حزب يساري جديد في ألبانيا.


حازم كويي
2023 / 5 / 18 - 15:26     

أعداد:حازم كويي
يناضل (أرليند كوري) رئيس الحزب الجديد في ألبانيا Lëvizja Bashkë (الحركة معاً) من أجل العدالة الاجتماعية، بالعمل جنباً إلى جنب مع النقابات العمالية، وتقوية دورها.
ألبانيا بقعة لاترى على الخريطة السياسية لكثير من الناس في أوروبا،وتُعد أحد أفقر البلدان فيها. منذ أنهيار النظام الأشتراكي في ألبانيا عام 1991، هيمن على البلد تفشي عدم المساواة والبطالة المرتفعة. متوسط الراتب الشهري 500 يورو. لذلك يحاول العديد من الشباب الألبان العمل في الخارج.
اليسار التقليدي والحركة العمالية ضعيفة تنظيمياً وفاقدة للمصداقية علناً بسبب إرتباطها الوثيق بالديكتاتورية القديمة، وكانوا بالكاد قادرين على تحسين الظروف في البلاد في السنوات التي أعقبت إعادة التوحيد. ولكن منذ 2010 ظهر يسار جديد في ألبانيا، التي أنبثقت من الجامعات، وهي تهدف إلى إعادة تسييس المجتمع الألباني بأكمله. إنها تريد معالجة النزاعات الاجتماعية بنشاط من خلال تنظيم النقابات والحملات الانتخابية.
في كانون الأول (ديسمبر) 2022، أسس مؤيدوا مايسمى ب (التنظيم السياسي)، مع نشطاء آخرين خارج البرلمان، حزباً يسارياً جديداً بإسم "الحركة معاً". هدفه بناء يسار ألباني جديد، راسخ داخل الطبقة العاملة مع تنشيط النقابات.يقول رئيس الحزب أرليند كوري:
كنا نشطين بنجاح في هذه المنظمة(التنظيم السياسي) لما يقرب من إثني عشر عاماً. طوال هذه السنوات، رفضنا السياسات الحزبية السابقة ورأينا قوتنا في صراعات أجتماعية أخرى. لقد نجحنا في حشد الطلاب في أكبر إحتجاجات جماهيرية ضد قانون التعليم العالي النيوليبرالي، تماماً كما ساعدنا عمال المناجم وعمال النفط وعمال النسيج وعمال مراكز الاتصال على التنظيم في نقابات ديمقراطية جديدة.
وأنتهج هذا التنظيم السياسي طريقاً يرفض تماماً تدخل مؤسسات وعمل الدولة،الذي يجب أن ينتهي. العمال والطلبة والشبيبة والمتقاعدون شجعونا وبإستمرار على العمل والمضي قدماً،مع إتاحة الفرصة للتصويت للحزب الجديد.الهدف هوأن نكون أكثر من مجرد حزب يركز على الأنتخابات فقط،الحزب بالنسبة لنا، هو المكان الذي لا يعبر فيه عن مصالح العمال فحسب، بل قيامه أيضاً بدور نشط في النضالات الاجتماعية. بهذا المعنى نريد إنشاء حزب ديمقراطي للجماهير، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعمال والطلاب والمنظمات النسوية ومنظمات المناخ وعلى مسار مشترك.
ويؤكد رئيس الحزب أريلند كوري، أن الحزب الجديد سيعمل على توحيد الفصائل الطبقية ،فقد أدت الأيديولوجية النيوليبرالية السائدة - مثل أي مكان آخر في العالم - إلى تجزئة وعزل وأستغلال العمال والمتقاعدين والطلاب وتلاميذ المدارس والعاطلين عن العمل والنساء والمهاجرين. نحن بحاجة إلى تحالفات موثوقة من أجل المستغَلين، والذين يتعرضون للتمييز والأضطهاد، الذين يشكلون 95 في المائة من السكان في ألبانيا. نحن بحاجة إلى قوة مضادة جديدة وموحدة تبني اليوم هياكل الغد الديمقراطية.
أعضاء الحزب ( Lëvizja Bashkë) هم أهم مورد لنا،لايمثله كعضو فقط بل كمشارك نشط. فالأعضاء ينتخبون كل سنتين رئيساً جديداً للحزب، تكون وظيفته رمزية الى حد ما، حيث يتم أتخاذ القرارات المهمة في لجان العمل. ينتخب الأعضاء أيضاً مجلساً تنسيقياً، وهو أعلى هيئة لصنع القرار بين مؤتمري الحزب.
