لتنسيقية الصحراوية للوديان الثلاث: واد نون الساقية الحمراء واد الذهب تطالب باسترجاع الأراضي المنهوبة


أحمد رباص
2023 / 6 / 3 - 02:50     

مواصلة منها للخط النضالي الذي رسمته للدفاع عن حق القبائل الصحراوية في الأرض والثروة والهوية وإيمانا منها بعدالة قضيتهم وتحت شعار "أرضنا عرضنا" ووامتثالا للمبدإ الراسخ "تراب الأجداد والأسلاف خط احمر"، عقد أعضاء التنسيقية الصحراوية للوديان الثلاث: واد نون الساقية الحمراء واد الذهب يوم 31 ماي الأخير اجتماعا طارئا، وذلك لمناقشة المستجدات الخطيرة وخاصة ما سمي ب"يوم المستثمر"، الذي نظم بأمر وتحت إشراف عراب الصهاينة بالمغرب، هذا النشاط "المشبوه" الذي شهدته المنطقة يومي 26 و27 ماي ليس إلا امتدادا للمخطط المخزني الاستبدادي، الذي يروم السطو والاستحواذ على اراضي القبائل تحت ذريعة" الاستثمار المزعوم".
على إثر هذا الاجتماع، خرج أعضاء التنسيقية ببيان موجه للرأي العام الوطني ذكروا فيه أن هذه المشاريع الاستثمارية الوافدة خلال هذا الأسبوع على المنطقة سبقتها سنة 2007 استثمارات وهمية سالفة، وبطرق إحتيالية، تم من خلالها السطو على آلاف الهكتارات من أجود الأراضي، (والتي تم سلبها من قبيلة الشرفاء أولاد بوعيطة) من طرف السلطات المخزنية، بحجة المشروع الوهمي لشركة "فاديسا" الإسبانية بجماعة الشاطئ الأبيض بكليميم و المشروع الوهمي لشركة " اوراسكوم" المصرية بجماعة الشبيكة بطانطان، وهكذا تم إقبار هذه المشاريع واستولى اللوبي المخزني على الرسوم العقارية ظلما وعدوانا.
تتعلق جل هذه المشاريع أو كلها - وفق البيان - بالطاقات المتجددة، والرابح الوحيد فيها هو المخزن وعملاؤه والمستفيد منها كذلك هي هذه الشركات المتوحشة، كما هو الحال في مشروع الطاقات المتجددة بمنطقة الساقية الحمراء والذي يشتغل منذ 2014 ولم يعد بأي نفع يذكر على القبائل الصحراوية، اللهم اغتصاب أراضيهم و التهجير القسري لقاطننيها.
ويقول أصحاب البيان إن المخزن لم يشرك ولم يستشر حتى أصحاب الأرض الأصليين - استخفافا بهم واحتقارا لهم - في شأن هذه الاستثمارات الواهية، رغم أنهم يرحبون بالاستثمار والتنمية شريطة إشراكهم وتمتيعهم بحقوقهم كأصحاب أرض، و هي ملك خالص لهذه القبائل، ورثوها عن آبائهم وأسلافهم، بالحيازة الهادئة المستمرة والتصرف والاستغلال بلا منازع، بل ضحوا بالغالي والنفيس - عبر التاريخ - من أجل تحريرها من المستعمر الاجنبي.
وبحسب نفس الوثيقة، فإن هذه الاستثمارات الوهمية لا يمكن أن تنجح في منطقة غير آمنة وتعرف نشاطا عسكريا دؤوبا لقربها من الحدود الجزائرية، بل هي منطقة نزاع وتوتر بامتياز بحيث أن هذه الشركات المتوحشة - قطعا - لن تغامر برأسمالها الجبان. وبما أن الدولة المخزنية - حلى حد قولهم - قامت بتحويل مئات الآلاف من الهكتارات من أراضي قبائل الصحراء (واد نون الساقية الحمراء واد الذهب) إلى "أملاك خاصة" بها بدون وجه حق وفي خرق سافر للشرع وانتهاك صارخ للقوانين والمواثيق والأعراف الدولية و الوطنية.
ويذهب البيان إلى أن دولة المخزن - ولتبرير تصرفاتها والتستر على جرائمها - وتحايلا منها على أصحاب الأرض لإقناعهم وبسوء نية، اتخذت حيلة الاستثمار المزعوم كذريعة للاستحواذ على أراضيهم، مسخرة لذلك كوسيلة للاغتصاب كافة آلياتها الإدارية والقانونية الاستبذاذية وبتواطؤ مع بعض الأعيان والمنتخبين وبدعم وإشراف من سلطاتها المتسلطة، وذلك من أجل تنفيذ هذه الجريمة النكراء وهي اغتصاب أراضي الصحراويين أصحاب الأرض الأصليين.
كذلك يعتبر البيان أن هذا العمل الجرمي الشنيع الذي ارتكبه ويرتكبه المخزن في حق القبائل الصحراوية، قبائل واد نون الساقية الحمراء واد الذهب، والذي جردهم من أرضهم وعرضهم وهويتهم وثروتهم، لم يجرؤ على اقترافه حتى المستعمر الفرنسي، أو الإسباني، أو البرتغالي أو البريطاني الذين احتلوا المنطقة لقرون من الزمن، واحتراما لهذه القبائل الصحراوية وخصوصياتها، ترك لكل قبيلة مجالها الحيوي الخاص وفق خريطة حدودية تم احترامها من طرف القبائل ولم ينتزع شبرا واحدا من أراضيها، فيما استباح المخزن أرض الصحراء وعرض الصحراويين. وتمثلت آخر حلقة في هذا المسلسل - يتابع البيان- في مصادرة أكثر من مليون هكتار من أراضي قبائل آيت أوسى وتفويتها للصهاينة وعملائهم من الخليجيين، ولأزلامه من العملاء والمنتخبين مقابل"الرضا، الطاعة والولاء..." في خرق سافر للاتفاقيات المبرمة بين المغرب وهيئة الأمم المتحدة من جهة وبين المغرب والاتحاد الأوروبي من جهة اخرى، بخصوص حقوق سكان الصحراء الأصليين.
