الطبيعة الطبقية للحزب الشيوعي / جزء 2من 5/ بقلم بابلو ميراندا / ترجمة مرتضى العبيدي


مرتضى العبيدي
2023 / 5 / 31 - 02:03     

الطبيعة الطبقية للحزب الشيوعي (5/2)

الأحزاب السياسية البرجوازية الصغيرة
كما نعلم، في المجتمع الرأسمالي، بالإضافة إلى الطبقة الرأسمالية والطبقة العاملة، هناك طبقات وفئات اجتماعية ثانوية أخرى، أي ما يسمى بالطبقات والفئات الوسطى، والتي هي في الواقع ليست سوى الشرائح المختلفة للبرجوازية الوسطى والبرجوازية الصغيرة الحضرية والريفية التي تشارك أيضًا في المنافسة السياسية من خلال تنظيم أحزاب سياسية تمثلها. بشكل عام، فإن الأحزاب السياسية المختلفة التي تعبر عن مصالح القطاعات والطبقات الوسطى من السكان هي تشكيلات سياسية محافظة، ومدافعة عن السلم الاجتماعي، والنظام، والملكية الخاصة (نُذكّر أن هذه القطاعات الاجتماعية تطمح إلى التراكم، للاقتصاد الفردي، النمو، لتقاسم السلطة مع من هم "فوق"، لتسلق السلم الاقتصادي والاجتماعي). ويتضمّن خطابهم دفاعا مزعوما عن الذين ينتمون إلى الـ"تحت" لجذبهم واستخدامهم كرافعة انتخابية لا غير.
في بعض البلدان وفي بعض الظروف، تتبنى الأحزاب السياسية التي تدافع عن مصالح الطبقات والشرائح الوسطى مواقف متمردة ضد الحكم الرأسمالي، ومواقف وطنية ضد النهب الإمبريالي، ومقترحات ديمقراطية تعارض الاستبداد وانتهاكات الحكام. بل يصل بعضهم الى تبني مواقف وبرامج ثورية. فينخرطون في الكفاح المسلح الثوري، ويقومون بأعمال بطولية، ويعلنون الحرية والاشتراكية. تبرز هذه التعبيرات السياسية في بلدان مختلفة، وبشكل عام، يجب علينا نحن الثوريين البروليتاريين أن نتخذ مواقف موحدة تجاههم، ونعمل حتى ينضموا إلى النضال من أجل الاشتراكية من خلال سياسة الجبهة المتحدة العادلة.
في البلدان التابعة في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، قادت سيرورات الاستقلال والتحرر الوطني تشكيلات سياسية برجوازية صغيرة وبرجوازية، بل إنها حققت النصر، لكنها لم تكن لديها القدرة على مواصلة هذا النضال حتى النهاية للحصول على الاستقلال الفعلي، كما حدث في العراق والجزائر ونيكاراغوا وغيرها.

