في أهمية تسييس العمال وعموم الكادحين / ترجمة مرتضى العبيدي


مرتضى العبيدي
2023 / 5 / 12 - 02:50     

فرض انتشار وباء كوفيد 19 على نطاق واسع على جميع التنظيمات السياسية والاجتماعية والمدنية التقليص من حجم نشاطها المباشر في الأوساط الجماهيرية والاقتصار على التواصل معها عبر الوسائط الافتراضية. لذلك، حالما تحسّنت الحالة الوبائية هنا أو هناك، دعت الأحزاب الثورية مناضليها وأذرعها الجماهيرية إلى العودة إلى النضال الميداني وإلى الالتحام مجددا بالشرائح الاجتماعية المعنية بالتغيير الحقيقي للمجتمع. وتعميما للفائدة، نورد فيما يلي ترجمة لهذا النص الصادر في أحد الأعداد الأخيرة لصحيفة "إلى الأمام"، اللسان المركزي للحزب الشيوعي الماركسي اللينيني بالإكوادور.
لقد أكدنا في مناسبات مختلفة أن انتصار الثورة الاجتماعية للبروليتاريا مرتبط ارتباطًا وثيقًا بوجود حزب شيوعي قوي وكثيف الحضور في أوساط العمال والفلاحين والشباب والنساء، وبشكل عام بين الطبقات المستغلة والمضطهدة وعموم الطبقات الكادحة. وإذا ما اكتسب حزب البروليتاريا هذه الصفات، فسيكون قادرًا على قيادة حركة الجماهير ونضالها من أجل مطالبها وحقوقها السياسية؛ وتعتمد قدرته على العمل أيضًا على صحة سياسته من عدمها، من حيث تطابقها مع اهتمامات ومصالح الجماهير، وما إذا كانت مقترحاته تتضمن محتوى طبقيًا واضحًا وتتقيد بالمبادئ الماركسية اللينينية.
إن حزبنا يبذل جهوداً متواصلة لضمان تأكيد هذه العناصر في تصوراته وممارساته السياسية. إن بناء حزب البروليتاريا الثوري عملية مستمرة وليست ظرفية وستبقى كذلك ما دامت البروليتاريا ـ حتى وهي في السلطة ـ بحاجة إلى حزبها كأداة لممارسة ديكتاتوريتها الطبقية وللتقدم في عملية تفكيك الطبقات الاجتماعية في اتجاه بناء الشيوعية.
بشكل عام، عندما نتحدث عن بناء الحزب، فإننا نعني أيضًا تطوير قواه، أي ما أسماه ستالين " وسائط التبليغ" (courroies de transmission)، والتي تسمح لسياسة الحزب بالوصول إلى مختلف أقسام الجماهير. ورغم أننا قلنا إن بناء الحزب وقواه مهمة دائمة، فقد طلبت منا قيادة الحزب أن نولي المزيد من الاهتمام لهذا النشاط في هذه الفترة.
إن تقوية وتطوير قوى الحزب يتطلب في المقام الأول تحسين علاقات الحزب مع الجماهير. ماذا نعني بهذا؟ تتخذ هذه العملية عدة أشكال، مثل:
ـ الاتصال الدائم لمناقشة مشاكل الناس وآرائهم ومقترحاتنا السياسية؛
ـ تعزيز دور هؤلاء في البحث عن حلول لمشاكلهم وفي تحديد أشكال النضال الموصلة إليها ؛
ـ الحرص على أن تعمل المنظمات الجماهيرية بشكل صحيح، وتمثل مصالح أعضائها حتى يتماهى هؤلاء مع منظماتهم؛
ـ نشر السياسة الثورية في القطاعات التي نطور فيها عملنا بأشكال مبسّطة، والتعريف بمقترحاتنا وخلق الظروف لانتداب مناضلين جدد للحزب.
لذلك يمكننا أن نستنتج أن العنصر الأساسي لتحسين العلاقة بين الحزب والجماهير هو تسييس الجماهير. وقد كنا أوضحنا بعض جوانب هذه المسألة في العدد السابق للجريدة.
على الرغم من أن العديد من الناس - ربما الأغلبية - يقولون إنهم غير معنيّون بالسياسة، فإن الحقيقة هي أنهم بطريقة ما يشاركون في السياسة: إنهم يستمعون للآراء المنتشرة في وسائل الإعلام، ويستخبرون عن الظواهر السياسية من خلال الشبكات الاجتماعية، ويناقشون مواضيع مختلفة تتعلق بالسياسة في مكان العمل أو الدراسة أو الإقامة. إن المشكلة تكمن في أن وجهات النظر التي يعرفونها ويناقشونها هي الآراء التي تنشرها البرجوازية عبر جميع وسائل الإعلام، وبشكل عام، لا يتبنون موقفًا للدفاع عن مصالحهم الخاصة.
لدينا سياسة صحيحة، لأنها تمثل وتدافع عن مصالح عمال وشعوب الإكوادور، وثورية لأنها تقدم حلا نهائيا لهذه المشاكل، من خلال انتصار الثورة وبناء الاشتراكية. لذا يجب نشر هذه السياسة على نطاق واسع ومنهجي بكل الوسائل. لدينا جملة من الأدوات للقيام بذلك: لدينا "إلى الأمام" وصحف المنظمات الجماهيرية والمدونات والمواقع الإلكترونية والشبكات الاجتماعية والدعاية المباشرة؛ باختصار نحن ننظم الندوات والمناقشات والتجمعات في المنظمات الجماهيرية. لقد فرضت علينا الظروف التي يعيش فيها البلد والعالم – ونعني حالة الوباء والحجر -استخدام الإنترنت والتليماتية أيضًا للتواصل السياسي. نحن نستخدمها ويمكننا القول إننا نقوم بعمل جيد، وعلينا الاستمرار في استخدامها وتحسينه؛ ومع ذلك، لا يمكننا إغفال حقيقة أن العلاقة المباشرة مع الجماهير لا يمكن استبدالها بالعمل في الشبكات الاجتماعية، لأن العمل فيها له حدود خاصة فيما يتعلق بالتسييس. إن العمل على الشبكة مفيد للغاية في أعمال التحريض، والإدانة، في الإعلام عن الأحداث، ولكن بسبب أشكاله ورموزه التواصلية المفروضة، فإن له حدود عندما يتعلق الأمر بعملية تسييس جماهيرية شاملة ومتكاملة؛ وهذا يتطلب منا التوجه إلى الجماهير والنقاش معها والتحدث إليها بطريقة مباشرة بشأن سياستنا.
إن جلب السياسة الثورية إلى الجماهير أمر أساسي لبناء حركة ثورية، والتي ستكون القوة التي ستطيح بسلطة الرأسماليين وتقيم المجتمع العمالي.