حول ارتباط الحزب بالجماهير / جزء 2 من 2 / بقلم خوان باجانا / ترجمة مرتضى العبيدي


مرتضى العبيدي
2023 / 5 / 24 - 11:50     

الارتباط بالجماهير يتمّ في خضم الصراع الطبقي
لرفع مستوى الصراع الطبقي، تتمثل إحدى المهام الحاسمة للحزب الماركسي اللينيني في وضع سياسات ثورية، وإنشاء أشكال من التنظيم والنضال الجماهيري، أي مقترحات لنظام مختلف، مما يسمح للجماهير بالتقدم إلى الأمام، بهدف تنظيم وتوحيد القوى لتقويض وهزم السلطة السياسية للبرجوازية.
إن صياغة السياسة الثورية، وتحديد أشكال التنظيم ونضال الجماهير، هي من أجل كسب الجماهير، الأمر الذي يتطلب، بالإضافة إلى الاهتمام بصحة هذه السياسة، حملها الى الجماهير من أجل إقناعهم بها، وعلى هذا الأساس، تتحوّل الى قوة مادية في نضال المستغَلين.
عندما تلتزم الجماهير باقتراحات الحزب الماركسي اللينيني، إلى الحد الذي يجعلها تنحاز وتتحرك وتكافح، يمكننا القول إننا أوجدنا الرابطة الضرورية التي يتطلبها نضالنا.
لقد ثبت أن الجماهير، عندما تقاوم القمع والاستغلال، غالبا ما تفعل ذلك بدون قيادة حزب البروليتاريا. وعندما يتعلق الأمر بالنضال من أجل عدد كبير من مطالبهم المادية، فإنهم يلجؤون إلى مبادرات مختلفة، بل إنهم يذهبون إلى حد خوض نضالات عالية المستوى والتي، في حالات عديدة، تمنحهم النصر في تحقيق الهدف الفوري الذي حددوه لأنفسهم.
إذا كان هذا مفيدًا للنضال الثوري، لأنه يمنح الخبرات للجماهير التي خاضت مثل هذه النضالات، فليس أقل صحة أن النضال من أجل الهدف المباشر فقط، بعيدًا عن ضرورة الثورة، يعرقل التقدم الذي يمكن أن يحصل في خضم النضالات الاحتجاجية.
ولأن هدفها الوحيد هو انتزاع الكسب الفوري، فهذا ما نعتبره نضالا إصلاحيا، وهي سياسة تفيد البرجوازية في نهاية المطاف وتشكل عقبة خطيرة أمام العلاقة بين الحزب والجماهير، الذين ما زالوا يأملون في أن مشاكلهم يمكن أن يتم حلها في إطار الرأسمالية.
لذلك، ومن أجل التواصل الناجع للحزب بالجماهير، من الضروري وضع خطة نضال يدرس فيها المناضل كيفية ربط النضال المباشر بالأهداف التكتيكية والاستراتيجية للحزب. فلا يكفي أن نكون حاضرين جسديًا في المعارك الطبقية إذا لم تكن لدينا التوجهات والمهام التي تنبثق من منظمات الحزب.
ومن أجل توسيع دائرة صلاته بالجماهير، يطور الحزب سياسة وحدوية، أي إيجاد الوسائل لإقامة العلاقات والتأثير في القطاعات الشعبية التي لا تعتمد على قيادتنا. نقوم بتنفيذ هذه السياسة عند تنسيق الأنشطة المختلفة وحتى عند التحضير للنضال نفسه وتطويره. سيكون هدفنا دائمًا هو العمل على رفع مستوى وعي الجماهير الذين هم ضحايا القمع الرأسمالي والاستغلال والذين، في بعض الحالات، يشعرون أيضًا بثقل القيادات التي تبدو لهم محدودة أو متعالية.
يجب أن تسير سياستنا الوحدوية في اتجاه تقدم الحركة الجماهيرية وألا تنحني أو تنضم إلى مواقف ومقاربات القطاعات المتذبذبة أو المتخلفة.
وجود قيادة ثورية في الحركة الجماهيرية مهمة أساسية
أن مهمة كسب الجماهير لقيادة الحركة العمالية الشعبية يستوجب الابتعاد عن النزعات الإقصائية والأسوأ من ذلك، السكتارية. بل على العكس من ذلك، فإن كسب وممارسة القيادة بين الجماهير يتطلب سياسة وحدوية، وجذب وإدماج قطاعات كبيرة من غير الملتزمين في النقاش وتنسيق الإجراءات، وهو أمر ممكن تمامًا مع السياسات الثورية التي تأخذ في الاعتبار مستوى الوعي والتنظيم والتصرف في الحركة الجماهيرية.
بشكل جماعي، يجب أن تمارس هذه القيادة من قبل الحزب الشيوعي، ومنظمة "الوحدة الشعبية"، وكذلك من قبل المنظمات المختلفة في مجالاتها الخاصة. يجب إبراز هذه القيادة قبل أن تتمكن الجماهير من التوجه نحو عناصر أخرى لأسباب شكلية. تحتاج الجماهير إلى مراجع ومنظمات ذات موقف يساري وثوري، ولا سيما تلك التي يجب أن تطرح بدائل صالحة للحاضر وللمستقبل؛ بالطبع، كل هذا في خلاف واضح مع المنظمات والمؤسسات والقادة وجميع أنواع التمثيل التي تديرها البرجوازية لمصلحتها.
