مساهمة سريعة في نقد النخبة الخائنة.


أحمد زوبدي
2023 / 6 / 4 - 04:50     

في المغرب كل النخب دون استثناء تأكل من كتف المخزن. باستثناء بعض الحالات الفردية، كل النخب فاسدة ومنغمسة في البحث بشكل أو بآخر عن مصادر انتفاعية نقدية أو عينية.
في ما يخص النخبة المثقفة، يرتدي أصحابها جمعيات ومنتديات أو مراكز البحث دون بحث للتسويق وللدعاية لوصفات مخزنية ولخطاب رجعي، مثلا المغرب اقتصاد صاعد أو بازغ، المغرب بلد ديموقراطي عفوا ذلوقراطي، المغرب في حاجة إلى حكامة أو حوكمة جيدة ضد حكومة جيدة، المغرب والعهد الجديد/القديم، الاستثناء المغربي، إلخ. أصحاب هذه النخب المافيوزية يقومون بإذلال أنفسهم و يتحولون إلى سماسرة ومرتزقة و يتزلفون بشكل فضيع للحصول على امتيازات وريوع لهم ولذويهم.
هذا الشكل من إذلال النفس والارتزاق يحول المغرب إلى فريسة تتقاسهما كل المافيات أكانت محلية أو أجنبية.
كل هذا يجعل جل المغاربة يعانون من الفقر ومنهم الثلث يقاسي جراء الفقر المذقع باعتراف إحصائي رسمي.
في هذا المنحنى الخطير، لا أستغرب إن لم يسبق لهذه المنتديات البئيسة أن نشرت بيانا للتنديد بما يجري في البلاد من فساد وإفساد !
ما موقع مثلا اتحاد كتاب المغرب أو جمعية الاقتصاديين المغاربة أو الجمعية المغربية للعلوم الإقتصادية أو جمعية البحث التاريخي وغيرها
من كل هذا ?!
أنا أعرف عن كتب أن اتحاد كتاب المغرب مثلا يكون ترعة الريوع بكل أشكالها. نفس الشيء بالنسبة لجمعية الاقتصاديين المغاربة التي حولها المندوب السامي لأعضاء جيش التحرير إلى وكالة لخدمة مآربه منها لا الحصر دعوة اتحاد الاقتصاديين العرب إلى مدينة الجديدة، مقره الأصلي، لتنظيم ندوة دولية حول العولمة و مخلفاتها في 1999 بهدف الفوز في البرلمان، فضلا على أنه يترأس هذه الجمعية منذ 1998 حين تركها له سيده بلا منازع فتح الله ولعلو الذي ركب وقتها سفينة إغراق المغرب في الويلات. نفس الوضع كذلك تعرفه الجمعية المغربية للعلوم الاقتصادية المنشقة عن هذه الأخيرة والتي جعل منها صاحبها أداة للتسويق لنموذج التنمية الجديد وربيبته مقولة "صنع المغرب"، وهلم جرا.
في الغرب وخصوصا في أوربا التي ترعرعت فيها حقوق الإنسان و دولة الحق والقانون حين تعرف السياسة منعرجات خطيرة تصبح فيها المنجزات مهددة. هنا، في هذه اللحظة، يتحرك المثقف العضوي الرسولي والمثقف النقدي والمثقف المناضل بشكل صارم ، يخرج إلى الشارع منددا بالسياسيين الخونة وباليساريين المتخاذلين. يتوقف النزيف و تنطلق موجة عارمة من الإحتجاجات بشكل متواصل لإيقاف سياسة العربدة والضحك على الذقون. لكن عندنا، حين تملصت الأحزاب والنقابات اليسارية من مهامها التاريخية وأصبح يسيرها سماسرة والدليل تواطؤها في واضحة النهار في ما يخص تمرير الإصلاحات المشؤومة كتفكيك المرفق العام و الوظيفة العمومية وتحرير الأسعار، إلخ، فقد بقيت