ما هي النيوليبرالية (الليبرالية الجديدة) خدعة رأسمالية وامتداد لها ؟


فلاح أمين الرهيمي
2023 / 5 / 23 - 12:21     

النظام الرأسمالي يمتاز بثلاث مراحل :-
1) المرحلة التجارية التي بدأت بها الاكتشافات الجغرافية في القرن السادس عشر.
2) المرحلة الصناعية التي ظهرت فيها الطبقة البورجوازية وظهور الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر.
3) المرحلة المالية التي ظهرت فيها المؤسسات المصرفية العالمية والشركات الاحتكارية الكبرى التي مرت الرأسمالية في مرحلة الاستعمار الذي يمثل المرحلة الامبريالية والشركات الاحتكارية الكبرى.
تعتبر النيوليبرالية أحد المعالم المميزة لهذه الحقبة من الزمن التي تمثلت بنشوء وتطور حركة عالمية النطاق من أجل دمقرطة النظم السياسية في مناطق مختلفة من العالم المتفجر الذي أصبح بعد ذلك مفتوحاً على آفاق متنوعة ومتضاربة في وقت واحد وتعتبر (النيوليبرالية) امتداد للأنظمة الرأسمالية.
إن هذا الفكر الليبرالية الجديد الذي فرض تحت حراب المؤسسات الدولية الرأسمالية والنقدية المتخصصة (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي) هو صوت يُروج لمذهب أحادي الجانب يقدم وكأنه من المسلمات التي لا تقبل المساءلة حيث يعتبر بأن السوق هو المحور الضروري لأي تنمية، وهذه التنمية ينبغي أن تندرج في إطار عالمي لا مفر منه. وتأسيساً على ذلك فإن الانفتاح الشامل على السوق وقواه المنفلتة تكييف الاقتصاد المحلي لمنطق قوانين صارمة يصيران ضروريين معاً. أما الديمقراطية فتظهر بدورها ضمن منطق هذا المذهب على أنه نتاج ضروري وطبيعي لعقلنة السوق العالمية ومنطقها.
إن التحول نحو مذهب الليبرالية الجديدة ليس بدعة نظرية داخل الاقتصاد السياسي المسيطر في البلدان الرأسمالية المتطورة بل إن هذا التحول الفكري هو نتاج الأزمة الاقتصادية العميقة التي يعاني منها الاقتصاد الرأسمالي منذ بداية سبعينيات القرن العشرين بالرغم من كل مظاهر الفرح السياسي الغامر بانهيار القطب النظام الاشتراكي.
إن الليبرالية الجديدة تعتبر انعكاساً لعمق الأزمة البنيوية. وأحد المخارج النظرية هو الانتقال إلى مرحلة تعتبر ارتباط بهيمنة العناصر المحافظة أو تكتلات القوى التي لعب فيها المحافظون دوراً مقرراً.
إن هذا التيار المحافظ حاول جاهداً العودة بالرأسمالية إلى جذورها الأولى رافعاً شعاره الشهير (الحرية الاقتصادية وآلية السوق الطليقة) داعياً في الوقت نفسه إلى تقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي وإلغاء الدور الذي تلعبه كمضخة للطلب الفعال أو من حيث التركيز على ما يسمى باقتصاد العرض لتنشيط آليات النظام. وقد اقترن ذلك كله بالهمجية العاصفة للديمقراطية على صعيد عالمي قادتها القوى المسيطرة في هذه البلدان حتى بدا هذا المشهد المتحرك على الأرض تشكل مجموعة من المعادلات التي يتعين الوقوف عندها الذي يجري الإلحاح على مساواة الديمقراطية (كبنية سياسية) بالاقتصاد الليبرالية وبالتالي كتابة المعادلة الشهيرة (السوق = الديمقراطية). وهكذا ارتبطت مفاهيم الديمقراطية والليبرالية الاقتصادية بإشكالية مهمة أخرى هي الخصخصة. حيث يلاحظ أن الخطاب الليبرالي الجديد روج إلى هذا المفهوم دون مساءلة وكأنه مسلمة من مسلمات الفكر المذكور لا يحتاج إلى مناقشة وإنما يتعين النظر إليه في إطار التحولات الفكرية التي جرت في الاقتصاد السياسي المهيمن في البلدان الرأسمالية المتطورة وامتداد للرأسمالية المتهالكة وأزماتها المدمرة.