في إطار القيادة الثورية، هناك دور خاص للقادة الشعبيين، أي أولئك الذين يحصلون على اعتراف وثقة قاعدتهم لقيادة المنظمات وعلى وجه الخصوص النضال من أجل حقوق الشعب والتغيير الاجتماعي.
عندما يتم الاعتراف بالقادة الثوريين من قبل قاعدتهم والجماهير، فإنهم يخلقون ظروف عمل أفضل وإمكانيات أكبر للسياسة الثورية للوصول إلى الجماهير والقبول بها من قِبَلهم، بحيث يصبحون قوة مادية في تطوير الوحدة والعمل.
لكل هذه الأسباب، في الخط الجماهيري الثوري، يجب مراعاة الحاجة إلى وجود منظمات سياسية ونقابية واجتماعية للجماهير تكون قوية وموثوقة، وكذلك تدريب القادة الثوريين الذين، في جميع الأوقات، يصبحون قادة يتمتعون بالسلطة المعنوية والكفاءة، فتمنحهم الجماهير الثقة الكاملة للنضال من أجل حقوقهم ومن أجل التغيير الثوري.
الدعاية الثورية والأنشطة التعليمية الأخرى تساهم في تعزيز قدرات الحزب وسط الجماهير
لا ينبغي أن ننسى أنه في تنظيم وتطوير النضال نفسه، بما في ذلك عند تقييم المعارك الطبقية، فإن النشاط الدعائي الدائم ضروري لتمكين الجماهير من التعرف على نفسها في المواقف الثورية.
لا يمكن أن يكون هناك نضال جماهيري بدون دعاية ثورية، من أجل تعزيز صحة المواقف وبيان وجهات النظر الثورية للحركة النضالية.
وقد شدد لينين على أن كل شيوعي هو داعية، وهي حقيقة يجب تأكيدها في كل معركة. إن الدور الفعال للشيوعي هو عامل أساسي في تكوين الوعي الثوري للجماهير. إن مناضل الحزب الذي كان عنصرًا نشطًا في صياغة السياسة الثورية والذي، من خلال دوره كمحرض، يفترض أن يكون مكانه في الخطوط الأمامية، فيسمح بتوضيح مناسب على أرض الواقع للخلط الذي يمكن أن ينشأ، وفي الوقت نفسه، باعتباره العنصر الأكثر تقدمًا، يقدم الحجج الصالحة للتسييس الثوري للجماهير المناضلة على الأرض.
لا يمكن لأحد أن يشك في مساهمة الصحافة الثورية بشكل خاص والدعاية بشكل عام في تكوين الوعي الثوري للجماهير. لكن لا جدال في أنه بالنسبة لكل حقيقة ومن باب أولى لكل معركة، من الضروري وجود عناصر معينة من الدعاية وكسب الجماهير بطريقة مناسبة. من الضروري أن يكون لدينا وسائل مباشرة لتحسين التوجيه، وبيان السبل، وعلى وجه الخصوص، لمنح الجماهير وسائل العمل والشعارات المناسبة.
لا يمكن إنكار أن الدعاية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ضرورية، لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال الافتراض أنها يمكن أن تحل محل الدعاية التي تضعنا على اتصال مباشر مع الطبقة العاملة وعموم الكادحين. فمن خلال اتصالنا المباشر مع القطاعات الشعبية يمكننا تقييم درجة قبول مقترحاتنا، والتقدم في توضيح الالتباسات والتشويهات التي تصنعها البرجوازية.
لقد أشرنا إلى أنه في كل معركة يمكن للجماهير أن تتعلم وتثقف نفسها بشكل أسرع، أي أن تكتسب المزيد من الوعي الطبقي، ولكن فقط إذا تقدمت مسترشدة بالتوجهات الثورية المنبثقة عن الحزب الماركسي اللينيني.
يتم تشكيل جزء مهم من التربية السياسية للجماهير من خلال الدورات التدريبية في شكل ورشات عمل وندوات ودورات ومحاضرات، إلخ التي يجب أن تعمل على تطوير المعرفة، ولكن قبل كل شيء تشبع العقول بضرورة النضال الثوري. بالطبع، يجب تنظيم هذه الأنشطة بشكل دوري، وهي تعمل على التحضير للنضال أو تعزيزه.
إن الطريق الذي قطعناه حتى الآن في عملية تنظيم وإنجاز الثورة البروليتارية قد ترك لنا سلسلة من التجارب التي يجب أن نستخدمها ونطورها من أجل الوصول إلى مستويات جديدة في مهمة كسب الجماهير، خاصة إذا لم نكن نتصور الجماهير ككل غير متبلور، ولكن ككل الطبقات الكادحة التي توجد فيها اختلافات موضوعية يجب أخذها في الاعتبار من أجل الوصول إليها وتحفيزها وجذبها.