ولتسهيل العمل التنظيمي ينتخب مجلس التنسيق، الإدارة وأمانة سر، مكونة من تسعة أعضاء.
الحزب أشتراكي ديمقراطي، مهمته جعل ألبانيا مكاناً عادلاً،نريد فيها صناعة قطاعات أقتصادية أستراتيجية مثل التعدين وإنتاج النفط ومعالجته، والحفاظ على الممتلكات العامة. يجب أن يكون التعليم والرعاية الصحية متاحاً للمواطنين مجاناً. نريد إنشاء إسكان اجتماعي ووسائل نقل عام محلية مجانية.
أحد أهتماماتنا المركزية هو الاستمرار في تقوية النقابات الجديدة وتحويلها إلى لاعبين أجتماعيين. نحن نؤمن إيماناً راسخاً بالمساواة بين الجنسين ومكافحة أي تمييز على أساس العرق أو الدين أو الجنس. كما نرى أن الدولة المسؤولة يجب أن تفعل كل ما في وسعها لمنع كارثة المناخ. وعلى الصعيد الدولي، ندافع عن حق الشعوب في تقرير المصير، والمساواة والتكافؤ بين الدول، والسلام بين الشعوب.
ألبانيا يحكمها سياسياً ومنذ ثلاثين عاماً حزبان، يسار الوسط الرسمي(الحزب الاشتراكي) ويمين الوسط (الحزب الديمقراطي). الفروق الأيديولوجية كانت منطقية في أوائل التسعينيات. سعى الحزب الاشتراكي، كخليفة لحزب العمال - الذي حكم بدوره على النمط الستاليني بين عامي 1944 و 1991 - إلى سياسات أشتراكية ديمقراطية معتدلة، في حين دفع الحزب الديمقراطي بالتشدد نحو الإصلاحات النيوليبرالية.ومع ذلك، وعلى مر السنين، أختفت الاختلافات البرنامجية بين هذين الحزبين تماماً. نفذ كلاهما مشاريع خصخصة عملاقة في السنوات الأخيرة ولم يقتصر الأمر على حرمان المجتمع الألباني من سلطة صنع القرار، ولكن أيضاً من مشاركته في المكاسب الاقتصادية. لقد أصبحوا الآن شركاء تابعين تماماً للأوليغارشية التجارية الألبانية، المكونة من حفنة من رجال الأعمال الأثرياء جداً.
واليوم، لا تحصل هذه الأحزاب الفاسدة تماماً التي تمولها الأوليغارشية على الأصوات إلا من خلال بناء شبكة زبائن واسعة، فهي توفر لبعض الفقراء فرصة العمل في إدارة الدولة. وتشتري الأصوات على نطاق واسع. وأغلبية من يحق لهم التصويت لم يعودوا يصوتون على الإطلاق. تم تسهيل هذه العملية بالطبع من خلال تفكك الطبقة العاملة.
النظام الستاليني الذي حكم ألبانيا لمدة 47 عاماً لايزال يضطهد اليسار اليوم، على الأقل أيديولوجياً. منذ الأيام الأولى بدأت الحملات ضدنا كناشطين علناً باعتبارنا "شيوعيين يريدون إستعادة الديكتاتورية والصعوبات الاقتصادية في هذا الوقت". ومع ذلك، أعتقد أننا سنكون قادرين على إقناع غالبية الناس بأننا قوة سياسية من اليسار الديمقراطي ويجب حماية الديمقراطية وتحسينها وتوسيعها.
أما بالنسبة لإرث النظام السابق، فنحن بحاجة إلى فهم السياق التاريخي لتشكيله وتطوره وفساده. جاء "الشيوعيون" إلى السلطة في ألبانيا المتخلفة للغاية بعد أن قادوا النضال من أجل التحرر من الاحتلال النازي. منذ البداية، أنشأوا حزباً هرمياً مع الانضباط العسكري وعبادة القيادة. قبل الحرب العالمية الثانية، كانت الطبقة العاملة في ألبانيا صغيرة وتفتقر إلى أي تنظيم حقيقي. من ناحية أخرى، ومنذ إعلان الاستقلال في عام 1912، لم يكن لألبانيا أي تقليد ديمقراطي تقريباً. لذلك كان الحزب الشيوعي متأثراً بالنموذج الستاليني، بنى نظاماً ديكتاتورياً يشبه بشكل متزايد ديكتاتورية على الطبقة العاملة.
