نظام الأبارتهايد يتعمق باالمرقبة الإليكترونية الدائمة


سعيد مضيه
2023 / 5 / 31 - 17:54     

تقنية التعرف على الوجه دخلت ميدان التجسس
ما ان تطلع مارغوريه كوهن ، الحقوقية الأممية ، على انتهاك إسرائيلي جديد للحقوق الإنسانية لشعب فلسطين حتى تشهر به فضيحة لنظام الأبارتهايد وسياسة الاقتلاع في إسرائيل. نظام بصمة الوجه لشبكة الدائرة التلفزيونية المغلقة يطارَد الفلسطيني اينما حل. في مقالة جديدة نشرتها الحقوقية الأممية في 15 أيار/ مايو الحالي ، تورد ان "السلطات الإسرائيلية تستهدف على الدوام، بمراقبة البصمة، الأماكن ذات الأهمية الثقافية والسياسية... جزء من بيئة إكراه موجهة لإجبار الشعب الفلسطيني على ترك المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية للسلطات الإسرائيلية، وذلك عن طريق جعل الحياة العادية لا تطاق" . تنقل الحقوقية عضو مكتب الجمعية الدولية للمحامين الديمقراطيين، من تقرير أعدته امنيستي إنترناشيونال حول القضية يقول "نظرا لأن وجود المستوطنين بالمناطق المحتلة غير شرعي بموجب ميثاق حنيف فإن مبرر حماية المستوطنين لفرض المراقبة على الفلسطينيين هو أيضا غير مشروع".
جاء بالمقالة :
تعمق إسرائيل نظام الأبارتهايد بالأراضي الفلسطينية المحتلة باستعمال كاميرات مراقبة تجسس مدعم بنظام البصمة تتعقب وتقيد تحركات الشعب الفلسطيني. تكنولوجيا التعرف على الوجه تحدد هوية الأفراد وتصنفهم على أساس ملامحهم الفيزيولوجية ، بما في ذلك العرق والإثنية والجندر والعمر وحالة العجز.
تم إدخال تقنية التعرف على الوجه من قبل الأبارتهايد الإسرائيلي عام 1999.
غير أن تقريرا أصدرته حديثا امنيستي إنترناشيونال اختبر استعمال نظام تقني جديد للتعرف على الوجه يعرف بالاسم " الذئب الأحمر"، وضع منذ العام 2022 في خدمة نقاط التفتيش العسكرية بمدينة الخليل بالضفة الغربية. الجهاز ماسح ضوئي (سكانينغ) لوجوه الفلسطينيين ، ويرفض في الغالب السماح لهم بدخول نظم المعلومات المكثفة التابعة لحكومة إسرائيل بدون موافقتها.
يتزايد استخدام تكنولوجيا التعرف على الوجه لمطاردة الفلسطينيين وإبقائهم تحت المراقبة الدائمة. يجري إنجاز المراقبة بواسطة كاميرا شبكة واسعة الانتشار لدائرة تلفزة مغلقة (سي سي تي في) تثبت على اعمدة الضوء أو جوانب العمارات او الأبراج وعلى سطوح البيوت. يمنح الجنود الإسرائيليون حوافز كي يبقوا الفلسطينيين تحت المراقبة الدائمة؛ تجري منافسة مخزية بين الجنود تقدم الجوائز على إثرها تقدم الجوائز للقطعات العسكرية المتفوقة في تجميع المعلومات عن أفراد فلسطينيين من خلال المراقبة الدائمة ".
تتحكم إسرائيل في دخول وخروج الفلسطينيين ، الذين يتوجب عليهم الحصول على تصاريح من سلطات إسرائيل كي يعبروا ما بين القطاع والقدس الشرقية والضفة الغربية.
