موسم التحالفات العراقية .. في خريف سياسي نادر


علي عرمش شوكت
2023 / 5 / 12 - 19:11     

تزدهر في الغالب حركة التحالفات السياسية على سكة قطار الانتخابات التي تمتلئ مسافاتها كما يبدو بمحطات الجدل العسير المستدام، الذي يغلب " الجدل البيزنطي " في مطاطيته. كامناً في متاهات ليست لها منفذاً. حيث ينطوي على بداية ولكن فاقداً للنهاية. وحينها لا يلمس منه المواطنون حصيلة منتظرة، كونها تبدو شبيهة بهلال عيد رمضان المنتظرالذي من شأنه انهاء الصيام وارجاع الصائمين الى ممارسة حياتهم الطبيعية.. لاشك بأن الحياة السياسية في عراق اليوم معرضة ابداً للتسلط والتعسف والفرض والسطو الجائر على حقوق الناس، دون اي واعز من ضمير انساني.
لذا تطرح نفسها الدوافع العازمة على خلق التغيير الديقراطي الضروري، لان الجو السياسي اليوم لم يبق له نصيب بين المواسم الاربعة، سوى ما هو اكثر بؤساً منها، اي خريف سياسي بامتياز خاضع لعوصف وزوابع ضاربة. واذا ما كان هذا قد سلخ (العملية السياسية) وقلبها على " البطانة " . اذن ماذا سيفعل شقيقه الشتاء السياسي القادم المكشر عن انيابه؟ . سيما وان اوساطاً تأكد وكذلك العديد من القرائن والمعطيات، بان قيادة البلد سوف تغتصب من قبل اطراف خارجية من دون الذهاب الى قاضٍ، واذا لم يتم الاتقاء منه بدرع التحالفات الواعدة سيعقبه شتاء لا تحمد عقباه، الذي سينطبق عليه المثل الشعبي القائل " ان فلاناً اتعس من اخيه " .
نتمنى على قادة قوى التغيير ان يبتعدوا عن مناخ المحاصصة، الذي يزكم الانوف، خشية ان تتلوث تحالفاتهم بسخامه، ولن تحظى بعمر مديد. نقول ذلك ونحن عبر البحار، وتصيبنا شظاياه عندما نسمع بشيء من هذا القبيل للاسف الاكثر من شديد.. من المعروف جداً بان جوهر التحالفات هو القبول بانصاف التنازلات المتقابلة، والنصف الاخر هو التلاقي حول مشتركات وطنية عامة. اي انها مصالح الشعب والوطن التي تعطي مليون عذر مقبول مشجع على انصاف التنازلات. المفعمة بحكمة وعقل المصير المشترك. نتمنى ونحن واثقون من توجه كافة قوى التغيير الديمقراطي الشامل ان ترسوا سفنهم على " بلاتفورم " العراق المتعافي.
ان التحالف الذي يولد وسط تحالفات اقوى منه بقوة قمع وبقوة مال وبرعاية سلطة ودعم خارجي، يصبح كحال ذلك الذي يمشي على حبال السرك المعلقة فوق هاوية سحيقة. المقصود التحلي بالتوازن الحذر. وبخاصة صيانة وحدته التي ينبغي ان تكون غير قابلة للكسر اوللمحاصصة. بل التمسك بوثائق البرنامج التحالفي المصاغ ديمقراطياً، والضامن لمصالح اوسع الجماهير.. عذراً لنترك التنظير الزائد بل ندعو الى عدم الابتعاد عن الجماهير وفي ذات الوقت الابتعاد عن الغرف المغلقة، لكي تبان الاراء والادوار البناءة وعكسها ايضاً، كي يتعزز التحالف بقناعة القواعد الجماهرية الحاضنة والضامنة المؤتمنة.
ثمة سؤال يغتصب الوقت منا ويطرح نفسه : هل ينبغي ان نعود للتاريخ لنكتسب خبرة منه ؟، نعم لقد شكلت " جبهة التحالف الوطني " عام 1957 اعظم تحالف وطني جامع وناضج، وبمسوى الظروف الراهنة انذاك، بل وكانت الخميرة النضالية التي انجبت ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 . اي بعد عام واحد فقط. ولكن من المهم ان نستذكر الوجه الاخر منها. بمعنى بعد نجاح الثورة لنرى ماذا حصل حينما لم يلتزم حزب البعث بمواثيق التحالف بطرحه شعار الوحدة العربية الفورية. وهذا ما شكل ردحاً منفلتاً خارج النص. مما خلف جسامة الخسائر جراء ما ترتب عليه، الذي مازل الشعب العراقي يسدد ثمنه الباهض. فهل نتعض جميعاً ؟؟