حاول النظام تحديث البلاد بالمعنى الستاليني. بدأت في تصنيع ألبانيا جزئياً، حيث قامت باستثمارات مهمة في البنية التحتية وبناء العمود الفقري لدولة الرفاهية. لقد حاربت الأمية، وأنشأت مدارس عامة حتى في أكثر القرى النائية، وأسست أول جامعة في تاريخ ألبانيا. كما مهد الطريق لتحرير المرأة.
طغت على هذه الإنجازات طبيعة قمعية للطبقة المتسلطة، وهي رقابة أجتماعية خانقة، على سبيل المثال، كان يُمنع الاستماع إلى الموسيقى الغربية المعاصرة أو مشاهدة أفلام معينة وقراءة بعض الكتب، ناهيك عن قواعد اللباس، وأبرزها الشباب المنفصل عنهم (النظام)، وأثناءالانهيار الاقتصادي في أواخر الثمانينيات وصل الحال، أن الناس لم يتمكنوا من العثور على الحليب المجفف.
ومع ذلك، كانت هناك مشاريع تقدمية مثل دعم المدارس العامة وتحرر المرأة. يجب ألا نتجاهلهاعندما ندين أنفسنا ونبتعد عن النظام القديم، ولكن يجب إعادة تفسيرها وإثرائها ووضعها في سياقها، في نضالنا من أجل مجتمع أفضل وأكثر عدلاً اليوم.


الاقتصاد الألباني يمثل هيكلاً لبلد هامشي في النظام الرأسمالي العالمي. ما يقرب من 40 في المائة من الطبقة العاملة يعملون في الزراعة. معظم هؤلاء هم من صغار المزارعين الذين ينتجون القليل جداً للسوق المحلي، بينما هناك عدد قليل من الشركات الكبيرة الموجهة للتصدير. ثاني أكبر جزء من الطبقة العاملة يعملون لحسابهم الخاص أو يعملون في الشركات العائلية في تجارة التجزئة، وفي وظائف الخدمات التي تتطلب مهارات منخفضة وجزء منه في السياحة. يوجد عمال صناعيون في قطاع النسيج، حيث تعمل الشركات المحلية كمقاولين للعلامات التجارية الأجنبية الكبرى، وفي الوقت نفسه، يتم توظيف الشباب المتعلمين بشكل متزايد في مراكز الاتصال.
الصناعات القديمة، مثل مصافي النفط والكيمياويات والهندسة والتعدين، إما تلاشت خلال الثلاثين عاماً الماضية من خلال الإصلاحات النيوليبرالية أو توفر وظائف بالكاد. وتعمل الغالبية العظمى من الطبقة العاملة الألبانية في شركات صغيرة جداً، معظمها لا يزيد عن خمسة إلى عشرةعمال. هيكل الاقتصاد الألباني والنفوذ المتزايد لحكم القلة وموقف الدولة المتكيف تجاه الطبقة الحاكمة، جسدهُ رئيس الوزراء (إيدي راما)، الذي حث المستثمرين الإيطاليين علناً على الاستثمار في ألبانيا لأنه "لحسن الحظ لا توجد نقابات عمالية في ألبانيا". وحقيقة أن الطبقة العاملة غير منظمة. يشعر العمال بالعجز في مكان العمل وفي المجتمع ككل.
ومرة أخرى تدهورت الأحوال المعيشية للغالبية العظمى من الناس في ألبانيا، نتيجة للأزمة الاقتصادية في أعقاب حرب أوكرانيا. وبلغ معدل التضخم الرسمي 7.4 في المائة، وأرتفعت أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 20 إلى 50 في المائة. وكانت ألبانيا حتى قبل الأزمة الحالية، من بين أفقر البلدان في أوروبا، حيث أحتلت المرتبة الرابعة أو الخامسة في قائمة البلدان ذات الحد الأدنى ومتوسط الأجور.
لهذا كانت أولويتنا السياسية لإكثر من عقدٍ هي مساعدة العمال على التنظيم في نقابات مستقلة وقوية. فالنقابات الصفراء، أي المؤيدة للشركات، هي القاعدة، إلى جانب النقابات الموروثة و "الوهمية". لطالما كان الأخيرون تابعين للأحزاب السائدة الفاسدة وليس لديهم قاعدة اجتماعية حقيقية. يتم أستخدامها لأغراض دعائية من قبل الحكومة أو بعض الشركات الكبرى.
