العراق وظاهرة الفساد الإداري


فلاح أمين الرهيمي
2023 / 5 / 13 - 12:17     

إن الفساد الإداري ظاهرة موجودة في دول العالم إلا أنه يختلف بأشكاله ومستوياته وليس مثل انتشاره في هيكل الدولة العراقية حيث وجد مناخاً جديداً ومشجعاً ومقرباً وخاصة بعد التغيير الذي حدث عام/ 2003 وخاصة من شكل النظام السياسي الذي ساد في البلاد القائم على أساس المحاصصة الطائفية والحزبية من خلال التدفق المالي الكبير في ارتفاع أسعار النفط ومن خلال التعامل مع الشركات الأجنبية وخاصة الأمريكية والتعامل مع الجهاز الإداري العراقي وتفشي ظاهرة الهدايا والكومشنات من تلك الشركات الأجنبية في تعاملها مع الأجهزة الإدارية العراقية وتعدد مصادر الصلاحيات الاقتصادية من خلال إعادة إعمار ما هدمته الولايات المتحدة الأمريكية وحروب نظام صدام مع إيران والكويت وسقوط النظام وقد رافق ذلك المحسوبية والمنسوبية وضعف استقلالية القضاء العراقي وتشجيع الاحتلال الأمريكي لعملية الفساد الإداري في العراق ومن ثم تحويل الاقتصاد العراقي إلى اقتصاد ريعي وتخصيص واردات النفط في استيراد المواد الغذائية والسلعية من الدول الأجنبية ويمكن تشخيص العديد من الملامح والخصائص باقتصاد الفساد في مفاصل الاقتصاد في ظاهرة الاقتصاد الريعي وغيرها في مؤسسات الدولة العراقية ومن أجل الخروج من ظاهرة الفساد الإداري المتفشي في جميع هيكل الدولة العراقية لا يختصر على خطوات اقتصادية وإنما يجب تصحيح في بنية النظام السياسي العراقي التي أتاحت من خلال نهج المحاصصة الحزبية والطائفية نمواً كبيراً لاقتصاديات الفساد الإداري وفسحت المجال أمام حيتان الفساد الضخمة لتبتلع الدولة بكامل مؤسساتها إضافة إلى المجتمع الذي بقي أسير ما تفرضه من سياسات اقتصادية ظالمة أدت إلى رفع مستوى الفقر والجوع والبطالة وتفشي ظاهرة المخدرات وانفلات السلاح والعنف الأسري وزادت الفوارق الطبقية والهوة بين الطبقات السياسية المالكة والناهبة أموال الشعب والطبقات الفقيرة.
إن حكومة السوداني بدأت مشروعها الإصلاحي بمحاربة الفساد الإداري والقضاء على حيتانه الكبيرة والسلبيات التي أفرزها وسببها نظام المحاصصة للأحزاب السياسية والمطلوب من السوداني أن ينطلق من خلل النظام السابق وبالدرجة الأولى القضاء على ظاهرة المحاصصة في نظام الحكم وما عدا ذلك ستبقى عملية الإصلاح في إطار التضليل في دائرة فلك الدائرة في فلك المشكلة ... إن جهاز الدولة العراقية في الأزمنة السابقة لا يتعدى عددها عن ثمانمائة وخمسون ألف موظف ومستخدم إلا أن تضخم الجهاز الإداري للدولة العراقية تضخم وأصبح تعداده حوالي أربعة ملايين ونصف بعد عام/ 2003 وأصبحت هذه العملية من خلال المنافسة بين الأحزاب والكتل السياسية في كسب هذه العناصر وانحيازها في الانتخابات للأحزاب والكتل السياسية وقد أشار أحد المعلقين فقال (إن عددهم ونسبتهم في الدولة الذين ينتمون للأحزاب والكتل تبلغ 82% ونسبة 18% من المستقلين) وإن هذه الأعداد الكبيرة المحسوبة على الأحزاب والكتل السياسية والمدعومة منهم سببت بظهور ظاهرة (الفضائيين) والبطالة المقنعة وأصبحت مستمرة في جهاز الدولة حوالي عشرون عاماً أصبحت ظاهرة الفساد الإداري صفة تعلموها من المحاصصة وحيتان الفساد الإداري.
وإذا كان السيد السوداني جاداً في عملية الإصلاح ومحاربة الفساد الإداري لا يقتصر عمله ونشاطه على المدراء العامّين وتطهيرهم وإبعادهم عن المناصب المهمة في الدولة وإنما يجب عليه البحث عنهم في النسبة الكبيرة 82% من الموظفين الذين يشكلون القاعدة الأساسية للدولة العراقية التي لها علاقة مباشرة مع المشاريع المختلفة والمصاريف الكبيرة والأعمال المنتشرة وعند ذلك يتم اجتثاثهم ونقلهم إلى وظائف ليس لها علاقة بالمصروفات المالية والمشاريع المختلفة التي ينوي السوداني إنجازها.