كم الأفواه وسيلة في حماية أنفسهم من الشعب والكلمة الحرة الشريفة


فلاح أمين الرهيمي
2023 / 5 / 11 - 11:45     

أقر الدستور العراقي فسحة ضيقة من حرية التعبير من أجل المحافظة على شرف الكلمة واستعملت في الدفاع عن حقوق الشعب أمام تجاوزات وسلوك الآخرين وفضحهم أمام أبناء الشعب عما فعلوه وأوصلوا العراق وطن وشعب على ما نحن عليه الآن فسحت أمامهم الفرصة الحصول على الأكثرية النيابية في مجلس النواب عن طريق الترغيب والترهيب والالتفاف والتزييف فألفوا الحكومة وجاؤوا بالسوداني ليقدم لهم شهادة حسن السلوك أمام الشعب وسيطروا على الوزارات من خلال الخبراء والوكلاء وعلى لجان مجلس النواب وصادقوا على قانون الانتخاب (سانت ليغو) سيء الصيت من أجل الحفاظ على أكثريتهم في مجلس النواب للسنوات القادمة وكأنهم قرروا البقاء في السلطة إلى أبد الآبدين يحاولون الآن سن والمصادقة على قانون حرية التعبير من أجل كم الأفواه من خلال القانون والقضاء والسلطة وعدم فسح المجال للقوى الحية من وطنيين وديمقراطيين من استعمال حرية التعبير في الصحف ووسائل الإعلام وفضح أعمالهم وسلبياتهم التي استمرت عشرون عاماً في الحكم سادت فيه المحاصصة والتوافقية المصلحية والفساد الإداري والفقر والجوع والبطالة وتفشي المخدرات وانفلات السلاح وتهريب العملة وغسيل الأموال والانتحار والعنف الأسري وتحويل الاقتصاد العراقي إلى اقتصاد ريعي جعل الشعب استهلاكي وغير منتج وفضحهم أمام الشعب الذي يؤدي إلى فشلهم. وصيغة القانون سيء الصيت (حرية التعبير والتظاهر والتجمع) تذكرني بقصة الفيلسوف الإيطالي (جورداني برونو) عندما صدر حكم قاضي محكمة التفتيش سيئة الصيت في أحلك عصور مرت بها أوربا بإحراقه حياً لأنه نطق ضد تصرف وأحكام الكنيسة فوقف صامتاً وهو مربوط بسلاسل من الحديد وسط كومة من الحطب والخشب استعداداً لإحراقه في إحدى ساحات مدينة روما فجاءت امرأة عجوز ملابسها رثة وعلامات البؤس والفقر على وجهها وهي تحمل قطعاً من الخشب وألقتها في النار بعد أن ذكرت اسم الله بمعاقبة الفيلسوف فشعر الفيلسوف بخذلان وخيبة أمل لأنه كان يدافع عن المظلومين والفقراء من أشباه الامرأة العجوز فصرخ بحرقة غاضباً (اللعنة على الجهل المقدس) مما أثار الرعب والغضب لدى زمرة العسكر المحيطين به ليقطعوا لسانه ويكمموا أفواهه ويمنعونه من الكلام ويحرم من الكلام وإيصال رأيه للجمهور المتجمعين حول النار لمشاهدة حرق الفيلسوف ويعتبر إرهاب وإنذار لمن تسول له نفسه بمس الكنيسة آنذاك وأحكامها المجحفة القامعة للعلماء والأدباء والمفكرين والناطقين بالكلمة الشريفة والمدافعين عن حقوق الشعب.
هذا هو الجهل الذي ابتلي الشعب به لأنه يصدر من جاهل لا يقر ويعترف بجهله وإنما يعتبر نفسه سيد العارفين الخبير بكل فنون الحياة والسياسة ومعارفها وعلومها وهذا يعتبر أخطر مراحل الجهل الذي يمارس ضد الشعب لأنه يسبب بتبعات خطيرة من الصعب علاجها من عناصر تحمل صفة (الأنا) التي تمثل العظمة والكبرياء المستحكمة بالشخصية الجاهلة وخصوصاً إذا كان ذلك الشخص متعلماً وصاحب نفوذ ومكانة في السلطة فتزداد تبعات ذلك الجهل للمتعلم الأمي على المجتمع والمحيط به والدائرة حول نفوذه ويتحمل تبعات ذلك أصحاب الكلمة الحرة والشريفة من المفكرين والمثقفين والوطنيين والديمقراطيين ونحن الآن في القرن الواحد والعشرين عصر الثورة المعلوماتية والرجل الآلي وحرية الإنسان واحترام كرامته.