الأحزاب السياسية في الإكوادور
في الإكوادور، كان حزب المحافظين والحزب الليبرالي، اللذين أصبحا الحزبين السياسيين الرئيسيين في القرن التاسع عشر، يمثلان على التوالي تاريخيًا مصالح اللوردات الإقطاعيين والبرجوازية. كانت هذه الأحزاب في صراع سياسي حاد من أجل السلطة، المحافظون من أجل الحفاظ على مصالح مالكي الأراضي وإدامتها، والليبراليون من أجل الدفاع عن مصالح البرجوازية وفرضها. وكما نعلم، تم التعبير عن هذه الصراعات في مؤامرات القصر، في الانتخابات، في الانتفاضات والتمردات العسكرية، في حرب عصابات طويلة، في بعض مظاهر الحرب الأهلية، بلغت ذروتها في هزيمة الظلامية الإقطاعية وفرض المصالح التجارية، مع انتصار الثورة البرجوازية ودستور الدولة الليبرالية. واستمر وجود ونشاط الحزبين المحافظ والليبرالي حتى ثمانينيات القرن العشرين.
مع ظهور الطبقة العاملة، ولد الحزب الاشتراكي أيضًا في عشرينيات القرن الماضي، ثم الحزب الشيوعي.
تتواجد أحزاب سياسية مختلفة تمثل مصالح مختلف فئات الطبقات الحاكمة في الساحة السياسية اليوم. كما تواصل التعبيرات الحزبية القديمة الظهور الى جانب الوجوه الجديدة للبرجوازية التي تسعى إلى التناغم مع العصر، بالارتباط مع القوى الاجتماعية والسياسية القائمة، كالحزب الاشتراكي المسيحي، واليسار الديمقراطي، وآخرين. هناك أيضًا بعض التشكيلات السياسية صلب البرجوازية الصغيرة التي تسعى إلى الانخراط وكسب تأييد من هم في الأعلى والمشاركة في النضال السياسي. على الرغم من أن التعبيرات القديمة عن الشعبوية في أزمة، لا يمكن إنكار إمكانية ظهور تعبيرات وتجارب جديدة.
في الإكوادور في السنوات الأخيرة، كان لحزب رافائيل كوريا، "أليانزا بايس" (الائتلاف من أجل الوطن)، حضور كبير ولعب دورًا حاسمًا في التطور السياسي. لقد استخلصنا من ممارسته أنّه حزب في خدمة النظام والاحتكارات الدولية وكبار رجال الأعمال والمصرفيين. إدارة أليانزا بايس للحكومة، والأحداث السياسية، وطبيعة المصالح التي يعلنها ويدافع عنها، والسياسات الديماغوجية والشعبوية، والهجمات على النقابات العمالية والحركة الشعبية، وحركة السكان الأصليين، والهجمات المسعورة على الحركة الثورية على اليسار، تؤكد ما ذهبنا إليه. جميع تلك الممارسات دليل واضح للمصالح الطبقية التي يمثلها أليانزا بايس والرئيس كوريا. هنا، كما هو الحال في جميع الحالات، يتم الحكم على الأشياء من خلال ما يقال ويعلن، ولكن، في الأساس، من خلال الأفعال.
يتحدث بعض المحللين الذين يقدمون أنفسهم على أنهم من اليساريين وحتى من الثوريين عن وجود ما يسمونه الأحزاب متعددة الطبقات وعن دورها الطليعي. ويقدمون أمثلة PSUV (الحزب الاشتراكي الموحد لفنزويلا)، وMAS (الحركة من أجل الاشتراكية في بوليفيا) وAlianza País. ووفقًا لهذه الأكاذيب التي تسعى إلى تنظير العلوم السياسية الحالية، فإن هذه المنظمات مكونة من الطبقة العاملة والفلاحين والعمال المستقلين و "طبقة المثقفين" قد طورت برنامجًا ثوريًا يمثل مصالح هذه الطبقات ومصالح الأمة والبلاد، ومن خلالها تلعب الحكومات الدور الطليعي للثورة والاشتراكية. إنهم حريصون دائمًا على عدم ذكر "الثورة البروليتارية"، بل يستحضرون بالأحرى "الثورة البوليفارية"، "الثورة الديمقراطية والثقافية"، "ثورة المواطنة" وعن "اشتراكية القرن الحادي والعشرين" التي تعتبر، حسب رأيهم، نفيا للاشتراكية الماركسية اللينينية، وأداة مبتكرة للتحرير.
من الواضح أن هذه الأحزاب والحكومات التي أقامتها قد حظيت بدعم قوي من العمال الحضريين والريفيين، ومن أفقر القطاعات الاجتماعية ومن الطبقات الوسطى. من خلال الخطابة والديماغوجية وبعض الإنجازات المادية الهامة، استمروا في التمتع بهذه المساندة.
إن المقترحات الأيديولوجية والسياسية والبرنامجية، وكذلك إدارة هذه الحكومات، بعيدة كل البعد عن تمثيل وخدمة مصالح الطبقات الكادحة، عن تغيير المجتمع، عن إنهاء مصادرة ثرواتهم من قبل الرأسماليين، عن القضاء على امتيازات كبار رجال الأعمال والمصرفيين وملاك الأراضي. وعلى الرغم من خطابهم "الوطني"، فإنهم في الواقع يواصلون الاعتماد على النظام الإمبريالي، على الإمبريالية اليانكية، ويحاولون إخفاء ذلك من خلال التوجه نحو دول إمبريالية أخرى، لا سيما الصين وروسيا.
من الواضح أن الثورة الاجتماعية لم تحدث، وأن الرأسمالية مستمرة في السيادة، وأن العمال والفلاحين والسكان الأصليين يستمرون في الأسفل، مستغلين ومضطهدين؛ وأن فنزويلا وإكوادور وبوليفيا تظل بلدانا تابعة. لذلك لا يوجد حزب ثوري، ناهيك عن منظمة سياسية اشتراكية.
إن اندماج جزء كبير من الطبقات الشعبية في هذه الأحزاب لا يعني أن لهذه الطبقات تأثير على سياسات تلك الأحزاب. ففي كل من هذه التشكيلات السياسية، على مستوى القيادة، هناك طبقة من السياسيين من الأحزاب البرجوازية، والمنظمات الثورية للبرجوازية الصغيرة، المرتدين عن الثورة والاشتراكية. في القمة، في هيئات صنع القرار، هناك دائرة صغيرة تمتلك الامتيازات وهي في خدمة الرأسمالية والإمبريالية. وهذا يعني أن وجود حزب متعدد الطبقات ما هو إلا خيال، ستار دخاني لإخفاء الحقيقة، الهيمنة الرأسمالية.
يتبع