تساؤلات حول بعثة وفد المثقفين الى تونس


قاسم علي فنجان
2023 / 5 / 6 - 19:11     

((امر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بتخصيص طائرة خاصة لنقل وفد المثقفين المشارك في الدورة 37 لمعرض الكتاب في تونس، وقال مكتب السوداني أن هذا الدعم يأتي للمشاركة العراقية تأكيداً لنهج الحكومة في الاهتمام بالحركة الثقافية والنتاج الإبداعي العراقي، وتوفير أسباب التواصل لها، وتمكينها من تمثيل صورة العراق المشرقة أمام العالم)). هكذا تناولت اغلب وسائل الاعلام المحلية خبر الوفد المشارك في معرض الكتاب في تونس، مجموعة من "كتٌاب وصحفيين وشعراء وأساتذة جامعات وقراء كتب".

كثر الحديث عن هذا الوفد، وعلق الكثيرون على أسماء وشخصيات الوفد، واغلب تلك التعليقات كانت ناقدة وساخطة، رافضة بشكل تام مشاركة هؤلاء المثقفين، وقد ابدى الكثير من هؤلاء الناقدين امتعاضهم من الكيفية التي تم الاختيار بها الوفد، وأشار البعض الى تلاعب في تركيبة الوفد، رفع أسماء معينة ووضع بدلها أسماء أخرى، مثل الشاعر إبراهيم البهرزي، الذي رٌفع من قائمة الوفد، ووضع بدله اسم آخر، وقد قام الشاعر البهرزي ومن خلال صفحته الرسمية بنشر اعلان يوضح فيه وجود اسمه ضمن أمسية شعرية في معرض الكتاب في تونس؛ والبعض لمح الى "اعتبارات غير ثقافية حكمت بعض أعضاء الوفد".

الغريب ان من عزز التساؤلات والشكوك عن هذا الوفد هم أعضاء الوفد ذاته، فعندما رجع هؤلاء الى العراق، بدأ الكثير منهم ومن خلال صفحاتهم الشخصية ب (تبرير وتنظيف سمعته، وبأنه قد تم الاتصال به بشكل مفاجئ "حضر جوازك ولا تگول ليش")، واخرين رددوا بشكل هستيري مفردات "حسود، مبغض، كاره" لمنتقديهم، ومنهم من لاذ بالصمت، وكأن القضية لا تعنيه، او لا يريد ان يكون في خضم المعمعة.

السلطة، اية سلطة، بحاجة ماسة للمثقف، فهو الأكثر قدرة على اقناع الناس بشكل الدولة هذه او تلك، او على تنظيف سمعتها، والعبارة التي تقول "ان المثقف هو الأكثر خيانة، لأنه الأكثر قدرة على التبرير" هذه العبارة جدا صادقة، بالتالي فأن السلطة تسعى جاهدة، وبكل الوسائل الى تقريب هذا المثقف منها، وبشتى الطرق، حتى تضمن صمته عن اجرامها او فسادها، وتضمن "فلتر" ينقي ويصفي لها اجوائها العفنة.

الإسلاميون نجحوا في العراق -الى هذا الحد او ذاك- في جذب وشراء وتقريب جوقة المثقفين الى صفهم، عبر منح الأموال والمراكز المهمة، وارسال في بعثات ومهرجانات، والذي لم يتقرب منهم ب "العيني والاغاتي"، قاموا بترهيبه وتهديده، وبعض منهم اٌختطف وغيب واخرين كان مصيرهم القتل.

التساؤلات التي طرحت كثيرة، نذكر منها ما تم تداوله:

ما هي المعايير التي تم على أساسها اختيار الوفد؟ هل هناك خصائص محددة وجدت في هؤلاء ولم توجد في غيرهم؟ ولماذا هذا العدد الكبير من الأسماء؟ ولماذا وافقت هذه الأسماء على دعوة خرجت من أكثر سلطة إسلامية ميليشياتية متطرفة "حكومة الإطار" ملطخة اياديها بدماء شبيبة تشرين، وغارقة بالفساد والنهب؟ ثم هل شياع السوداني رجل تنويري او علماني او ديموقراطي؟ بماذا يختلف عن بقية رؤساء الوزراء؟ اليس هو من حزب الدعوة الإسلامية الذي يحكم العراق منذ 2003؟

"طائرة رئاسية خاصة"، اللعنة، مجرد سماع الخبر تصاب بالذهول، لم يفعلوها سابقا، الإسلاميون جادون تماما في شراء المثقفين، او من يعتقدون انهم "سيشكلون" عليهم خطرا في المستقبل، مع ان اغلب هؤلاء لم يسجل اعتراضا او ينشر منشورا يدين السلطة، وبعضهم كان ينتقد، لكن بشكل خجول ومهذب؛ فتحية لقوى الإسلام السياسي في نهجها هذا، نقطة تسجل لهم، فقد لوثوا سمعة هؤلاء المثقفين ومسحوا بهم الارض.

أحد المدونين، حسب بشكل طريف تكلفة هذه الطائرة الخاصة، فقال: فقط ذهاب هذه الطائرة الى تونس وعودتها يكلف نحو 200 ألف دولار، غير فنادق وطعام وسياحة الوفد، واكيد اعطائهم "مصاريف جيب"، ترى لم كل هذا؟ هل كما يقول مكتب السوداني " لتمثيل صورة العراق المشرقة أمام العالم"؟ وهل العراق بلد مشرق؟