جندي هنا .... وجندي هناك


خالد بطراوي
2023 / 5 / 13 - 18:46     

أذكر تلك الدعابة عندما كنا على مقاعد الدراسة الجامعية في الإتحاد السوفياتي عندما سأل المحاضر الجامعي ذلك الطالب الأجنبي الذي بدأ يتعلم اللغة الروسية مستفسرا " ما هي الحرب؟" فأجاب الطالب بلغته الركيكة قائلا " الحرب هي جندي هنا وجندي هناك ... دبابية هنا ودبابة هناك" فرد الماحضر الجامعي بالقول " علامة الرسوب "2" هنا في دفتر العلامات .... والباب هناك".
ليت الحرب في هذا العصر إقتصرت على المواجهة الفردية ... جندي هنا ... وجندي هناك ، أو إقتصرت على الدبابات التقليدية حيث كانت الأهازيج الأردنية تقول " دبابات بجنزير ... لا ستيرنغ ولا جير" أي بدون مقود دائري وبدون علبة غيار ناقل الحركة.
هذه الأيام ... الحرب أيها الأفاضل ... أسلحة متطورة تكنولوجيا أكثر فتكا بالكائنات الحية والجماد، وتدار من خلال شاشات صغيرة ومن على بعد ولا تحتاج الى المواجهة الفردية.
ناهيكم عن ذلك، فإنه وباستثناء الأسلحة اليدوية الخفيفة كالمسدسات والبنادق الأتوماتيكية اليدوية حيث تعتمد على خبرة العسكري في التصويب والقنص، فإن كافة الوسائل القتالية العسكرية تحدد الهدف وفقا لإحداثياته السينية والصادية التي بموجبها يتم "تحييد الهدف" كما يقولون بلغة العسكر بمختلف اللغات، وعليه، فإن التقنيات العسكرية توظف الهندسة والإحداثيات والزوايا لضمان دقة التصويب نحو الهدف.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن ما يجري حاليا في قطاع غزّة من عدوان صهيوني شرس على أهلنا هناك، يعتمد بالدرجة الأساسية على التكنولوجيا العسكرية ( قليلة التطور وليس الحديثة المحدثة) القادرة على الإمساك بزمام دفة العدوان العسكري، حيث طغى على الضربات الاحتلالية إستهداف الشقق السكنية بعينها بقصد تنفيذ إغتيالات فردية لقادة ومقاومين فلسطينيين حتى لو نجم عن هذا الإستهداف سقوط ضحايا من أفراد العائلة أو الجيران، وفي ذلك مساس بكل الأعراف الدولية والعلوم العسكرية التي تفرض على العسكر " الإحتياط كي لا يصاب مدني" وبعكس ما يجري تصويره لنا في الأفلام الهوليودية بأن العسكر قد ألغوا عملية عسكرية أو تفجير لأنه ثبت لهم وجود مدنيين أبرياء في المنطقة.
كما ويلاحظ في الضربات العسكرية الإحتلالية أيضا إستهداف الأراضي غير المأهولة بالسكان أو الأبنية، وهي عمليات تهدف بالدرجة الأساسية الى ضرب الأنفاق تحت الأرض التي عبرها يتحرك المقاومون الفلسطينييون.
إن ما يحصل في قطاع غزّة حاليا من عدوان إسرائيلي غاشم، ما هو إلا فصل من فصول مسلسل قديم بطله زعماء وقادة دولة الإحتلال الذين تمنوا ذات يوم " إغراق قطاع غزّة في البحر".
سينتهي هذا الفصل من العدوان ... بإتفاق تهدئة .. كغيره من الإتفاقات السابقة، سيكون إتفاقا هشا ... منعدم الأساس بالأصل طالما أن هناك دولة إحتلال تحاصر شعبا بأكمله، وتتنكر لحقوقه في الإستقلال الحقيقي والانعتاق من الإحتلال.
أمنيات بالسلامة لأهلنا وأحبتنا في قطاع غزّة ... الصابرون الصامدون.