مراقبة مستدامة
قال آغنيس كالامارد، سكرتير عام أمنيستي انترناشيونال: "تستخدم السلطات الإسرائيلية ادوات مراقبة عالية التطور تتعقب الفلسطينيين من اجل تشديد العزل وأتمتة الأبارتهايد ضد الفلسطينيين ... مستخدمة في ذلك معطيات البصمة التي حصلت عليها بصورة غير مشروعة في مراقبة الفلسطينيين والتحكم في تحركاتهم. بالإضافة الى التهديد المستدام لاستخدتم القوة المفرطة والاعتقالات العشوائية يتوجب الآن على الفلسطينيين السكوت عن تعقبهم ببرامج الغوريثمات او منعهم من دخول ضواحيهم بناء على معلومات مخزّنة في قاعدة بيانات تميز ضدهم وتراقبهم.
وجد تقرير في 82 صفحة بعنوان "أتمتة الأبارتهايد: كيف يعمل التعرف على الوجه لتشتيت الفلسطينيين بالأراض المحتلة وعزلهم وإحكام السيطرته عليهم "، ان إسرائيل تحتفظ بنظام اضطهاد للفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة وفي الخارج وإخضاعهم لهيمنتها. هذا العزل يتم بطريقة ممنهجة ومأسسة عالية من خلال تشريعات وسياسات وممارسات ترمي الى منع الفلسطينيين من التمتع بحقوق متساوية مع اليهود في إسرائيل".
التقرير الجديد يحتوي على شكاوى سكان مدينة الخليل والقدس الشرقية يصفون سبل غزو كاميرات المراقبة لخصوصياتهم، وتثبط انشطتهم وتضيق حياتهم الاجتماعية وتجعلهم يشعرون انهم دوما مكشوفين حتى داخل بيوتهم. وهم مضطرون لتغطية الشبابيك بستائر سوداء كي يتجنبوا التعرض للأعين الإليكترونية.
اورد التقرير قول سارة التي تعيش في ضاحية سلوان بالقدس الشرقية ، "عندما ثبتت الكاميرات ، إذا وقفنا بجانب الشباك يتم تصويرنا كما لو ان الكاميرا داخل البيت. وحيث الكاميرا تراقب كل حركة فقد وضعنا في حالة مزعجة . لا نستطيع الاطمئنان اننا في بيوتنا وعلينا أن نرتدي كامل ملابسنا طوال الوقت."
وقالت ندا من سكان فلسطين،"اخضع للمراقبة طوال الوقت...وذلك يضفي عليّ إحساسا سيئا في كل مكان بالشارع. كل مرة اشاهد الكاميرا أشعر بالقلق. تعامل على الدوام على كما لو انك مستهدف".
السلطات الإسرائيلية تستهدف على الدوام بمراقبة البصمة الأماكن ذات الأهمية الثقافية والسياسية، مثل مدخل باب العامود بالقدس، حيث يلتقي الفلسطينيون بكثرة وينظمون وقفات احتجاجية تضامنا مع الأسرى أو إضرابات الجوع وضد أعمال العدوان الإسرائيلية المتكررة على قطاع غزة. ازداد عدد كاميرات الدائرة التلفزيونية المغلقة في ضواحي الشيخ جراح وسلوان بالقدس الشرقية بعد احتجاجات 2021 ضد إجبار الأسر الفلسطينية على إخلاء بيوتها بالقوة كي يحتلها المستوطنون. وفي سلوان ازدادت المراقبة مع ارتفاع أعداد المستوطنين .
وقال جواد صيام، مدير مركز المعلومات بوادي حلوة الذي يقدم المساعدة القانونية لأطفال سلوان ممن تعتقلهم قوات الأمن الإسرائيلية بسب المشاركة بالمظاهرات، "الكاميرات ليست مثبتة لجعل المكان أكثر أمنا، فهي مثبتة لإلحاق الأضرار بالفلسطينيين وحماية المستوطنين".
وصرح عيسى عمرو من الخليل ،" كل شيء يخضع للمراقبة ، حياتي كلها مراقبة ، ليس لي أي خصوصية؛ أشعر انهم يتعقبونني اينما توجهت... الفلسطينيون غاضبون لأن المراقبة لا توظف لتحديد هوية المستوطنين اليهود الذين اقترفوا الجرائم ضد الفلسطينيين".
