قادة إفريقيا ومشروع الوساطة في الحرب الروسية الاوكرانية


خالد بطراوي
2023 / 5 / 17 - 00:21     

بتاريخ 16/5/2023 نشرت وكالة "وطن" الاخبارية خبرا يحمل عنوان "جنوب إفريقيا تعلن موافقة روسيا وأوكرانيا على وساطة القادة الأفارقة في مبادرة السلام". وجاء في الخبر أن رئيس جمهورية جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا قد صرح بأن "روسيا وأوكرانيا وافقتا على وساطة القادة الأفارقة لبحث آفاق الأزمة الأوكرانية ضمن مبادرة السلام" موضحا في ذات الوقت أنه قد قدّم "المبادرة نيابة عن نظرائه في زامبيا والسنغال والكونغو وأوغندا ومصر " وأن كلا الزعيمين الروسي فلاديمير بوتين، والأوكراني فلاديمير زيلينسكي ( أي الفلاديميريين) قد أعربا "خلال مكالمة هاتفية عن استعدادهما لقبول وساطة رؤساء الدول الإفريقية في مبادرة السلام، الرامية لحل الأزمة الأوكرانية".
إن ألف باء الدبلوماسية يقضي بأن لا ترفض أدبيا كلا من موسكو وكييف جهود الوساطة. ومن بديهيات العمل الدبلوماسي إمتيازه باللباقة والروية وطول النفس ضمن ما يسمى بالبرتوكول الدبلوماسي. وكبار العسكر يقولون عند تدريسهم مادة العلوم العسكرية أن الهدف من الحرب ... ليس الحرب بحد ذاتها، وإنما الجلوس على طاولة بيضاوية الشكل ( وحتى ليست مستديرة) بغية إجراء مفاوضات، لكن هناك فرق بين كيف تجلس على هذه الطاولة، هل تجلس مهزوما ... أم تجلس منتصرا؟ والمنتصر هو وحده الذي يملي الشروط سواء عقد جلسات الحوار بوجود وسطاء ( طرف ثالث) أم أتى أحد الأطراف المتنازعة رافعا الراية البيضاء مستسلما.
وهنا، يا سادة يا كرام بيت القصيد .... فحتى هذه اللحظة لا يوجد في الحرب الروسية الآوكرانية ... حرب الأقارب والأصهار ... من هو رابح ... أي منتصر ... ومن هو خاسر .. أي مهزوم، رغم إقرار العالم برمته بالتفوق الروسي العسكري بدرجات كبيرة على قدرات الجيش الأوكراني .. ومن لف لفهم.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن العالم برمته يعلم تمام العلم أن الحرب الدائرة على الأرض الأوكرانية وأن الأوكران هم "بوز المدفع فيها" ... إلا أن حقيقة الأمر أن الحرب الدائرة هي بين قوى الغرب ( التي تقاتل في غير ملعبها وأرضها) وروسيا، إذا ما سلمنا جدلا أن روسيا ليست جزءا من المؤامرة الكونية الإمبريالية. وبالتالي فإن القرار بالمشاركة في إجتماعات وجهود المصالحة ليس قرارا أوكرانيا بحتا وإن كان سيتم من خلال أدوات (أشخاص) أوكران، سيحمّر ظاهر يدهم من كثرة "كفوف الغرب" عليها كي لا يوقعوا ما يوحي بأنه إستسلام للروس.
إستنادا الى كل ما تقدم، وإن كنت شخصيا أشجع أي جهد لوقف هذه الحرب المدمرة، إلا أنني أرى أن جهود الوساطة الإفريقية لن تتكلل بالنجاح وعلى الأرجح أنها ولدت ميته، وستدخل الحرب الروسية الآوكرانية مرحلة جديدة من مراحل " ضربة ع الحافر .. وضربة على المسمار" ... بمعنى سيكون هناك ضربات عسكرية متبادلة مختلفة الميزان المائل لصالح روسيا، مع جولات الوساطة.
ويقول المثل العربي .... يا شاري الخبر بفلوسه .... إستنى تيجيك ببلاش.