إن خبراتهم في الصراع الطبقي، ومستوى تدريبهم الفكري، والظروف المادية للحياة لها تداعيات ويجب أن تؤخذ في الاعتبار عند تحديد المحتويات والوسائل والأشكال التي يستعملها الحزب للارتباط مع الجماهير.
يجب تعزيز مساحات التفكير والتحليل والمناقشات عن طريق الفن والدراسة والتعليم والسياسة وما إلى ذلك بشكل دائم من أجل الوصول إلى أهدافنا وكسب من هم أكثر استعدادًا لتبني موقف من أجل التغيير الثوري.
في التربية السياسية الثورية للجماهير، يعتبر صوت الحزب والمنظمات السياسية التي تشكل جزءًا من القوى الثورية أمرًا أساسيًا. يجب أن يساهموا بطريقة حية حتى تتمكن الجماهير من التمييز بين أصدقائهم وأعدائهم؛ بين الذين يناضلون من أجل مصالحهم والذين يعارضونها، وما هي أنواع التغييرات اللازمة لحل أزمة الرأسمالية لصالح الطبقات الكادحة.
بدون قيادة الحزب الشيوعي للمنظمات الجماهيرية، لا توجد ثورة بروليتارية
انتصرت الثورة البروليتارية وستنتصر طالما أن هناك حزبًا مؤهلًا بدرجة عالية ومهمًا من الناحية الكمية، أي قادر على الاستفادة الكاملة من لحظات أزمة الرأسمالية، والذي يتمتع بالحكمة والموارد الكافية بأنواعها المختلفة لتحويل الوضع الثوري إلى أزمة ثورية، وبالتالي ضمان حصول الطبقة العاملة على السلطة تحت قيادة الشيوعيين.
إن حزبا متجذرا في الطبقات الكادحة فقط، مع عدد كبير من الهياكل، يؤدي دوره كقائد سياسي ثوري، يمكنه تنظيم وقيادة جيش كبير من البروليتاريا والشعوب؛ فقط مثل هذا الحزب يمكنه الفوز بأعداد جماهيرية كبيرة وخوض معارك رفيعة المستوى وحاسمة بهدف الاستيلاء على السلطة وبناء الاشتراكية والشيوعية.
إن الوجود العضوي لـحزبنا PCMLE هو الضمان الأساسي للجماهير للوصول إلى وعي ثوري عالٍ والانخراط في صراعات رفيعة المستوى على مسرح الصراع الطبقي. ولكن، في الوقت نفسه، فإن تطوير المعارك ذات المحتوى الثوري فقط هو الذي يسمح بالبناء العضوي لـلحزب.
وبالتالي، فإن ضمان شبكة صحيحة يتطلب الانتداب الدائم للمناضلين الشعبيين، وهو شرط لهيكلة عدد كبير من منظمات الحزب.
سيكون هؤلاء المقاتلون الشعبيون بأعداد كبيرة إذا تمكنا من تنظيم الجماهير على نطاق واسع وبأعداد كبيرة؛ مع القيادة الجماعية للحزب والعمل المخطط والمستمر والمباشر للمناضلين، يجب أن نجتهد في جلب قطاعات واسعة من الجماهير العاملة لتنظيم نفسها وفقًا للظروف القائمة والممكنة. إن التطلعات والمطالب الشعبية عديدة ويمكن أن تسمح جميعها بإنشاء منظمة، فضلاً عن تجسيد أكثر أشكال النضال تنوعًا في طريق رفع مستوى الصراع الطبقي.
بطبيعة الحال، فإن تنظيم النضال السياسي يخلق أفضل الظروف لإثارة اهتمام النساء والرجال الذين يتفوقون في النضال الشعبي. لقد أكدنا أن الصراع السياسي يدور حول قضايا مختلفة، في أوقات مختلفة وفي ساحات مختلفة. هذا هو السبب في أن وجود وعمل المنظمات ذات الموقف اليساري الثوري أمر لا غنى عنه من أجل التحريض والاندماج كخطوة أولية في الاتصال بالحزب.
من أجل تحقيق ارتباط سليم مع الجماهير، يجب على الحزب الماركسي اللينيني أن يتغلب في داخله، من خلال الصراع الأيديولوجي، على جملة من المفاهيم والممارسات غير البروليتارية، والتي يتم التعبير عنها في أساليب القيادة وأساليب البيروقراطية والفردية والنزعة الاشتراكية الديمقراطية، والتي يرجع أصلها إلى عدم تثبيت الخط الجماهيري الماركسي اللينيني.
يجب إعادة التأكيد على أن الارتباط بالجماهير هو الضمان لتأهيل ونمو كل من الحزب وقاعدته الاجتماعية والحركة الثورية ككل. فقط العلاقة الصحيحة بين الحزب الثوري للبروليتاريا والطبقة العاملة والطبقات الكادحة بشكل عام ... تعطي قوة لا حدود لها لتنظيم وإنجاز الثورة.