كما ينص البيان على أن الوعاء العقاري الضخم (حوالي مليوني هكتار) الذي تم اغتصابه وتحفيظه لصالح المخزن لايتناسب البتة مع حجم الاستثمارات المزعومة، مما يفضح اكاذيبه الملتوية وسوء نيته. وفي هذا السياق يدق أعضاء التنسيقية ناقوس الخطر لكون هذا الوضع الخطير يهدد كيانهم،غذاءهم، ثقافتهم، تقاليدهم، بيئتهم، ثرواتهم ومستقبلهم، وقد يؤدي الى زوالهم واندثارهم كمجتمع صحراوي عريق.
لهذه الأسباب والاعتبارات تعلن التنسيقية الصحراوية للوديان الثلاث: واد نون الساقية الحمراء واد الذهب عن وضع هذه الحقائق أمام الرأي العام المغربي والدولي وتعتبرها بمثابة بلاغ مفتوح لكل إنسان حر غيور ولكل المنظمات الحقوقية والسياسية المغربية والدولية، محملا بنداء للوقوف الى جانبهم ضد اعتداءات و انتهاكات دولة المخزن على اراضيهم.
وبناء على نفس الأساس تدين، بكل ما تحمله الإدانة من معاني الشجب والاستنكار، الاعتداءات والانتهاكات الصارخة، والتي تعتبرها "جرائم دولة المخزن" في حق قبائل الصحراء، واد نون الساقية الحمراء واد الذهب، لعل اخطرها انتزاع أراضيهم بالقوة بحجة الاستثمار المفترى عليه.
كما تشجب وتستنكر تواطؤ بعض المنتخبين والعملاء وتأييدهم لهذا المخطط الاجرامي، وتدعو إلى متابعتهم قضائيا محليا ودوليا.
وتبدي التنسيقية اشمئزازها من تصرفات وممارسات المخزن المغرضة والهادفة الى تغيير الوضع التاريخي والعرفي القائم بالمنطقة منذ قرون عديدة.
فضلا عن ذلك، يحذر اصحاب البيان الدولة المخزنية من كون ما أقدمت عليه سيشعل نار الفتنة في المنطقة ويفتح بابا واسعا لتهديد السلم الاجتماعي ووأد الجبهة الداخلية، وتهييئ المناخ المناسب لمزيد من أعمال العنف وعدم الاستقرار، دفاعا عن الأرض والعرض ومواجهة كافة أنواع الظلم والاستبداد.
كما تعرب عن استعدادها الكامل للدفاع عن هذه الأراضي بكل ما أؤوتيت من قوة وبإستماتة لمواجهة كل معتد أثيم، داعية جميع المناضلين والقوى الحية والغيورين الى الالتحاق بهذا الحراك المبارك، معلنة عن تضامنها الكامل واللامشروط ودعمها المطلق لقبائل آيت أوسى الأبية ومؤكدة مشاركتها المكثفة إلى جانبها في حراكها للدفاع عن أرض الأجداد والأسلاف. كما تعلن مساندتها الكاملة لقبائل "اعريب" و "أولاد جلال" و " دو بلال" و"أمريبط" وكافة قبائل درعة العريقة.
إلى ذلك، تؤكد التنسيقية استعدادها الفوري والدائم للترافع الدولي والقيام بالإجراءات القانونية لمحاسبة كل من سلب أو اغتصب أراضي تركها السلف أمانة في عنق الخلف.
هذا، وتندد بالاستنزاف الخطير للفرشة المائية بسبب الزراعات المستنزفة للمياه، ما ينعكس على المخزون المائي للأراضي في ظل تفاقم مستويات التغيير المناخي العالمي وتحمل المسؤولية الكاملة لدولة المخزن في ما آلت إليه أوضاع الأرض و الماء والبيئة وآثار الحشرة القرمزية التي أتت على الأخضر واليابس في ظل تخاذل و لامبالاة السلطات المخزنية. كما تعلن تضامنها الكامل ومساندتها ودعمها - في هذا الشان- لقبائل "صبويا" و "آيت باعمران " و"آيت ياسين" وكل القبائل المتضررة من هذه الكارثة. ولا يفوتها، بهذه المناسبة، تجديد عزمها الراسخ خوض كافة الأشكال النضالية والاحتجاجات التصعيدية إلى غاية استرجاع كافة أراضيهم المنهوبة وضمان حقهم في أرضهم وثروتهم حفاظا على أصالتهم وهويتهم.
وتعلن بكل فخر واعتزاز عن تضامنها الكامل واللامشروط مع كافة الإطارات المدافعة عن أراضي القبائل الصحراوية.
وأخيرا، تدين تسارع التطبيع الرسمي مع الكيان الصهيوني وتوسعه إلى مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والاستخباراتية، مستنكرة بشدة تبعية الدولة المخزنية للإمبريالية المتوحشة وارتمائها في أحضان الكيان الصهيوني العنصري. وتحمل الدولةالمخزنية مسؤولية ما ستؤول إليه الأوضاع جراء السياسة الممنهجة لمصادرة الأراضي ظلما وعدوانا.