مـــا العمـــل ؟


حزب الكادحين
2023 / 6 / 16 - 22:52     

‏افتتاحية العدد 73 من جريدة طريق الثورة
=======================
شهدت تونس مع مطلع هذا العام ‏تركيز برلمان جديد، وذلك إثر تنظيم أوّل ‏انتخابات خلال المسار الجديد الذي تسير ‏فيه البلاد بعد حلّ البرلمان القديم على إثر ‏الهبّة الشعبية العارمة يوم 25 جويلية ‏‏2021، والتي كان أبرز شعاراتها حلّ ‏ذلك البرلمان الذي تحوّل إلى عبء ثقيل ‏على كاهل الشعب‎.‎
‏ وقد مثّلت هذه الانتخابات تجربة جديدة ‏من حيث طبيعتها، فهي انتخابات في ‏قطيعة مع ما كان سائدا سابقا، فقد ضعف ‏فيها دور الحزب وانتفت القائمة وحضر ‏الفرد، وفق رؤية جديدة. ولذلك، فقد سعت ‏جهات وأطراف سياسيّة عديدة إلى العمل ‏بكلّ ما أوتيت من قوّة إلى إفشالها ‏مستعملة في ذلك نفوذها الإعلامي وقوّتها ‏الماليّة وعلاقاتها بقوى خارجيّة لإظهار ‏عدم توفّرها على مقاييس الديمقراطية ‏والشفافية والنّزاهة الخ من العبارات التي ‏كانت تصبغها تلك الأطراف والجهات ‏السياسية على الانتخابات التي جرت في ‏السّنوات العشر السّابقة مع انّها لم تجلب ‏للشعب وطبقاته الكادحة غير المزيد من ‏التهميش ومن التفقير ومختلف أشكال ‏البؤس ولم تجلب للوطن غير مزيد من ‏الخضوع للهيمنة الخارجيّة والوقوع تحت ‏وصايا وضغوطات الجهات "الصّديقة ‏والشقيقة" التي كانت "تسهر على إنجاح ‏النموذج الديمقراطي التونسي". لذلك، فإنّ ‏الانتخابات الأخيرة، ورغم محاولات تلك ‏الأطراف المعادية لها، قطعت بشكل كبير ‏مع مظاهر المال السياسي الفاسد ‏والماكينات الإعلامية المشبوهة، مع أنّ ‏ذلك لا يعني أنّها كانت "نظيفة مائة ‏بالمائة" حيث علقت بها بعض الشّوائب ‏من مخلّفات وممارسات الانتخابات ‏السابقة لأنّ القضاء على تلك العادة السيّئة ‏يتطلّب تطويرا في القوانين من جهة ‏وتطويرا أيضا في درجة الوعي لدى ‏المترشّحين والنّاخبين على حدّ السّواء من ‏جهة أخرى وهذا لا يمكن أن يحدث بين ‏ليلة وضحاها وإنّما سيستغرق وقتا حتّى ‏يتمّ القضاء على تلك الشّوائب التي ‏رسّختها الديمقراطية الليبرالية المغشوشة.‏
‏ ويمثّل إنجاز الانتخابات التشريعية ‏وتركيز البرلمان وشروعه في العمل، ‏ومن قبلها إصدار دستور جديد، خطوة ‏مهمّة في مسار تركيز مؤسسات الدّولة ‏في انتظار استكمال انتخابات مجلس ‏الجهات والأقاليم التي بفضلها سيتمّ ‏استكمال تركيز الأجهزة التشريعيّة.‏
‏ وإذ تمّ تركيز هذا الجهاز التشريعي، ‏والمضيّ في مكافحة الفساد وفي مقاومة ‏القوى التي تحنّ إلى استعادة مجدها ‏الأسود والدّفاع عن السيادة الوطنية أمام ‏الضغوطات الخارجيّة، فإنّ الأزمة ‏الاقتصادية والمالية وانعكاساتها ‏الاجتماعية تتطلّب المزيد من الاهتمام ‏حتّى لا تتعمّق هذه الأوضاع أكثر خاصّة ‏وأنّ الشعب انتفض في 17 ديسمبر من ‏أجل تغيير واقعه المادي والاجتماعي عبر ‏رفعه شعار إسقاط النّظام الذي كان ‏مسؤولا عن ذلك الواقع الرّديء، ثمّ إنّ ‏الأطراف المعادية لمسار 17 ديسمبر-25 ‏جويلية تحاول استغلال تواصل الأزمة ‏الاقتصادية والاجتماعية لبثّ سمومها في ‏صفوف الفئات المفقّرة علّها تظفر ‏بتمرّدها مع أنّها لم تنجح إلى حدّ الآن في ‏استثمار هذا العامل. فتركيز المؤسّسات ‏السياسية والحرب التي تمّت مباشرتها ‏ضدّ اللّصوص والمحتكرين الفاسدين في ‏قطاعات عديدة هي خطوة مهمّة في هذا ‏المسار، غير أنّ القطاعات والميادين ‏الأخرى، من اقتصاد واجتماع وثقافة ‏وتعليم وصحّة ونقل وغيرها، يجب أن ‏تكون على جدول أعمال بناة تونس ‏الجديدة. ‏

‏-----------------------------------------------------------------------------------‏
طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023