في سؤال الحليف والخصم ..انتخابات تركيا مثالا


صلاح بدرالدين
2023 / 5 / 4 - 14:25     

( الأحزاب الكمالية في تركيا ، وحزب البعث في سوريا والعراق ، والبان ايرانيزم في ايران وتاليا الإسلام السياسي الشيعي ) ، هذه التيارات القومية المتطرفة التركية ، والعربية ، والفارسية ، وقفت ليس ضد طموحات الكرد المشروعة بل عملت على التخلص منهم ففي مراحل سابقة ولاحقة عبر حروب الإبادة ، والتمثلية القومية ، وتغيير التركيب الديموغرافي لمناطقهم .
وهي نفس التيارات المؤدلجة الدكتاتورية التي حكمت في تلك البلدان بطرق ملتوية ، واستخدام الدين وسيلة ، واحيانا عبر الانقلابات العسكرية ، وضد الديموقراطية ، وحقوق الانسان ، بل تحولت في مراحل معينة الى حوامل للمذهبية ، وتمثيل المصالح الفئوية والعائلية ، ومصدر للفتن والحروب الاهلية ، بمعنى كل طرف سياسي ، او حزب آيديولوجي عنصري تجاهل الكرد ، وقضيتهم ، وحقوقهم كان في الوقت ذاته ضد الديموقراطية ، والوحدة الوطنية ، والتقدم الاقتصادي ، والتطور الاجتماعي والسلام ، والتقدم ..
واجهت الحركة الوطنية السياسية الكردية طوال تاريخها ، إشكالية التميز بين أصدقاء وخصوم الكرد ، بين من يعترف بواقع الكرد ، ووجودهم ، وحقوقهم ، وبين رافض ، ومعادي ، والاشكالية الاخرى كانت ومازالت في الإدمان على إضاعة الفرص ، ولااستثني أحدا وانا من بينهم .
حزب كمال اتاتورك – حزب الشعب الجمهوري – االشوفيني تجاه الكرد والشعوب غير التركية الأخرى ، حارب الكرد قبل وبعد معاهدة – لوزان – وقاد حملات الإبادة بحقهم ، ووقف ضد وجودهم في كل المراحل ، وناصب منجزات إقليم كردستان العراق العداء ، واستقوى طوال تاريخه بالعسكر الذي كان دوما من حصته ، ولم يعترف يوما بحقوق الكرد في برامجه ، ومشاريعه السياسية عندما كان في الحكم والمعارضة ، ونفذ ( غزو قبرص ) التوسعي العدواني ، اما انه تناوب عدد من ذوي الأصول الكردية على رئاسة الحزب : ( عصمت اينونو – حكمت جتن – كمال كليجدار اوغلو – ) فلم يكن ذلك الا وسيلة لتضليل الراي العام ، واستثمار افراد انتهازيين مجردين من العزة القومية والوطنية ، يبحثون عن مصالحهم الشخصية ، لقد التقيت في أوقات مختلفة مع – حكمت جتن – وكمال كليجيدار اوغلو – وهما من ذوي الاصول الكردية ، ومع رئيس الحزب الأسبق ذو الأصل الشركسي – دنيز بايكال – وكانوا جميعا ( باستثناء موقف جتن نسبيا - ينكرون وجود كردستان تركيا ، ولايعتبرون انهم ينتمون الى شعب له تاريخ وحضارة الى جانب الشعب التركي ، ويرفضون فيدرالية كردستان العراق .
برنامج تحالف المعارضة او الطاولة السداسية حيث رشح – كليجيدار اوغلو – للرئاسة ، يخلو كليا من أي موقف إيجابي تجاه الكرد والقضية الكردية في تركيا ، وهذا يعني وفي حال نجاحه لن يكون ملتزما باية مبادئ او وعود حول حل القضية الكردية هناك ، بالإضافة الى الموقف السلبي تجاه وجود نحو أربعة ملايين لاجئ سوري في تركيا ، وعلاقات سابقة وراهنة مع نظام الأسد ، وهذا لايعني ان حزب العدالة الحاكم برئاسة اردوغان قد حسم امره إيجابا تجاه القضية الكردية وكذلك القضية السورية ، بل انه كما أحزاب المعارضة يتجنب الخوض في الموضوع الكردي في تركيا ، ولكن يسجل له انه تحاور في مرحلة ما بشان الملف الكردي وللمرة الأولى بعد الرئيس السابق – توركوت اوزال - وتقبل وساطة إقليم كردستان العراق ولكن لم تتحقق نتائج تذكر .
كرد تركيا ، ومن خلال تعبيراتهم السياسية ، ومجتمعهم المدني ، معنييون ومسؤولون عن اتخاذ الموقف السليم بصورة موحدة ، وهم ادرى بشؤونهم الداخلية ونتمنى ان لا تتكرر الأخطاء السابقة في إضاعة الفرص التي يتحمل – ب ك ك – مسؤولييتها ؟ على امل ان يكون لهم موقف واحد مستقل ومدروس انطلاقا من مصالح الشعب الكردي ، ومصلحة الديموقراطية في عموم تركيا ، لان اتخاذ الموقف السليم من جزء يشكل فيه الكرد اكثر من نصف اكراد العالم ، قد يساهم في تصحيح المسار التدميري الذي يسلكه – ب ك ك – تجاه مختلف أجزاء كردستان وخصوصا في سوريا .
ولايمكن في أي حال تبرير عداء او كره اوساط كردية من الرئيس الحالي – اردوغان – بلجوئها الى العمل حتى مع ( ابليس ) ، فلديهم في حال اتحادهم خيارات كثيرة يمكن من خلالها تحقيق إنجازات قومية ، ووطنية ، وديموقراطية ، والاسابيع القادمة كفيلة بتوضيح المسار ونتائجه .
اما قلقنا النابع من الحرص، فله مبرر بسبب تهديدات – ب ك ك – لكل من لاينصاع الى ارادته ، ولان هناك جذور تاريخية تربط قيادات هذا الحزب أولا با – الارغنكون – أي تركيا الكمالية العميقة ، وبالبعث السوري منذ عهد حافظ الأسد ، والعراقي تاليا خلال مرحلة معسكر مخمور في عهد البعث وسنجار بعهد الحشد الشعبي حاليا ، والشيعية السياسية المركزية بايران ، ثم نظام الأسد الابن البعثي أخيرا .
ومن الواضح جدا والمؤلم بالوقت ذاته ان تلك السياسات ، والمواقف قد اضرت بالقضية الكردية بالمنطقة ، وحالت في العديد من المراحل دون إيجاد الحل الديموقراطي السلمي لها على ضوء مبدا حق تقرير المصير ، إضافة الى تهديدها لكل المكاسب التي تحققت بفضل التضحيات الجسيمة وخصوصا في إقليم كردستان العراق .