بسبب الاستياء المتزايد بين العمال وأستراتيجيتنا في أخذ مخاوف العمال إلى مجاله العام، حدثت تطورات جديدة في السنوات الأخيرة. تم تشكيل أربع نقابات جديدة بين عمال المناجم وعمال حقول النفط وعمال النسيج ومراكز الاتصال. تغلبنا معاًعلى صعوبات هائلة. كان معظم العمال ولا يزالون خائفين جداً من الطرد إذا انضموا إلى نقابة. ومع ذلك هناك أيضاً نجاحات.
كان الإضراب الأخير، الذي نظمتهُ جميع العاملات في شركة نسيج في بيليشت، وهي بلدة في جنوب شرق ألبانيا ناجحاً. بعد أن فصلت الإدارة قادة النقابات، دخلت جميع العاملات في إضراب عنيف وبعد ثلاثة أيام أضطرت الشركة إلى الاستسلام وقبلت المفاوضات للتوصل إلى اتفاق جماعي. هذا نادر جدا في ألبانيا.
نحن نعمل وعن كثب منذ عام 2019 مع عمال المناجم في بلقيزة، في كفاحهم من أجل ظروف عمل أفضل. الأمر المميز هو أن خصمنا وصاحب المنجم سمير ماني، كان من أغنى وأقوى الرجال في ألبانيا، مباشرة وبعد تشكيل نقابة لعمال المنجم، تم فصل رئيسها، (إلتون دبريشي)، وثلاثة نقابيين آخرين بشكل غير قانوني. بدأ عمال المناجم إضراباً لمدة شهر تقريباً وقاموا ببعض الاحتجاجات. في النهاية، فازت الأوليغارشية، معتمدة لدعم الحكومة مع صمت وسائل الإعلام الرئيسية.
في عام 2021،أعلنا دعمنا، حين قررعمال المناجم أستغلال فرصة الانتخابات العامة للفت الانتباه إلى ظروف عملهم،حيث شجعوا (إلتون دبريشي) كمرشح مستقل عن منطقة ديبرا. من حيث الوعي العام، كانت الحملة ناجحة للغاية. لأنه للمرة الأولى تحدى عامل الأحزاب الرئيسية في واحدة من أفقر مناطق ألبانيا. حتى الشخصيات العامة والفكرية المهمة من العاصمة تيرانا أعلنت دعمها لترشيح دبريشي.
في ذلك الوقت كنا لا نزال نشطاء في منظمة Organizata Politike(التنظيم السياسي) وعملنا لعدة أشهر في مدينة بولغيزا وغيرها من القرى والبلدات في منطقة ديبرا، أبلغنا الناس عن مصير عمال المناجم وإقناعهم بالتصويت لصالح (إلتون دبريشي) ومع ذلك، كانت معركة غير متكافئة للغاية. أنفقت أحزاب التيار الرئيسي مبالغ طائلة لشراء الأصوات، مع إغتنام كل فرصة لتخويف الناخبين الذين لا يريدون اتباعها.
وعلى الرغم من تمتع دبريشي بدعم قوي خلال الحملة وتنظيم أحداث كبيرة حتى في القرى النائية، إلا أنه حصل على 1٪ فقط من الأصوات. من هذه الهزيمة تعلمنا أننا بحاجة إلى منظمة أقوى وأننا بحاجة للوصول إلى مجموعات أكثر في المجتمع من مجرد عمال المناجم والنفط التقليديين.
من ناحية أخرى فأن غالبية الناس العاديون تُشكك في الترشيحات المستقلة. إنهم بحاجة إلى وجود حزب سياسي حقيقي، له هياكل في كل مكان، لإبراز صورة القوة والسلطة. على سبيل المثال، أثناء الحملة الانتخابية واجهنا في كثير من الأحيان السؤال التالي: ما الذي يمكن أن يفعله نائب في البرلمان إذا لم يكن جزءاً من مجموعة برلمانية أو حزباً سياسياً وطنياً مناسباً؟
لقد فهمنا أنه في هيكل اقتصادي غير صناعي حيث تعمل الغالبية العظمى من الطبقة العاملة إما لحسابها الخاص أو يعملون في شركات صغيرة جداً،والتي غالباً ما تكون عائلية، لا يمكن للمرء أن يُكون مجرد منظمة للطبقة العاملة. هناك حاجة لبناء حركة اجتماعية وسياسية أكثر تنوعاً تشمل طبقات شعبية أخرى، من المرأة الفلاحة إلى المتقاعدة من الطبقة الوسطى، إلى سيدة الأعمال الصغيرة. في الأساس، الحاجة هي لحزب جماهيري يأخذ الاختلافات الاجتماعية في الاعتبار. هذا ما نريد تحقيقه مع Lëvizja Bashkë.