حكومة إسرائيل لا تستعمل مراقبة البصمة لحماية الفلسطينيين، بل لتوفير الحماية للمستوطنين المقيمين في المستعمرات غير الشرعية بالأراض الفلسطينية المحتلة. الخليل والقدس الشرقية هما المدينتان الوحيدتان بالمناطق المحتلة يوجد مستوطنات غير شرعية بهما . في الخليل يوجد حوالي 33000 فلسطيني [ بالمدينة القديمة] و850 مستوطن.
أورد التقرير أن المراقبة "جزء من بيئة إكراه موجهة لإجبار الشعب الفلسطيني على ترك المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية للسلطات الإسرائيلية، وذلك عن طريق جعل الحياة العادية لا تطاق"
تنتهك القانون الدولي
يوثق التقرير كيف ان المراقبة تنتهك حقوق الإنسان الدولية والقوانين الإنسانية الدولية.
بموجب ميثاق جنيف الرابع يحظر على إسرائيل ( دولة الاحتلال) إسكان مواطنيها بالمناطق المحتلة، تستخدم القوة لنقل السكان وضم المناطق وإنزال عقوبات جماعية ( تعاقب السكان بسبب جرائم لم يقترفوها).
وحسب نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية فإن " التصرفات غير الإنسانية في سياق نظام ممأسس للاضطهاد والهيمنة الممنهجين تقوم بها جماعة عرقية ضد جماعة عرقية اخرى بنوايا الحفاظ على النظام "يشكل نظام أبارتهايد.
ويعرف ميثاق الأبارتهايد النظام بأنه " تصرفات لاإنسانية تقترف من أجل فرض والحفاظ عى هيمنة مجموعة عرقية من أفراد على اي مجموعة عرقية لأفراد واضطهادهم بصورة ممنهجة".
ميثاق الأبارتهايد ونظام روما تدرج الأبارتهايد ضمن قائمة الجرائم ضد الإنسانية.
ان نظام مراقبة البصمة يسنده تكنولوجيا التعرف على الوجه ينتهك حقوق حرية التحرك والخصوصية والمساواة وعدم التمييز. وهو يترك تأثيرا مجمدا على حقوق حرية التعبير وحرية التجمع السلمي عن طريق ثني الفلسطينيين عن التظاهر وتشديد مناخ الخوف والترويع.
"نظرا لأن وجود المستوطنين بالمناطق المحتلة غير شرعي بموجب ميثاق حنيف فإن مبرر امن المستوطنين لفرض المراقبة على الفلسطينيين هو أيضا غير مشروع"، كما يلاحظ التقرير.
يضيف التقرير، " إن تُبيت ادوات مراقبة بالبصمة عن بعد تقيد حرية التنقل، في سياق احتلال عسكري ممتد ، واستيطان غير شرعي والضم، ترسخ عمليات تشتيت الفلسطينيين وعزلهم وتساعد في نهاية المطاف في الاحتفاظ بنظام الأبارتهايد الإسرائيلي وتعزيزه [ في المناطق الفلسطينية المحتلة]. ان هذه الأدوات تسهم في مجموعة التصرفات المحظورة ، وتشكل الجريمة ضد الإنسانية للأربارتهايد ، وكذلك تعتبر جريمة حرب.
تعليق المعونة العسكرية
ينهي التقرير بتوصيات امنيستي إنترناشيونال المطالبة بأن توقف البلدان في الحال تقديم مباشرة او بصورة غير مباشرة لإسرائيل" جميع الأسلحة والذخيرة وغيرها من المعدات الحربية والأمنية ، وكذلك تقديم التدريبات وغيرها من صنوف المساعدة الأمنية".
وتوصي امنيستي إنترناشيونال أيضا بأن تنهي إسرائيل نظام الأبارتهايد، وان تكف عن تثبيت تقاني التعرف على الوجه والمراقبة الجماعية والمراقبة الموجهة بقصد التمييز العنصري. يضاف لذلك أوصت بأن تنهي إسرائيل الإغلاقات وجميع القيود المفروضة على حرية التنقل التي تسفر عن عقوبات جماعية . ويقول التقرير ان على إسرائيل ان تكف حالا عن الأنشطة الاستيطانية كخطوة أولى باتجاه تفكيك جميع المستوطنات الإسرائيلية.



.