الساحة شاغرة أي شاغرة من قائدها الشرعي أي المثقف العضوي. لم يقم المثقف بواجبه كما يملي عليه ذلك الضمير بل الواجب ، بل بقي صامتا، جالسا في مكانه تاركا الساحة لمشعوذي السياسة. هذا المثقف المزيف منه المثقف الخائن والمثقف المهاذن والمقف المتخاذل والمثقف الانتهازي يقف اليوم حجر عثرة أمام التغيير الحقيقي. في بلد لم ينتج المثقف العضوي و الرسولي ليقول الحقيقة ويفضح سياسة البفتيك، فأكيد أن مستقبله لا زال مطوقا بكل أشكال الإستبداد والظلم والإستعباد والجهل وكل مؤشرات التخلف.
المفكر اللبناني الكبير مهدي عامل كتب الكثير عن المثقف ودوره في التغيير من أجل التقدم وقال هذه الجملة المستفزة فكريا، قال مهدي:" الحرب حربان وربما من جهة الفكر أكثر شراسة. ولذا وجب النقد باستمرار ودون مهادنة ". نقد الواقع وقول الحقيقة كما قام بذلك مهدي عامل مهمة شاقة وصعبة. قول الحقيقة كلف مهدي حياته. عزيز بلال كان يقول الحقيقة و ليس غير الحقيقة وتمت تصفيتة وهو نائم بتسريب الغاز في غرفته في فندق أكبر شركة سياحية عابرة للقارات، أوطيل هلتون، بشكاغو، معقل الإمبريالية والصهيونية. كل الذين قالوا الحقيقة إما استشهدوا أو سجنوا. في زمن الردة وخصوصا حين يتم تمييع المبادئ والمواقف والأخلاق أصبح كل شيء مشروع بما فيه السرقة الموصوفة ! مناضل يساري مزيف في كنهه ارتحل بقدرة قادر إلى حزب أيادي أصحابه ملطخة باللصوصية، يقال عنه أنه من حقه أن يفعل ذلك. الدفاع عن القضية الفلسطينية أصبح لا قيمة له تحت ذريعة أن كثيرا من الفلسطينيين خونة. الخيانة أصبحت وجهة نظر، كما قال الشهيد ناجي العلي. التضحية من أجل بناء دولة الحق والقانون بالترفع عن المواقع والمناصب والمكاسب، مبادئ نبيلة، أصبح يتنكر لها الطامحون في الفوز بنصيبهم من الكعكة. أصبح التزلف والارتزاق والسمسرة هي العملة المشتركة لتحقيق المآرب غير المشروعة لكن منها المشرعنة ! المتزلفون وما أكثرهم هم مستعدون لمسح أحذية أسيادهم مقابل الحصول على رتبة مستشار أو مدير ديوان وزير أو أو ... نقد الواقع لفتح عيون الناس ولتوعية الناس هو الحل وتعرف هذه المهمة نفسها أنها هي الحل لفضح سياسة البفتيك وفضح المتواطئين وبائعي الماتش أكانوا مثقفين أو حزبيين أو نقابيين أو غيرهم من المتزلفين وماسحي الأحدية.
أنا الآن كسائر أحرار الوطن أعبر عن غضبي الشديد إزاء مأساة الفقراء جراء الجرائم التي يقترفها النظام المغربي في حقهم. ولهذا، أندد عاليا بالوضع المزري الذي وصلت إليه البلاد التي يسيرها قطاع الطرق ولصوص الذين تجب محاكمتهم و إيداعهم في السجن حين يتحول التاريخ من سخريته إلى تاريخ منصف للشعوب.
وبالتالي لا محيد عن النضال و الجرأة والصدق والتفاني ونكران الذات إن نحن نريد التغيير الحقيقي وبناء دولة الحق والقانون. أما المهادنة والنفاق والمجاملة، فإنها تزيد من تكريس الوضع المتردي.

أحمد زوبدي.