ليس هناك مجال للأوهام في السياسة. الواضح لنا، أننا نعمل في واحد من أكثر الأنظمة السياسية والاقتصادية فساداً في أوروبا، في بلد هامشي من النظام العالمي الرأسمالي، مع أقتصاد متخلف ومستوى مرتفع جداً من الهجرة، خاصة من الشباب.
لكن ألبانيا لديها أيضاً الموارد الاقتصادية والبشرية اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة. لديها القدرة على بناء مؤسسات ديمقراطية وخاضعة للمساءلة، فضلاً عن القدرة على تحقيق التقدم. وهذا يتطلب توحيد وتنظيم الفصائل الطبقية. هذا هو المكان الذي أرى فيه مهمتنا كحزب، علينا الجمع بين النضالات المختلفة للمحرومين والموظفين وبناء قوة مضادة للنخب الفاسدة في البلاد.
ويجب ألا ننسى أن ألبانيا جزء من عالم مترابط، وإن كان ذلك بطريقة هرمية. بهذا المعنى، وبغض النظر عن أهدافنا وأعمالنا في البلد، لا يمكننا تحقيق كل شئ. فالبشرية تواجه اليوم تحديات وجودية، الحروب والكوارث المناخية وعدم المساواة الاجتماعية والفقر. لذلك لا يمكننا فهم أفعالنا إلا في إطار حركة ديمقراطية وتحررية عالمية لا تسعى فقط لإنقاذ البشرية من مخاطر الحاضر، ولكن أيضاً لبناء عالم غد عادل، تعيش فيه الشعوب في سلام وتضامن. تكون قادرة على العيش مع بعضها البعض. لا يمكن أن يكون التضامن اليوم عاطفياً فقط، لأن مصير كل منا يعتمد أكثر فأكثر على ما يحدث خارج حدود البلاد.
هناك نسبة كبيرة من الشباب الألبان إما عاطلون عن العمل أو يتقاضون رواتب متدنية ولا يرون أي مستقبلٍ في بلدهم. وهذا ما يدفعهم للهجرة إلى أوروبا الغربية بعشرات الآلاف كل عام، وخاصة الى بريطانيا وألمانيا. على سبيل المثال، إذا عمل شخص ما كنادل في مقهى في تيرانا، فإنهم لا يكسبون أكثر من 250-300 يورو شهرياً. مبلغ يكفي للأيجار فقط.
لقد دمر النموذج النيوليبرالي البلاد تماماً، مما أدى إلى نشوء زمرة من الأوليغارشية الذين يسيطرون على معظم الموارد الاقتصادية. إنهم يستثمرون في مناطق مضاربة وغير منتجة أو هم ببساطة المستفيدون من العقود العامة أو الشراكات الفاسدة بين القطاعين العام والخاص. ألبانيا بحاجة إلى تطوير زراعتها من خلال دعم التعاونيات وتحديث القوى المنتجة. نحتاج أيضاً إلى سياسة صناعية جديدة، وتوسع ذكي للسياحة، وأستثمار في العلوم والبحوث.ونحن لا نؤمن بالقصص الخيالية للسياسات التمثيلية البحتة. نحن مقتنعون بأن المشاركة في بناء مجتمع عادل لا يمكن نجاحه إلا مع الناس. ألتزامهم يعني تقوية المشترك، واللامبالاة تعني إضعاف المشترك. نحن لا نرى أنفسنا كقادة لطبقات تابعة.
نضع أنفسنا في الاعتبار،كوننا نريد بناء حركة سياسية قائمة على تقرير المصير ومع أولئك الذين يأخذون زمام المبادرة أولاً، ليكونوا الحافز لتنشيط الآخرين، والمساعدة في خلق تعددية قوية وديمقراطية، نحن بأمس الحاجة لها.