القضية الفلسطينية ونظام قطر يخون ويقبلون يديه الاثنتين والنظام السعودي ونظم الخليج كلها في خدمة اسرائيل وتطبع معها ونظام المخزن في المغرب ساحة مفتوحة للعدو .ومع ذلك فخطاب رجالات السلطة وخطاب الدين السياسي يتجاهل كل ذلك بما يضلل مريديهم وجماهير الشعب العربي الفلسطيني والعربي. هو خطاب مهادنة لانظمة مستخذية للعدو وفي جبهته مقابل جبهة النضال الوطني الفلسطيني .
سادسا : معسكر الاعداء ومعسكر الاصدقاء فالخطاب ضبابي مع انه من اهم واجباته تفصيل معسكر العدو وبوضوح كي تكون المجابه مبنية على هذا الاساس ويكون التحريض مبنيا على هذا الاساس بشكل حاسم وواضح.
سابعا : الخطاب يتجاهل جوهر الصراع مع العد فهو صراع وجود بشكل مطلق وهو صراع سياسي وجودي كان ولا يزال وهو ليس صراع طائفي ديني . فلو أسلم جميع اليهود في فلسطين وأصبحوا وهابيين ، فهم احتلال عدواني استيطاني اقتلاعي واجب التطهير. ودورهم كما رسمته الدول الاستعماري هو دور عدواني على كل الامة العربية مع من اعترف بهم وطبع معهم ومع من لم يعترف ولم يطبع . عداؤهم للامة العربية وظيفة مستمرة في جميع الاحوال .
ثامنا : الخطاب السياسي الفلسطين خالي من المراجعة النقدية وخالي من استخلاص العبر والدروس .
إن تجربة النضال الفلسطيني ثرية وعميقة ومليئة بالعجر ةالبجر ةالتقدم والتراجع وأهم ما يتوجب مراجعته هو الدور القيادي للقيادات التي بركت على صدر الشعب الفلسطيني في المراحل التاريخية كلها للعدوان على فلسطين ظوال القرن الماضي وحتى اليوم .
وإذا كان هذا يساهم في خطط المستقبل فهو كذلك يساهم في فرز الغث من السمين في القادة ومواقفهم ودورهم بما يعزز النضال الوطني الفلسطيني ويحدد المواقع والمواقف بشكل سليم .
تاسعا : كثيرا ما يعتمد الخطاب على لغة الانشاء والتفخيم مما يجعله ليس فقط مليئا بالأخطاء بل وسطحي أجوف وتضليلي وضار كذلك .
الخطاب الانشائي هذا خال من التحليل العلمي لمحطات القضية الفلسطينية المتلاحقة فهو لا يعتمد هذه الايام على دراسات موثقة ومعمقة للتراجع والعربي والفلسطيني ومحطات الهزيمة ومواقف القيادات العربية والفلسطينية المتخاذلة بل يحمل الغزل للبعض ودون حق .
إن هشاشة الخطاب الفلسطيني جزء مهم من المشكلة بل هو من ابرز مظاهر التعبير عنها .